الإثنين 14 ابريل 2025

ثقافة

جلسة حوارية على هامش المؤتمر الدولي الأول للعلوم البينية بمكتبة الإسكندرية

  • 9-4-2025 | 16:22

جانب من الجلسة الحوارية

طباعة
  • دعاء برعي

شهدت مكتبة الإسكندرية جلسة محاضرات افتتاحية على هامش مؤتمر "نحو استكشاف آفاق علمية جديدة: ديناميات التداخل البيني للعلوم في المستقبل"، وترأس الجلسة الدكتور سامح فوزي؛ كبير باحثين بمكتبة الإسكندرية، وشارك فيها الدكتور أشرف حيدر غالب؛ أستاذ الجراحة العامة بجامعة القاهرة، ورئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا سابقًا، والرئيس المؤسس لجامعة الجلالة سابقًا، والدكتور بهاء دوريش؛ أستاذ الفلسفة المتفرغ بكلية الآداب جامعة المنيا، والدكتور هشام العسكري؛ أستاذ الاستشعار عن بعد وعلوم نظم الأرض، كلية شميد للعلوم والتكنولوجيا، جامعة تشابمان، وشارك عبر تقنية الفيديو من تونس الدكتور حسين بو عزيزي؛ أستاذ علم الاجتماع جامعة منوبة.

ألقى الدكتور أشرف حيدر غالب؛ محاضرة بعنوان "دمج المفاهيم البيئية والعابرة للتخصصات في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي"، مؤكدًا أن العالم يتغير بوتيرة سريعة خلال العشر سنوات الأخيرة كما تتصاعد هذه الوتيرة في الوقت الحالي، مشددًا على أن مستقبل العالم في خطر لوجود خطر استعمار فكري وتكنولوجي وهو ما يتطلب عمل جاد من مصر للمشاركة في التطور التكنولوجي وحماية المجتمع من هذا الاستعمار الجديد.

وأضاف أن الذكاء الاصطناعي وما هو قادم بعده يعد تغيرات سريعة تتزامن مع تأثيرات وخطر مجتمعي مازلنا نحاول أن نرصده، متطلعًا لوجود تحكم إنساني يسيطر على هذه التكنولوجيا، وإيجاد طريقة للحفاظ على الكون والمجتمعات.

وتحدث غالب عن تأثير التداخل بين التخصصات العلمية على المهن المستقبلية، وأنواع النهج التخصصي المتداخل، والمتطلبات الأساسية لنجاح عمل متعدد التخصصات، وكيفية تطبيق حلول مبتكرة وإدارة جميع الجهود لتحقيق ذلك، مشددًا على أن الإبداع والابتكار والتحول الرقمي سوف يقود إلى التنمية المستدامة.

فيما طرح الدكتور بهاء درويش عدداً من التساؤلات في محاولة لاستشراف مستقبل العلم وبينيه التخصصات، ولكن في البداية لابد من التفريق بين التخصص والعلم، فالعلم يمكن أن يصبح تخصص إذا تم دراسته في إطار مؤسسي.

وسرد درويش تاريخ ظهور التخصصات العلمية المعاصرة والتي ظهرت لأول مرة في ألمانيا عندما تحولت المعاهد إلى تعليمية وبحثية، وفي هذا السياق ظهرت البينية في القرن التاسع عشر عند دمج تخصصين، أما مفهوم التعددية العلمية فقد ارتبط بثقافة التمويل في عشرينيات القرن الماضي بظهور معاهد يتم تمويلها لعمل دراسات تضع سياسات وخطط قائمة على دراسة علمية.

وأضاف: "في الحرب العالمية الأولى ظهرت الابحاث البينية وفي الحرب العالمية الثانية زاد الاعتماد عليها، وكانت نواة التمويل البحثي للعلم وفتح المجال أمام تمويل الأبحاث على النطاق الواسع، كما لا يمكن إغفال السياق السياسي مثل الفترة التي شهدت انهيار الاتحاد السوفيتي". 
وعن استشراف المستقبل، أكد درويش أن كل مراحل العلم أصبحت مفتوحة ولا تتوقف المشاركة على العلماء والباحثين فقط ولكن يمكن للمواطن العادي المشاركة، لكونها تبحث عن حلول لمشكلات المجتمع". 
وألقى الدكتور هشام العسكري محاضرة بعنوان "التعطيل، والتصميم، والتكامل: خارطة الطريق إلى ما وراء التخصص، من خلال البحث التعاوني"، متحدثًا عن خارطة الطريق من تعدد التخصصات إلى التعددية التخصصاتية بمعنى البحث التعاوني، فبدون البحث العلمي وبدون هذا التعاون لن نصل إلى مشروع متكامل. 
وأشار العسكري إلى أن المشكلات العالمية تحتاج إلى عملية متكاملة ومدروسة جيدًا للتعامل معها من علوم وتخصصات مختلفة، لهذا السبب لابد من الخروج من تعدد التخصصات والأبعاد والتعمق في التحديات، وبدلًا من الحديث عن الطرق أو الأدوات التحدث عن عملية إنجاز شيء ما.

