"إن الأمانة الثقيلة التي نحملها جميعاً واللحظة التاريخية التي نقف فيها اليوم، تلزمنا بأن نعلي مصلحة الأمة فوق كل اعتبار، وأن نعمل معًا – يدا بيد - على تسوية النزاعات والقضايا المصيرية التي تعصف بالمنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.. فلنعمل معاً على ترسيخ التعاون بيننا، ولنجعل من وحدتنا قوة.. ولنجعل من هذه القمة، خطوة فاصلة.." بتلك الكلمات ذكر السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمام القمة العربية الرابعة والثلاثون في العاصمة العراقية بغداد، أن العمل العربي المشترك والوحدة العربية هما السبيل الرئيسي لحل أزمات المنطقة.
وأجمع خبراء - في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم /السبت/- على أن كلمة مصر أمام "قمة بغداد" - والتي شملت مجمل أزمات منطقتنا - أكدت أن كافة التحديات المصيرية التي تحدق بنا تستوجب علينا جميعاً أن نتحد ونصطفّ من أجل الدفاع عن قضايا الأمة العربية وأمنها القومي، مشيدين بموقف مصر الراسخ والذي لم يتغير عبر التاريخ إزاء قضايا أمتها وسعيها لسلامة ووحدة أراضي وشعوب الوطن العربي.
وفي هذا الإطار، أكد لواء طيار دكتور هشام الحلبي الخبير الاستراتيجي، أن كلمة الرئيس السيسي أمام "قمة بغداد" شملت كافة التحديات المعقدة في وطننا العربي والتي تتطلب وقفة موحدة من كافة البلدان العربية، إذ إن التعاون بين الدول هو الأساس للتغلب على الأزمات في المنطقة.
وأضاف أن الرئيس السيسي تحدث عن كل قضية على حدة وفي المقدمة القضية الفلسطينية، حيث أبرز جهود مصر الحثيثة من أجل وقف الحرب وادخال المساعدات الإنسانية لاهل غزة، مذكرا بان وقف إطلاق النار لم يصمد أمام العدوان الإسرائيلي المتجدد.
وتابع الخبير الاستراتيجي أن الرئيس السيسي سلط الضوء على أهمية المؤتمر الذي ستنظمه مصر حول التعافي المبكر في قطاع غزة فور وقف إطلاق النار، بجانب إعرابه عن تطلعه إلى دور كبير من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وساطة لحل القضية على غرار الدور التاريخيّ الذي لعبته الولايات المتحدة في السبعينيات بين مصر واسرائيل من اجل احلال السلام.
ونوه بأن الرئيس السيسي تحدث عن ضرورة وقف القتال في السودان وتأمين وصول المساعدات الإنسانية، والحفاظ على وحدة الأراضي السودانية ومؤسساتها الوطنية ورفض أي مساع تهدف إلى تشكيل حكومات موازية للسلطة الشرعية أو ميليشيات مسلحة.
وأشار إلى أن الرئيس أكد ضرورة استثمار رفع العقوبات الأمريكية لمصلحة الشعب السوري والمحافظة على الدولة ووحدتها مع انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الجولان، وجميع الأراضي السورية المحتلة، علاوة على تذكيره بأن السبيل الأوحد لضمان الاستقرار في لبنان هو الالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم "1701"، وانسحاب إسرائيل من الجنوب واحترام سيادة لبنان على أراضيه، وتمكين الجيش اللبناني من الاضطلاع بمسئولياته.
ولفت إلى أن الرئيس السيسي أبرز جهود مصر المتواصلة من أجل ليببا وضرورة اختيار الشعب الليبي لقيادته لتظل ليبيا لأهلها مع عدم وجود كافة قوات أو ميليشيات أجنبية في البلاد، علاوة على تشديد الرئيس على أهمية التسوية الشاملة في اليمن وعودة الملاحة إلى طبيعتها في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وتهيئة الأجواء للاستقرار، فضلاً عن دعم مصر المتواصل للصومال ورفضها القاطع لأي محاولات للنيل من سيادته.
واختتم اللواء هشام الحلبي بأن تعاون الأمة العربية يجعلها قادرة على مواجهة كل تلك الأزمات؛ إذ إن على قدر التعاون سيكون النجاح.
