الخميس 1 مايو 2025

عرب وعالم

وقف ترامب المساعدات لجنوب إفريقيا يهدد آمال واشنطن لمنافسة بكين في المعادن النادرة

  • 30-4-2025 | 17:02

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

طباعة

قال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون، الأربعاء، إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق من هذا العام بوقف المساعدات إلى جنوب أفريقيا يهدد مشاركة الولايات المتحدة في مشروع استخراج المعادن النادرة، وهو مشروع يُعتبر حاسما لآمال الولايات المتحدة في تحقيق تقدم في السباق العالمي لإنتاج المعادن الحيوية المستخدمة في الإلكترونيات الاستهلاكية والسيارات والأسلحة، بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

وتسيطر الصين على معظم إمدادات وعمليات تكرير بعض المعادن الحيوية، وخاصة المعادن النادرة، وهي مجموعة من 17 معدنا تُستخدم في بناء مجموعة واسعة من المنتجات التي تدعم الاقتصاد الحديث، مثل الرقائق الإلكترونية.

ويقع المشروع في منطقة فالابوروا شمال شرق جنوب أفريقيا، ويُنظر إليه على أنه يساعد في مواجهة التحدي الكبير المتمثل في تطوير مصادر لهذه المعادن التي لا تسيطر عليها الصين، ومن المتوقع أن يتم استخراج 4 معادن نادرة أساسية من الموقع، وفقًا لتقديم شركة "راينبو رير إيرثس" التي تمتلك أغلبية الأسهم في المشروع في يناير 2024.

وأعلن ترامب في فبراير الماضي وقف المساعدات الأمريكية إلى لجنوب أفريقيا جزئيًا بسبب ما وصفه بالتمييز الذي تمارسه حكومة البلاد ضد مواطنيها البيض، وهذا الشهر، زار وفد من موظفي الكونجرس الأمريكي مختبرا في جنوب أفريقيا يعمل على استخراج أكاسيد المعادن النادرة من نفايات الجبس في الموقع.

وقالت جريسلين باسكاران، مديرة برنامج الأمن للمعادن الحيوية في "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية": "فالابوروا هي أصل استراتيجي لمصالح الولايات المتحدة".

وفي ديسمبر 2023، أعلنت مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية عن استثمار بقيمة 50 مليون دولار في المشروع مقابل حصة ملكية في شركة "تيكميت" للاستثمار في المعادن الحيوية، لتطوير المشروع، وتعد مؤسسة التمويل الدولية جهة حكومية تستثمر في مشاريع القطاع الخاص حول العالم بهدف تعزيز أهداف السياسة الخارجية الأمريكية.

تعتبر "تيكميت" مساهما ثانويا في "راينبو رير إيرثس" وهي مملوكة جزئيا لمؤسسة التمويل الدولية التي كانت قد استثمرت في الشركة في عام 2020، وكان المبلغ الإجمالي المطلوب لمشروع فالابوروا قد تم تقديره بحوالي 317 مليون دولار، وأثناء إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، كان المسؤولون في مؤسسة التمويل الدولية يتوقعون تقديم دعم إضافي على شكل قرض بالإضافة إلى الاستثمار في الأسهم، وفقًا لمسؤول سابق في المؤسسة.

ولم يرد البيت الأبيض على طلب للتعليق، ورفضت مؤسسة التمويل الدولية التعليق على التفاصيل المتعلقة بمشروع فالابوروا، كما رفض أحد مسؤولي "تيكميت" التعليق.

وقال خبراء المعادن الحيوية إن مشروع فالابوروا جذاب لأنه أسهل في التشغيل حيث يعيد معالجة نفايات موقع الجبس القديم لاستخراج أكاسيد المعادن النادرة، ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج في نهاية عام 2027.

وذكر تقييم اقتصادي مؤقت في 2024 أجرته "راينبو رير إيرثس" أن مشروع فالابوروا يمكن أن ينتج 1900 طن من أكاسيد المعادن النادرة المغناطيسية سنويا، وكانت الإنتاجية العالمية لأكاسيد المعادن النادرة قد بلغت 350,000 طن في 2023، مع ما يقرب من 70% من هذا الإنتاج في الصين، وفقا لمسح جيولوجي أمريكي.

