وسط التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة والتحديات المعقدة التي تواجه المنطقة والدولة أصبح من الضروري فتح آفاق جديدة للحوار الوطني تتناول قضيتي مستقبل المنطقة وموقف الدولة تجاه الأطراف المختلفة إضافة إلى مراجعة السياسات الثقافية والإعلامية التي تعكس هموم وتطلعات المجتمع المصري من أجل تعزيز أمن واستقرار الدولة من جهة وتحفيز التجديد والإبداع في المشهد الثقافي والإعلامي من جهة أخرى وذلك في إطار الحوار الوطني الشامل الذي يسعى لتأمين مصالحنا الوطنية وتحقيق تنمية مستدامة ترتكز على قيم العدالة والشفافية والتعايش المشترك ولعل اختيار رئاسة الوزراء هذين المحورين موفقا فنحن بحاجة إلى وضع إطار عمل استراتيجي يأخذ في الاعتبار التحولات الإقليمية والدولية مع تحديد مواقف واضحة للدولة تجاه كافة الأطراف ذات العلاقة بإنشاء منصات حوارية تجمع ممثلي الجهات الأمنية والدبلوماسية والسياسية لتحليل المتغيرات السياسية بشكل دوري وتقديم توصيات فورية لصناع القرار كذلك تعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف مع الدول المجاورة والمنظمات الدولية لتخفيف المخاطر وتأمين استقرار المنطقة ومن المهم أيضا أن يكون لدينا إعداد لسيناريوهات مستقبلية ودراسات تحليلية تساعد في توقع التحديات المحتملة وتطوير خطط عاجلة لحماية مصالح الدولة وأهمية تنظيم حملات إعلامية تشرح للمواطنين الموقف الوطني والإجراءات المتخذة لضمان أمن واستقرار البلاد مما يعزز الثقة والشفافية.
أما ما يتعلق بملف الدراما والإعلام الذي أعادته للواجهة تصريحات الرئيس السيسي فمن المهم البناء على مخرجات الحوار الوطني السابق في الملفات الثقافية لتحقيق مزيد من التطور في سياسات الإعلام والدراما بما يتوافق مع متطلبات الرأي العام وفتح قنوات تواصل مباشرة مع المثقفين والخبراء في ميادين الإعلام والفنون والاستماع إلى رؤاهم ومقترحاتهم لتطوير السياسات الثقافية والإعلامية كذلك من المهم تطوير إطار تنظيمي حول حرية التعبير والإبداع في الإعلام والدراما مع ضمان حقوق المبدعين وتشجيعهم على تقديم محتوى يعكس الهوية الوطنية والقيم الاجتماعية كما يمكن عقد ورش عمل ومنتديات للنقاش بين الجهات الحكومية والأهلية لتبادل الخبرات وابتكار حلول عملية للتحديات التي تواجه المشهد الإعلامي والثقافي أو إنشاء آليات تقييم دورية لمتابعة تنفيذ توصيات الحوار الوطني في المجال الثقافي والإعلامي مع تقديم تقارير شفافة تضمن استمرارية التطوير والاستجابة للتغيرات مدركين أن أي إحداث لتغيير ملموس في هذا الملف يتطلب تنسيقا مشتركا بين جميع الأطراف المعنية وتفعيل دور الحوار المفتوح لضمان تحقيق مصالح الدولة المصرية في ظل التحديات السياسية والاقتصادية والثقافية المتلاحقة.
إننا على موعد جديد يؤكد ويرسخ أهمية العمل المشترك والحوارات البناءة في مواجهة التحديات الراهنة التي تواجه الدولة إذ يجسد الملف الأول الالتزام بتأمين مصالح الدولة في ظل المتغيرات السياسية والأمنية الإقليمية والدولية وضرورة اتخاذ خطوات استراتيجية لحماية استقرار المنطقة وتفادي المخاطر المحتملة أما الملف الثاني فيسلط الضوء على أهمية الحوار الوطني الشفاف في المجال الثقافي والإعلامي والذي يعتبر ركيزة أساسية لتعزيز الهوية الوطنية وتقديم صورة حقيقية عن واقع المجتمع المصري ومن خلال ربط هذين المحورين نجد أن مواجهة التحديات التي تواجه الدولة اليوم تتطلب تكاتف جميع الجهات المعنية وإرساء أسس حوار شامل يربط بين السياسات الخارجية والأمنية من جهة والمجالات الثقافية والاجتماعية من جهة أخرى بما يضمن تحقيق تنمية مستدامة تقوم على العدالة والشفافية والوحدة الوطنية.