الأحد 4 مايو 2025

عرب وعالم

"فورين بوليسي": إفراط واشنطن في فرض ضوابط على شرائح الذكاء الاصطناعي سيأتي بنتائج عكسية

  • 3-5-2025 | 09:13

واشنطن

طباعة
  • دار الهلال

ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن إفراط الولايات المتحدة الأمريكية في فرض ضوابط على شرائح الذكاء الاصطناعي، قد يعزز الشركات الصينية، ويعيد تشكيل السوق.

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرضت خلال الأسابيع الماضية قيودا مشددة لمنع وصول الصين إلى شرائح الذكاء الاصطناعي، وهي القيود التي تأتي استمرارا لتلك المفروضة خلال إدارة سلفه جو بايدن، ولكن بصورة أكثر تشددا.

وشملت القيود الرقائق المتقدمة والأقل تقدما من شركات "نيفيديا" و"إيه إم دي" وشركات تصنيع الرقائق الأمريكية الأخرى، وذلك للحد من وصول الصين إلى أجهزة الذكاء الاصطناعي المتقدمة، إلا أن هذه القيود تحمل تداعيات صناعية بعيدة المدى، يمكن أن تعيد تشكيل مشهد سوق رقائق الذكاء الاصطناعي في الصين بشكل جذري.

وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن تأثير القيود الجديدة على الصناعة عميق، حيث من المتوقع، وفقا لتحليل "جي بي مورغان"، أن تخسر "نيفيديا" ما بين 15 و16 مليار دولار على الفور، كما ستواجه شركة "إيه إم دي" خسارة في الإيرادات تتراوح ما بين 1.5 و1.8 مليار دولار، ما يمثل نحو 10% من إيراداتها المقدرة لمراكز البيانات هذا العام.

ونبهت المجلة إلى أن التداعيات المتوقعة تتجاوز الضرر المالي الفوري، حيث إذا استمر هذا التقييد، فربما نشهد إعادة تشكيل لسوق شرائح الذكاء الاصطناعي الصيني جذريا، مع بداية تراجع أوسع لمسرعات الذكاء الاصطناعي الأمريكية (معالجات التعلم العميق)، ولن يقتصر الأمر حينها على مصنعي وحدات معالجة الرسومات (GPU) مثل نيفيديا وإيه إم دي وإنتل، بل سيشمل أيضا الشركات التي تقدم دوائر متكاملة مخصصة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل TPU من Google وTrainium من Amazon Web Servies.

وأوضحت المجلة أن القيود الأمريكية تعني كذلك أن حصة الشركات الأمريكية في سوق شرائح الذكاء الاصطناعي الصينية ستنخفض بمرور الوقت، بينما تقوم الشركات الصينية تدريجيا بسد الفجوة والاستحواذ على السوق.

وبينت "فورين بوليسي" أن شركة "هواوي" الصينية للتكنولوجيا بدأت، على سبيل المثال، مؤخرا إنتاج شريحة الذكاء الاصطناعي الأحدث، Ascend 910C، والتي تتميز بأداء حسابي يفوق أداء H20 (التي تقدمها شركات أمريكية) بمقدار 2.6 مرة، رغم أنها توفر نطاق ترددي للذاكرة أقل بنسبة 20%.

ولفتت المجلة إلى أن تضييق الفجوة بين H20 الأمريكية و910C من هواوي يسلط الضوء على القدرة المتنامية لمصنعي شرائح الذكاء الاصطناعي الصينيين على تلبية الطلب المحلي على الحوسبة دون الحاجة إلى وحدات معالجة رسومات أجنبية (أمريكية).

ونوهت المجلة إلى أنه اعتبارا من اليوم، دخلت معالجات هواوي 910C مرحلة الإنتاج الضخم، وتم تسليم وحدات منها للعملاء، فيما أفادت تقارير أن هواوي تتواصل مع عملائها لاختبار نسختها المحسنة من وحدة معالجة الرسومات 910D، فيما من المتوقع أن تدخل شريحة الجيل التالي، Ascend 920، مرحلة الإنتاج الضخم في النصف الثاني من عام 2025.