وكشف مصدر مطلع لصحيفة "واشنطن بوست"، دون الكشف عن هويته، أن تمويل مؤسسة التمويل الدولية للمشروع مشروط بعدم بيع المشروع لمستخرجات الأكاسيد النادرة إلى الصين.

ورغم أن الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب في فبراير بإيقاف "المساعدات الخارجية أو المعونة المقدمة إلى جنوب أفريقيا"، إلا أنه منح رؤساء الوكالات الأمريكية صلاحية السماح بـ"المشاريع الضرورية أو المناسبة" للمتابعة.

ومع ذلك، قال مسؤول في الإدارة الأمريكية إن المسؤولين في مؤسسة التمويل الدولية يوقفون حاليا أي شيء مرتبط بجنوب أفريقيا، فيما ذكر مسؤول سابق في المؤسسة أن الموظفين يحاولون التحرك بحذر، خشية من تجاوز إدارة تميل إلى فصل الموظفين الفدراليين الذين تعتبرهم غير موالين، لافتا إلى أن "وضع أي قروض أمريكية مستقبلية للمشروع فهو أكثر غموضا"، وفقا لـ"واشنطن بوست".

وتابع المسؤول السابق قائلا: "بالنسبة لي، السؤال هو: هل سيكون بإمكان مشروع فالابوروا التقدم فعلًا؟ وإذا تم التقدم ولم يكن التمويل أمريكيًا، فمن سيتولى ذلك؟".

وقال مصدر مطلع للصحيفة، شرط عدم الكشف عن هويته، إن استثمار الـ50 مليون دولار من الأسهم ليس مستحقا إلا بنهاية هذا العام، بعد إتمام دراسة الجدوى، ولذلك فإن توقف التمويل حتى الآن لم يؤدي إلى فقدان أي دفعة مالية، مضيفا أنه يتوقع أن يتم تمرير استثمار الأسهم، موضحا أن "تيكميت" نفسها ليست شركة جنوب أفريقية، لكن حتى وضع استثمار الأسهم ليس مؤكدا تماما، بالنظر إلى أن إدارة ترامب قد أنهت آلاف المنح والبرامج التي تعارضها.

وذكر جورج بينيت، الرئيس التنفيذي لشركة "راينبو رير إيرثس"، في بيان عبر البريد الإلكتروني، أن مشروع فالابوروا يمكن أن يمكن الشركات الأمريكية من بناء ما يصل إلى 6000 طن سنويا من المغناطيسات النادرة لاستخدامها في مجالات مثل الإلكترونيات الاستهلاكية والدفاع، وفي 2024، أنتجت الصين 300,000 طن من نوع شائع من المغناطيسات النادرة.

يذكر أن جنوب أفريقيا اتهمت إسرائيل بـ"أعمال إبادة جماعية" في حربها ضد غزة، وهو ما وصفته إدارة ترامب بأنه "مواقف ضد الولايات المتحدة وحلفائها"، وفي أوائل فبراير الماضي أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أنه لن يحضر قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرج، مدعيا أن جنوب أفريقيا كانت تستخدم المنتدى للترويج للتنوع والمساواة والشمول، وكذلك جهود تغير المناخ.

كما أدانت إدارة ترامب التشريعات في جنوب أفريقيا التي تقول إنها ستسمح للحكومة بمصادرة الأراضي الزراعية للمواطنين البيض دون تعويض، ويعتبر هذا القانون مثيرًا للجدل في جنوب أفريقيا وقد تم تحديه قانونيا.

يشارك بعض الديمقراطيين أيضا في بعض من استياء ترامب، حيث يعترضون على موقف جنوب أفريقيا من إسرائيل ومن موقفها تجاه روسيا خلال حربها في أوكرانيا، وطلب الديمقراطيون والجمهوريون من إدارة بايدن في 2023 معاقبة جنوب أفريقيا، متهمين إياها بتقديم مساعدات عسكرية لروسيا، وهو ما نفت جنوب أفريقيا صحته.

ومن جهة أخرى، سعت إدارة ترامب إلى إبرام صفقة مع أوكرانيا تمنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى مواردها المعدنية كتعويض عن المساعدات الأمريكية لأوكرانيا في دفاعها ضد روسيا، وأفادت مسودة الصفقة بأن مؤسسة التمويل الدولية هي الوكالة الأمريكية التي ستنفذ الصفقة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة