بعد إظهار مسلسل "لام شمسية" لنموذج الأم، التي بالرغم من معرفتها بأن ابنها ارتكب أفعالًا خاطئة، تصر على إنكار الحقيقة وتقاوم أي اتهامات توجه إليه، بل وتهاجم كل من يشير إلى عيب ابنها، نستعرض مع استشاري، الأسباب النفسية التي تدفع الأم لهذا السلوك، وكيفية تأثير ذلك على الأولاد وعلى علاقاتهم المستقبلية، سواء داخل الأسرة أو في المجتمع.
ومن جهته، أكد الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي، في تصريح خاص لبوابة " دار الهلال"، أن هذا السلوك التي تتبناه عدد ليس بقليل من الأمهات في الوقت الحالي، ينبع في كثير من الأحيان من مشاعر داخلية معقدة مثل الإحساس بالذنب تجاه التربية أو الخوف من مواجهة الحقيقة القاسية عن الأبناء، فقد تكون على علم بأن طريقتها في التربية، سواء من خلال الإهمال أو الإفراط في التدليل والخوف، ساهمت في تشكيل سلوكيات سلبية لدى أبنائها، ما يجعلها تلجأ إلى الإنكار كآلية دفاع لتخفيف الضغط النفسي عن نفسها، والمقاومة والإنكار هنا لا يقتصر على أخطاء بسيطة، بل يمتد إلى مشكلات كبيرة مثل تعاطي الأبناء للمخدرات، أو ارتكابهم أفعالًا غير أخلاقية، أو حتى فشلهم في الحياة الاجتماعية والعملية.

وأضاف استشاري الطب النفسي، أن الأم التي تنكر أخطاء أبنائها وتُبالغ في حمايتهم ليست فقط تضرهم على المدى البعيد، بل تساهم في تكوين شخصيات غير ناضجة وغير قادرة على تحمل المسؤولية، لأن التربية السليمة لا تعني السيطرة المطلقة أو الإنكار المستمر، بل تعتمد على تحقيق توازن بين الحب والدعم وبين إعطاء الأبناء مساحة للاستقلالية والتعلم من أخطائهم، ليكونوا قادرين على مواجهتها.
وأكمل فرويز، أن هناك نموذج آخر من الأمهات التي تنكر حقيقة وعيوب أولادها، وهي التي تفرض سيطرتها الكاملة على أبنائها منذ الصغر نتيجة الخوف الزائد عليهم، والذي يصل إلي حد منعهم من الاعتماد على أنفسهم، سواء في اتخاذ القرارات أو تحمل المسؤوليات، مما ينتج شخصيات اعتمادية وسلبية، لأنها أصرت على مرافقتهم في كل خطوة، ومنعتهم من التفاعل الطبيعي مع المجتمع، وخلقت لديهم شعورًا دائم بعدم القدرة على الاستقلال، وحينما يصلوا لمرحلة البلوغ أو الزواج، يجدوا أنفسهم غير قادرين على مواجهة الحياة بمفردهم، فيلجئوا إلى شريك يعتمدون عليه كما كان يعتمدوا على أمهاتهم، مما يضع عبئًا مضاعفًا على الزوجة، وتزداد الأزمة تعقيدًا حين تتدخل الأم بشكل مفرط في حياة ابنها الزوجية، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى الطلاق والمشكلات الأسرية.