تُعد قصيدة «لا تبكينَّ على الطَلَل» للشاعر أبو نواس، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، والتي حفظها العرب، وتناقلوها فيما بينهم.
ويعرف «أبو نواس» بأنه أحد أبرز الشعراء في العصر العباسي، الذين كتبوا قصائد تميزت بالغزل والمدح والفخر، وعلى رأسها قصيدة «لا تبكينَّ على الطَلَل».
تعتبر قصيدة «لا تبكينَّ على الطَلَل»، من أجمل ما قيل في الشعر العربي، ومن أشهر القصائد، وتحتوي على 39 بيتًا، تميز شعر أبو نواس بسلاسة الألفاظ وسهولة المعاني وصدق العاطفة كما جاء بالقصيدة.
وإليكم القصيدة:
لا تبكينَّ على الطَلَل
وعلى الحبيبِ إذا رحَل
من غابَ عنكَ فلا تقل
يا ليتَ شعري ما فعَل
إن تلتمس بدلاَ بهِ
يوماً تجد ألفي بدَل
وأباكَ فاعصِ ولا تطع
وأخاكَ فاجفُ ولا تصل
والجارَ خلّ سبيلَهُ
وأقذفهُ من أعلى جبَل
والجارَ إن تحفظ لهُ
حقاً فجهلُكَ قد كمل
وأقطع من الرحم الذي
بكَ في المناسبةِ اتّصَل
وإذا أخ يوماً بهِ
عثرَ الزمان فلا تقل
واجعل يديكَ على التي
ملكت يداه بالحيل
وإذا أباك غششتَهُ
فعَن الغريبِ فلا تسَل
وليضربِ الثقلانِ في
نقضِ العهودِ بك المثل
دع عنكَ قولَ الناسِ هذا لا يجوز ولا يحل
وأطع هواكَ وغادِها
صهباءَ ترمي بالشعَل
ونكِ الغلامَ إذا نشا
وإذا التحى وإذا اكتهل
وحريمَ جارِكَ فانتهك
والمالَ منهُ فاستحل
وإذا دُعيتَ إلى التقى
والصالحاتِ من العمَل
فأجب بأن لا ناقةٌ
لي في الصلاح ولا جمل
لا تحفلنَّ بمَن لحا
كَ على هواك ولا تبَل
لا تضمرنّ إلى الذي
صاحبتَهُ إلّا الدخَل
وأجب إذا عطسَ الندي
مُ بذبحةٍ وإذا سعَل
سيّان عندكَ فليكن
مَن لمي صلكَ ومَن وصَل
واشهر بسفيِكَ مصلتاً
واقطع على الناس السُبل
واسلك سبيلاً واحداً
بذوي التفرّقِ في المِلَل
واضمر لهم سُمّاً وهَب
لهمُ من القولِ العَسَل
حتى إذا أمنوكَ مِن
جهلٍ ومثلهمُ جهَل
فاقتلهمُ واصلبهمُ
جمعاً على أعلى دَقَل
وإذا أتى شهرُ الصيام
ففيه بالمَرض اعتلل
وإذا سُئِلتَ أجائزٌ
فيه اللواطُ فقُل أجَل
منعَ النفوسَ من التي
تهوى العظيمُ من الزلَل
لا تقربِ البيتَ الحرا
مِ وخلّه حتى يحَل
وإذا رأيت ركائباً
نحو الحجيج حدَت فقُل
ما لي يُطوّفُ بي وما
أنا بالأسير على جَمَل
فإذا كبرتَ ولم تطق
حملَ الصوارمِ والأسَل
فخذِ الزجاجَ ورضّهُ
واطرحهُ في طرُقِ السفَل
فبذاكَ أنتَ مجاهدٌ
ولكَ الغنيمةُ والمَثَل
وإلى إلهكَ في التجاوزِ
عن خاياك ابتهِل
فهو المجيبُ لمَن دعا
وهو الجوادُ إذا سُئِل
هذي وصاةُ أبي نؤاس
مُذ نشا لذوي الجدَل
أوصى بها من بعدما
لاقى من الدهر الدوَل