ووفقا لـ "فورين بوليسي"، فإن هواوي ليست سوى واحدة من بين العديد من الشركات الصينية المستعدة لسد الفجوة التي تركها الموردون الأمريكيون، حيث تعمل شركات رقائق الذكاء الاصطناعي الصينية، مثل Cambricon وHygon وEnflame وIluvatar CoreX وBiren وMoore Threads، بنشاط على تطوير رقائق ذكاء اصطناعي محلية أكثر تنافسية للاستحواذ على هذه السوق المتنامية.

والجدير بالملاحظة في هذا الإطار أنه على مدى السنوات القليلة المقبلة، سوف تستمر الشركات الصينية مثل (علي بابا، وبايت دانس، وبايدو، وتينسينت) في الاعتماد على مخزوناتها من رقائق نيفيديا وإيه إم دي التي تم شراؤها قبل تطبيق قيود التصدير الأمريكية، فعلى سبيل المثال، يشاع أن مخزون بايت دانس الحالي من وحدات معالجة الرسومات في الصين يشمل ما بين 16,000 و17,000 وحدة من A100، و60,000 وحدة من A800، وما بين 24,000 و25,000 وحدة من H800.

لذا، وبافتراض استمرار ضوابط التصدير في تقييد وصول شركات الذكاء الاصطناعي الصينية إلى موارد الحوسبة المتقدمة، فإن مخزونات وحدات معالجة الرسومات الحالية ستظل قادرة على تمكين تطوير النماذج (الصينية) خلال السنوات القليلة القادمة، حيث عادة ما تتمتع وحدات معالجة الرسومات (GPUs) بدورة استهلاك تتراوح بين أربع وخمس سنوات، ما يوفر فرصة لمصنعي وحدات معالجة الرسومات المحليين الصينيين لتطوير قدراتهم والبدء في توفير رقاقات أكثر تنافسية لدعم تطوير الذكاء الاصطناعي المحلي.

وأكدت مجلة "فورين بوليسي" أن الوقت حاليا في صالح الشركات الصينية، فمع انخفاض مخزونات وحدات معالجة الرسومات الأجنبية (الأمريكية) تدريجيا وتقادمها، من المتوقع أن تتجه الشركات الصينية نحو اعتماد المزيد من رقاقات الذكاء الاصطناعي المنتجة محليا؛ لتلبية احتياجات الحوسبة المستمرة.

ونتيجة لذلك، ستستحوذ شركات الذكاء الاصطناعي الصينية تدريجيا على عشرات المليارات من الدولارات من الإيرادات التي كانت ستذهب إلى نيفيديا وإيه إم دي في السنوات القادمة، كما أن هذا الأمر لن يحقق الاستدامة المالية للشركات الصينية فحسب، بل سيعزز أيضا من قدرتها على إعادة الاستثمار في البحث والتطوير، وهذا بدوره سيسرع الابتكار، ويحسن القدرة التنافسية، ويعزز سلسلة توريد أجهزة الذكاء الاصطناعي الأوسع في الصين؛ ما يسهم في نهاية المطاف في مرونة وتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي الصينية على المدى الطويل.

إضافة إلى ما سبق، فإن تزايد الاعتماد المحلي (الصيني) على وحدات معالجة الرسومات الصينية سيمكن الشركات المحلية هناك من تحسين منتجاتها بكفاءة أكبر.

وأضافت مجلة فورين بوليسي "فإن التأثير الأوسع للضوابط (القيود) الأمريكية على هذه الصناعة، سيمثل بداية انسحاب كبير لمصنعي رقائق الذكاء الاصطناعي الأمريكيين من السوق الصينية، ما يمهد الطريق لتعزيز كبير لمصنعي رقائق الذكاء الاصطناعي الصينيين المحليين، لذا، فإن محاولات واشنطن لعزل الصين قد تنتهي إلى منح الشركات الصينية المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي دفعة قوية لتغطية الطلبات المحلية الضخمة والانطلاق نحو السوق العالمية".

أخبار الساعة

الاكثر قراءة