ذكرت وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" الأمريكية، أن الكنديين سيُقررون اليوم الاثنين ما إذا كانوا سيُمددون حكم الحزب الليبرالي الذي استمر عقدًا من الزمان أم سيسلمونه للمحافظين؟! وسيتعين عليهم اختيار إما رئيس الوزراء مارك كارني أو زعيم المعارضة بيير بويليفر لقيادة المرحلة المقبلة، وذلك في أجواء شديدة التعقيد تُهيمن عليها الحرب التجارية الذي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتصريحاته التي دائمًا ما يوجهها لكندا.
وأشارت الوكالة، في سياق تقرير، إلى أن الليبراليين في كندا، والذين عادةً ما كانوا يميلون نحو التحالف مع المسئولين في الجارة الشمالية، يتجهون نحو الهزيمة بعد تراجع شعبيتهم بشكل كبير منذ أن فاز ترامب بولاية ثانية وبدأ يهدد اقتصاد كندا وسيادتها بل واقترح أن تصبح البلاد الولاية رقم 51 لأمريكا.
ويتوجه الكنديون إلى صناديق الاقتراع في الوقت الذي تُكافح فيه البلاد تداعيات هجوم دهس مميت بسيارة يوم أمس الأول في فانكوفر، ودفعت المأساة التي وقعت عشية الانتخابات إلى تعليق الحملات الانتخابية لعدة ساعات في حين استبعدت الشرطة فرضية الإرهاب، وقالت إن المشتبه به رجل من السكان المحليين لديه تاريخ من مشاكل الصحة العقلية.
وأضافت "أسوشيتيد برس" أن عدائية ترامب أثارت غضب العديد من الكنديين، مما دفع الكثيرين منهم إلى إلغاء إجازاتهم في الولايات المتحدة ورفض شراء المنتجات الأمريكية، وربما حتى التصويت مبكرًا حيث أدلى 7.3 مليون كندي بأصواتهم قبل يوم الانتخابات، وهو رقم قياسي، كما وضع ترامب بويليفر وحزب المحافظين في موقف دفاعي بعد أن بدا أنهم متجهون نحو فوز سهل قبل أشهر فقط.
وقال كارني مؤخرًا، موضحًا ما اعتبره مخاطر الانتخابات، : "يريد الأمريكيون تحطيمنا حتى يتمكنوا من امتلاكنا.. هذه ليست مجرد كلمات.. فمستقبل بلادنا على المحك".
وبحسب "أسوشيتيد برس"، كان بويليفر ، الشعبوي المتعصب الذي خاض حملته الانتخابية بتفاخر أقرب إلى شخصية ترامب، يأمل أن يجعل من الانتخابات استفتاءً على رئيس الوزراء السابق جاستن ترودو، الذي تراجعت شعبيته مع نهاية عقده في السلطة بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والسكن وزيادة معدلات الهجرة، لكن مع تصاعد دور ترامب ليصبح القضية المهيمنة، باتت أوجه الشبه بين بويليفر والرئيس الأمريكي تهدد مستقبله الانتخابي.
وتعليقًا على ذلك، قال المؤرخ الكندي روبرت بوثويل عن زعيم المحافظين:" إنه يخاطب نفس مشاعر الغضب والاستياء"، مضيفًا: "إنه يشبه ترامب وهو يقف ليقول: 'أنا انتقامكم'".. فيما أشارت "أسوشيتيد برس" إلى حقيقة أن السياسة الخارجية لم تهيمن على انتخابات كندية بهذا الشكل منذ عام 1988، حين كانت قضية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة هي الموضوع السائد، بشكل ساخر إلى حد ما.
وأكدت الوكالة الأمريكية، في تقريرها، أن أي مرشح يتولى رئاسة الوزراء في كندا سيواجه عمومًا سلسلة من التحديات إذ تواجه البلاد أزمة غلاء معيشة منذ فترة وتذهب أكثر من 75% من صادراتها إلى الولايات المتحدة، لذا فإن تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية شاملة ورغبته في إجبار شركات صناعة السيارات في أمريكا الشمالية على نقل إنتاج كندا جنوبًا قد يُلحق ضررًا بالغًا بالاقتصاد الكندي.
وصرح كل من كارني وبويليفر بأنهما، في حال انتخابهما، سيُسرّعان إعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة بين كندا والولايات المتحدة في محاولة لإنهاء حالة عدم اليقين التي تُلحق الضرر باقتصاد بلادهما، فمن جانبه، يتمتع كارني، على وجه الخصوص، بخبرة بارزة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية، حيث فعل ذلك عندما كان مديرًا للبنك المركزي الكندي، ثم بعد أن أصبح أول مواطن غير بريطاني يتولى إدارة بنك إنجلترا.
كما خفف ترامب من حديثه عن أن تصبح كندا الولاية رقم 51 خلال حملته الانتخابية في كندا حتى الأسبوع الماضي، عندما قال "إن كندا ستزول كدولة إذا توقفت الولايات المتحدة عن شراء سلعها" ، كما قال "إنه لا يسخر من كندا عندما يقول إنها يجب أن تصبح ولاية تابعة".
وتعليقا على تصريحات ترامب ، قال بوثويل: "كلام ترامب ليس في صالح المحافظين". وردًا على التهديدات الموجهة للسيادة الكندية، ناشد كارني الناخبين منحه تفويضًا قويًا للتعامل مع ترامب، وقال: "للرئيس ترامب بعض الأفكار المهووسة، وهذا أحدها، إنها ليست مزحة، إنها رغبته الشديدة في تحقيق ذلك".