من جانبه، قال السفير عمرو رمضان مساعد وزير الخارجية الأسبق إن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي عكس في كلمته أمام "قمة بغداد" نبض الشارع المصري والعربي عندما أشار إلى الظروف غير المسبوقة التي تمر بها منطقتنا والتي تتطلب من القادة والشعوب وقفة موحدة وأن تكون الأمة العربية على قلب رجل واحد قولا وفعلا.
وأضاف أن الرئيس استعرض المخطط الإسرائيلي بالإستيلاء على قطاع غزة من خلال تدميره أولاً، ثم السعي لتهجير سكانه ثانياً وقد نزح قرابة 2 مليون فلسطيني بالفعل داخل القطاع، بجانب تنبيه إلى ما يحدث فى الضفة الغربية كذلك.
وسلط مساعد وزير الخارجية الأسبق الضوء على دعوة الرئيس السيسي للولايات المتحدة خصيصاً للضغط على إسرائيل لوقف هذا المخطط، مستعرضاً الجهود المصرية في التخفيف من وطأة الوضع الراهن.
واعتبر السفير عمرو رمضان أن تذكير الرئيس بمحورية القضية الفلسطينية للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط جاء ليكشف زيف محاولة الإلتفاف على تحقيق السلام العادل باتفاقات اعتراف دبلوماسى وتطبيع.
وأثني مساعد وزير الخارجية الأسبق على كلمة الرئيس السيسي الشاملة والموجزة أمام "قمة بغداد" وتطرقها للرؤية المصرية للمطلوب تحقيقه على صعيد الملفات العربية الأخرى.
من جهته، ، قال السفير رخا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن خطاب الرئيس السيسي أمام القمة العربية تناول كافة القضايا بشكل واضح ومحدد مع الإشارة إلى ضرورة وحدة الصف ولم الشمل لمجابهة التحديات.
وأضاف أن كلمة مصر حملت تحذيراً من أن الأمة العربية تواجه أزمات خطيرة تهدد أمنها واستقرارها ووحدتها و تحتاج إلى لم الشمل، لافتاً إلى تنبيه الرئيس السيسي الى أن القضية الفلسطينية تمر بأخطر مرحلة بالنظر إلى مخططات الإبادة والتدمير والتهجير، الأمر الذي يتطلب العمل العربي المشترك العاجل لوقف اطلاق النار وبدء الإعمار.
وتابع أن الرئيس ذكر كذلك بجهود مصر من أجل وقف الحرب ولاسيما عقدها قمة القاهرة غير العادية في مارس الماضي، علاوة على اعتزام مصر تنظيم مؤتمر دولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة فور توقف العدوان.
وسلط السفير رخا أحمد حسن الضوء على حديث الرئيس السيسي عن نجاح الرئيس ترامب في وقف إطلاق النار قبل أن ينهار الاتفاق بسبب عودة العدوان الإسرائيلي، منوهاً بمطالبة الرئيس السيسي لنظيره الأمريكي ببذل كل ما يلزم من جهود وضغوط من أجل بتحقيق السلام.
وأثنى على كلمة الرئيس فيما يتعلق بالتنبيه إلى أنه حتى لو نجحت إسرائيل في إبرام اتفاقيات تطبيع مع جميع الدول العربية، فإن السلام الدائم والعادل والشامل في الشرق الأوسط، سيظل بعيد المنال، ما لم تقم الدولة الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية.
ولفت إلى أن كلمة مصر تناولت مجمل الأزمات في الوطن العربي وضرورة وقف إطلاق النار في السودان والحفاظ على وحدة الأراضي السورية وانسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني وحل الأزمة في ليبيا واليمن مع أهمية تقديم الدعم للصومال.
واختتم مساعد وزير الخارجية الأسبق بأن مصر لخصت الحل في كلمتها أمام "قمة بغداد" وهو أن التحديات المعقدة و الظروف غير مسبوقة التي نمر بها تتطلب من الجميع - قادة وشعوبًا - وقفة موحدة و على قلب رجل واحد حفاظًا على أمن الوطن العربي وحقوق ومقدرات شعوبه.