وأضاف: "نحن نتجه نحو التكامل في العلوم، بدأ هذا بمجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، والخطوة التالية، هي STEAM أي دمج الفنون والعلوم الإنسانية في مفهوم STEM".

وتابع: "من أبرز إنجازاتي في حياتي كأحد مظاهر التعددية التخصصية البحث الذي أجريته مع الدكتور مجدي يعقوب، حيث أجرينا عدة أبحاث معًا، أنا متخصص في رصد الأرض والأقمار الصناعية وعلم البيانات، وفي الوقت نفسه انخرطتُ بشكل كبير معه في مشروع عملنا عليه يتعلق بأمراض القلب، ونشر البحث في مجلة "علم وممارسة طب القلب العالمي".

فيما ألقى الدكتور سامح فوزي محاضرة بعنوان "التنمية... خبرة التقاء العلوم الاجتماعية"، موضحًا أن التنمية، بأبسط تعريف لها، هي اكتساب مجموعة من المعارف من خلال تغيير اجتماعي معين، وقد وُلدت التنمية في الاقتصاد ثم اتضح أنها تتجاوز محتواها الاقتصادي، ودخلت مجال التنمية البشرية ثم انتقلت إلى موضوع السياسات العامة، وفي كل مرحلة من هذه التحولات كان هناك جدل كبير في مجال التنمية.

وأوضح فوزي أن القضية الرئيسية والجوهر في كل هذا الحديث عن التنمية هي قضية الفقر، ثم تطور مفهوم الفقر واكتسب معنىً آخر وهو التهميش ثم في مرحلة لاحقة اكتسب عدم المساواة معنىً آخر، وإذا نظرنا إلى أهداف التنمية المستدامة نجد أن الهدف العاشر هو الهدف الجوهري أو المحوري فيها وهو الحد من أشكال عدم المساواة. 
وأشار فوزي إلى أن التنمية قد يكون لها معنى اقتصادي، أو اجتماعي، أو ثقافي، أو جغرافي، لذا فإنها متعددة الأبعاد تتطلب تدخلات متعددة الأبعاد، ولا يمكن إيجاد حل نهائي لمشكلة التنمية.

وتابع: "فإن الحلول التقليدية لا تناسب المشكلات متعددة الأبعاد، ومع تعقيد المجتمعات وتزايد درجة عدم اليقين في كثير من القرارات تزداد المشكلات تعقيدًا وتتطلب الحلول تدخلات أكثر تعقيدًا".

وتحدث عن الإشكاليات التي تواجه التنمية من منظور دول العالم الثالث؛ من بينها فكرة الهوية العلمية للتنمية، والموقع الجغرافي، والعنصر البشري، والمعرفة المحلية والبحث العلمي وأخيرًا النظم الإدارية وعلاقتها بصانع السياسات العامة.

واختتمت الجلسة بمحاضرة من الدكتور حسين بو عزيزي؛ بعنوان "سوسيولوجيا الجنوب: نحو سوسيولوجيا ذاتية النشأة"، قائلاً: "نحن اليوم نفكر في مجتمعاتنا ونراها بعيون غيرنا التي تدرس مجتمعات غير مجتمعاتنا وتقترح حلولا لا تصلح لنا".

ودعا "بو عزيزي" إلى التحرر من التفكير الغربي، وعلم اجتماع "الأقنعة البيضاء" انتهت اليوم وكل مفاهيمها من التاريخ ولم تعد تفيد في شيء، وآن الأوان أن ننتقل إلى تفكير بديل هو علم اجتماع الجنوب، وأن نتعاون مع اقتسام المعرفة مع الآخر ولا ننتظر من الأخر، مختتمًا: "لابد من التفكير في مساحة تقارب مع المعارف المهمشة، لنصل إلى معرفة فلسفية محلية النشأة".

الاكثر قراءة