تحتفل مصر بالذكرى الـ43 لتحرير سيناء، ذلك اليوم الذي يوافق 25 أبريل من كل عام، ويجسد ذكرى استرجاع أرض الفيروز في ضوء نتائج حرب السادس من أكتوبر 1973، وعلى مر السنوات الماضية، خاضت مصر حرب أخرى لا تقل أهمية عنها، وهي حرب مواجهة الجماعات الإرهابية في سيناء، والتي استمرت لمدة عشر سنوات، تحديدًا منذ عام 2013، إلا أنها أخذت منحى غير مسبوق بعد إطلاق العملية الشاملة في فبراير 2018، لتنجح في دحر الإرهاب وتطهير أرض سيناء من عناصره وتنطلق أرض الفيروز نحو التنمية والعمران في كل المجالات.
تطهير سيناء من الإرهاب
وشهدت سيناء منذ عام 2013، تصاعد حدة العمليات الإرهابية، التي لم تفرق في هجماتها بين المدنيين العزل ورجال الجيش والشرطة، وفي المقابل خاضت القوات المسلحة بمعاونة رجال الشرطة، حربًا ضد الإرهاب بالعديد من العمليات العسكرية التي استهدفت اقتلاع الإرهاب من جذوره، ومنها عملية "حق الشهيد"، وتطهير جبل الحلال، فضلًا عن العمليات النوعية ضد الجماعات الإرهابية.
وفي 24 نوفمبر 2017، ارتكبت يدي الإرهاب الآثمة واحدة من أبشع جرائمها، عبر مهاجمة مسجد الروضة في العريش بمركز بئر العبد شمال سيناء، خلال أداء صلاة الجمعة، ما أسفر عن استشهاد 300 مواطن من أهالي بئر العبد، لتفتح هذه الدماء الطاهرة أبواب الحرب على الجماعات الإرهابية هناك.
فعلى إثر ذلك، طالب السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي قادة الجيش والشرطة باستخدام كل القوة الغاشمة حتى اقتلاع الإرهاب من جذوره، ليعلن بذلك عن إطلاق "العملية الشاملة سيناء 2018" في مواجهة الإرهاب، وذلك بعد اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة في سبيل إنجاحها.
العملية الشاملة سيناء 2018
وفي التاسع من فبراير 2018، بدأ تنفيذ "العملية الشاملة سيناء 2018" ميدانيًا في مناطق وسط وشمال سيناء، ومناطق أخرى بدلتا مصر، والظهير الصحراوي غربي وادي النيل، حيث استهدفت البؤر والأوكار ومخازن الأسلحة والذخائر التي تستخدمها العناصر الإرهابية كقاعدة لاستهداف قوات إنفاذ القانون والأهداف المدنية بوسط وشمال سيناء.
شارك في العملية مختلف أفرع القوات المسلحة، حيث عملت القوات البحرية على تشديد إجراءات التأمين على المسرح البحري بغرض قطع خطوط الإمداد عن العناصر الإرهابية، بينما عملت القوات الجوية على استهداف بؤرها وأوكارها، في حين قامت قوات حرس الحدود بزيادة إجراءات التأمين على المنافذ الحدودية، كما شاركت قوات الشرطة بغرض حماية المناطق السكنية وحماية مواطنيها في المناطق المذكورة.
واعتبرت "العملية الشاملة سيناء 2018"، بمثابة حرب شاملة على الإرهاب على مختلف الاتجاهات، ففي خضمها نجد أن القوات المسلحة شرقًا في استكمال إقامة المنطقة العازلة على الشريط الحدودي لقطع طرق الإمداد، فضلًا عن اكتشاف وتدمير عدد كبير من الأنفاق بهذه المنطقة للحد من الأضرار التي لحقت بالقوات المسلحة والأمن القومي المصري، بسبب استخدام العناصر الإرهابية لها لتهريب الأسلحة والمواد المتفجرة.
وفي ذات الجهة، تم كذلك فرض حصار كامل على البؤر الإرهابية في شمال سيناء، مع تشديد الإجراءات الأمنية على المعابر والمعديات في قناة السويس لمنع انتقال العناصر الإرهابية من وإلى سيناء.
وعلى الاتجاه الغربي الجنوبي للبلاد، نجحت قوات حرس الحدود بالتعاون مع القوات الجوية في تكثيف ضرباتها الناجحة لمكافحة التسلل وتهريب الأسلحة والذخائر، مع تمشيط الطرق والمدقات لملاحقة أي عناصر إرهابية إجرامية.
تفكيك بنية التنظيمات الإرهابية والأوكار الإجرامية
وحققت القوات المشاركة في "العملية الشاملة سيناء" نجاحات كبيرة في تفكيك بنية التنظيمات الإرهابية والأوكار الإجرامية، وقطع خطوط الإمداد والتموين، ومحاصرة العناصر الإرهابية، وذلك ليس في سيناء وحدها، بل في جميع المحافظات.
كما نجحت في تأمين كافة المنافذ الحدودية للدولة، والأهداف الحيوية داخل المحافظات المصرية، بجانب استهداف قيادات التنظيم الإرهابي في شمال ووسط سيناء، وتدمير كافة البؤر الإرهابية المكتشفة، والقبض على أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية والمطلوبة جنائيًا.
يُضاف إلى ذلك، أنها نجحت في تدمير البنية التحتية للعناصر الإرهابية، واكتشاف وضبط أعداد كبيرة من العربات والدراجات النارية الخاصة بالعناصر الإرهابية، وكميات كبيرة من المواد المتفجرة والأسلحة والقنابل والعبوات الناسفة.
ميدانيًا، شملت العمليات العسكرية كافة الاتجاهات والمحاور المستهدفة، وليس في شبه جزيرة سيناء فقط، ما سيسهم فيما بعد في القضاء على الإرهابيين، بفضل قطع طرق الإمداد المالي أو اللوجستي للعناصر الإرهابية في سيناء وغيرها من البؤر المستهدفة، وذلك بسبب نجاح عمليات الرصد الدقيق من أجهزة الاستخبارات، وتضييق الخناق عليهم، وانتشار القوات في كافة الأماكن.
القضاء على الإرهاب
وفي يناير 2023، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الاحتفال بعيد الشرطة، أن مصر أصبحت خالية من الإرهاب، بعد عشر سنوات من محاربته، مؤكدًا أن البلاد دفعت ثمنًا باهظًا لذلك.