عارضت وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، ما وصفته بـ"الفراغات الكبرى" في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاقتصادية، قبيل مباحثات ستجريها اليوم (الجمعة) في العاصمة واشنطن، مع نظيرها الأمريكي سكوت بيسنت، معربة عن "اعتزازها بأن المملكة المتحدة لديها سمعتها العالمية المنفتحة".
ونقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية عن ريفز، التي ستناقش اليوم إمكانية إبرام اتفاق تجاري بريطاني أمريكي محتمل مع وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت ، قولها أثناء اجتماعات الربيع لـ"صندوق النقد الدولي" إنها ترغب في "تقوية" وضع بريطانيا كاقتصاد مفتوح.
وقالت ريفز إن العالم لابد أن يتكيف مع "عصر جديد من التجارة العالمية"، وأن يتقبل إصرار الرئيس الأمريكي على علاج ما وصفته بـ"الاختلالات المفرطة للتجارة العالمية".
بيد أنها أكدت أن الاستقرار العالمي يعتمد على تقليل العوائق التجارية واحترام المؤسسات العالمية، وأي منهما غير موجود كسمات مميزة في رئاسة ترامب حتى الآن.
تابعت ريفز قائلة "نحن الآن في عصر جديد من التجارة العالمية. وفي مثل ذلك العصر، فإننا بحاجة إلى نظام يوفر لنا الأمن للأيدي العاملة، والاستقرار للشركات، والرفاهية للاقتصادات الوطنية." ، وأضافت "للوصول إلى ذلك، لابد أن ننجز ثلاثة أشياء: علاج الاختلالات العميقة للتجارة العالمية، وتقليص القيود على التجارة، وتعزيز المؤسسات المتعددة الأطراف القوية."
جاءت تعليقات ريفز قبيل اللقاء المرتقب مع بيسنت، التي ستسعى للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق بريطاني- أمريكي لخفض رسوم ترامب الجمركية المرتفعة على الصادرات البريطانية- التي تشمل 25 في المائة على السيارات والصلب.
وذكرت ريفز أن بريطانيا ستبحث إجراء خفض للتعريفات على الواردات من الولايات المتحدة كجزء من الاتفاق مع الولايات المتحدة، ولا تمانع اقتراحا بأن بلادها ربما تخفض الرسوم الجمركية التي تفرضها بنسبة 10 في المائة على السيارات المصنعة في الولايات المتحدة، لتصل إلى 2.5 في المائة.
من جانبه، يقول وزير التجارة السابق من حزب المحافظين، جريج هاندز، إنه تعمد الاحتفاظ بفرض نسبة 10 في المائة على السيارات الأمريكية بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، كأداة مساومة في أي مفاوضات تجارية مستقبلية مع واشنطن.
جاءت تعليقات ريفز لتسلط الضوءعلى أن الرسوم الجمركية البريطانية المفروضة على السلع والبضائع الأمريكية، أغلبها كانت مؤجلة من قبل عصر "بريكسيت" حينما كانت المملكة المتحدة لازالت جزءاً في الاتفاق الجمركي التابع للاتحاد الأوروبي.
وأشارت صحيفة "فاينانشيال تايمز" إلى أنه بينما قلصت المملكة المتحدة بعض الرسوم بعد مغادرتها الاتحاد الأوروبي، فإن أغلبها بقي مرتفعاً بالنسبة لصناعات تحظى بأهمية تصديرية بالنسبة للولايات المتحدة، وتشمل المنتجات الزراعية- مثل اللحوم، ومنتجات الألبان، والمأكولات البحرية- علاوة على المنسوجات، والكيمياويات، والمواد الفعالة في المنتجات الدوائية والصيدلانية.
فعلى سبيل المثال، بقيت الرسوم الجمركية البريطانية المفروضة اللحوم المجمدة عالية الجودة القادمة من الولايات المتحدة عند 12 في المائة، وفي المقابل فإن مصدري اللحوم الأيرلندية بوسعهم إرسال منتجاتهم إلى بريطانيا بدون رسوم بموجب اتفاق التجارة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
في أحدث تقرير سنوي لها بشأن القيود التجارية الأجنبية، أفردت الممثلية التجارية الأمريكية بعض "الرسوم المرتفعة" على الصادرات الأمريكية إلى المملكة المتحدة، من بينها 25 في المائة على بعض أنواع ومنتجات الأسماك والمأكولات البحرية، و10 في المائة على السيارات والشاحنات، ونسبة تصل إلى 6.5 في المائة على مواد معينة أو كيمياويات مستخدمة في الأسمدة.
وقالت المسؤولة السابقة بوزارة التجارة البريطانية، آلي رينسون، التي تعمل حاليا في شركة "إي إي سي نيوجيت" الاستشارية، إن إزالة تلك الرسوم أو خفضها سيكون لها "تأثير ملحوظ" بالنسبة لبعض المصدرين الأمريكيين، ممن يعتمدون جزئياً على وجود نظام الحصص، ومدى تأثرهم بشكل سريع بأي تغييرات في الرسوم الجمركية بمجرد دخولها حيز التنفيذ.
غير أن رينسون أضافت أن العديد من التدابير غير الجمركية والتنظيمية- بدءاً من معايير سلامة الغذاء التي تحظر اللحوم المعالجة هرمونياً وصولاًإلى ما يطل عليها المؤشرات الجيوغرافية التي تفرض للحماية من المنافسين الأجانب بالنسبة لمنتجات محلية مثل الجبنة الشيدر والخمر الاسكتلندي- سوف تجعل من الصعوبة بمكان أمام الصناعات الأمريكية أن تحظى بالفرصة الكاملة للوصول إلى الأسواق البريطانية.
وتابعت رانيسون أن خطط المملكة المتحدة للالتزام التام بمعايير الغذاء للاتحاد الأوروبي، كجزء من الاتفاقية البيطرية الخاصة بذلك في حقبة ما بعد "بريكسيت" التي وضعت لتسوية العلاقات بين الجانبين، ستحد أيضاً من قدرة بعض المصدرين الأمريكيين، رغم أن بريطانيا لازال لديها هامش لقبول دخول منتجات أمريكية بتعريفات منخفضة لتلبية تلك المتطلبات.
وكانت المملكة المتحدة أكدت أنها لن تخفض من معاييرها بشأن الغذاء والمنتجات الزراعية لترضح للمطالب التي تقدمت بها الولايات المتحدة، التي لطالما حثت بريطانيا على التخلص من إرث معايير الاتحاد الأوروبي، التي تراها واشنطن "غير علمية" وحمائية.
وأفادت ممثلية التجارة الأمريكية بأن مصدري المنتجات الزراعية الأمريكية "منزعجون بصورة متزايدة" حيال استمرار المملكة المتحدة في تمسكها بنهج الاتحاد الأوروبي المنظم للكيمياويات والمبيدات الزراعية، التي قالت إنه يخلق قيوداً "لا تبدو أنها تستند إلى أسس علمية."