الإثنين 2 يونيو 2025

عرب وعالم

الحكومة الأمريكية تخطط لإلغاء القيود على انبعاثات الغازات الدفيئة من محطات الطاقة

  • 24-5-2025 | 16:21

أمريكا

طباعة
  • دار الهلال

 كشفت وثائق داخلية عن أن وكالة حماية البيئة الأمريكية تسعى إلى إلغاء جميع القيود المفروضة على انبعاثات الغازات الدفيئة الصادرة عن محطات الطاقة العاملة بالفحم والغاز في الولايات المتحدة.

وبحسب مسودة مشروع القانون الجديد الذي اطلعت عليها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، زعمت وكالة حماية البيئة أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيرها من الغازات المسببة للاحتباس الحراري من المحطات التي تحرق الوقود الأحفوري "لا تسهم بشكل كبير في التلوث الخطير أو في تغيّر المناخ".

ونوهت الصحيفة إلى أن الوكالة الفيدرالية استندت في مقترحها إلى أن الانبعاثات تمثل "نسبة صغيرة ومتراجعة من إجمالي الانبعاثات العالمية" بل وأكدت أن إلغاء هذه الانبعاثات لن يكون له تأثير ملموس على الصحة العامة والرفاه الاجتماعي.

لكن وفقا لأحدث البيانات المتاحة على موقع الوكالة الفيدرالية نفسها، فإن قطاع الطاقة في الولايات المتحدة يُعد ثاني أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة بعد قطاع النقل، كما يساهم قطاع الطاقة على مستوى بحوالي 30% من إجمالي الانبعاثات المسببة لتغيّر المناخ.

وأشارت الصحيفة إلى أن وكالة حماية البيئة الأمريكية أرسلت المسودة إلى البيت الأبيض للمراجعة في 2 مايو الماضي، ومن المتوقع أن تخضع لبعض التعديلات قبل إصدارها رسميا وفتح الباب أمام تعليقات الجمهور، مرجحة أن يكون ذلك خلال يونيو المقبل.

وذكرت الصحيفة أن هذا المقترح يعد جزءا من هجوم أوسع تشنه إدارة ترامب على الأسس العلمية الراسخة التي تؤكد أن الغازات الدفيئة تُشكل تهديدا لصحة الإنسان والبيئة، حيث اتفق العلماء بالإجماع على أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والميثان وغيرها من الغازات الناتجة عن احتراق النفط والغاز والفحم تُسهم بشكل كبير في تسخين كوكب الأرض.

وقالت فيكي باتون المستشارة القانونية في "صندوق الدفاع البيئي" إن "محطات الطاقة العاملة بالوقود الأحفوري تُعد أكبر مصدر صناعي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون المسببة لزعزعة استقرار المناخ في الولايات المتحدة، وتطلق مستويات من التلوث تتجاوز معظم بلدان العالم".

وأضافت أن المشروع المقترح "يُعد إساءة لاستخدام صلاحيات وكالة حماية البيئة بموجب القانون، ويتعارض مع المنطق السليم ويُعرّض حياة ملايين الناس للخطر".

وتنص المسودة، بحسب ما اطلعت عليه الصحيفة، على أن الوكالة الفيدرالية "تقترح إلغاء جميع معايير انبعاثات الغازات الدفيئة لمحطات الطاقة العاملة بالوقود الأحفوري" بما في ذلك المتطلبات التي فُرضت في عهد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن لإلزام محطات الفحم القائمة باحتجاز الكربون قبل انبعاثه، وتطبيق تقنيات أقل تلويثا في محطات الغاز الجديدة.

وقال لي زيلدين مدير الوكالة: "نهدف إلى ضمان التزام الوكالة بسيادة القانون، مع توفير طاقة موثوقة وبأسعار معقولة لجميع الأمريكيين" فيما رفضت المتحدثة باسم زيلدين مولي فاسيليو، الإدلاء بمزيد من المعلومات، مكتفية بالقول: "سيتم نشر المقترح بعد انتهاء مراجعة الجهات الحكومية وتوقيع المدير عليه".

وتقود وكالة حماية البيئة، في ظل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جهودا حثيثة لإلغاء السياسات التي تهدف إلى مكافحة تغيّر المناخ، حيث أغلق زيلدين مؤخرا مكاتب معنية بتنظيم المناخ وتلوث الهواء، وأطلق عملية إلغاء أكثر من 20 لائحة وقانون.

وذكر مصدران مطلعان لصحيفة "نيويورك تايمز" دون الكشف عن هوياتهما، أن موظفي وكالة حماية البيئة يواجهون ضغوطا من البيت الأبيض للإسراع بإتمام هذه التعديلات بحلول ديسمبر، رغم أن عملية إعادة صياغة القوانين تستغرق عادة أكثر من عام.

ومن بين الأهداف المحتملة لإلغاء التنظيمات الحالية، القرار الصادر عن الوكالة في عام 2009 الذي يُقر بأن الغازات الدفيئة تعد خطرا على الصحة العامة، والذي يُشكّل الأساس القانوني لمعظم التنظيمات الفيدرالية المعنية بالمناخ، وإلغاؤه قد يُلغي سلطة الوكالة في تنظيم انبعاثات الكربون من مصادر مثل محطات الطاقة والمركبات والبنية التحتية للنفط والغاز.

واستندت الوكالة الفيدرالية في مسودة المقترح إلى بيانات تفيد بأن حصة الولايات المتحدة من انبعاثات قطاع الطاقة العالمي بلغت حوالي 3% في عام 2022، انخفاضا من 5.5% في عام 2005، وبناءً عليه اعتبرت أن القضاء الكامل على هذه الانبعاثات لن يُحسّن الوضع الصحي العام "بشكل ملموس".

لكن في الداخل الأمريكي، تشكل محطات الطاقة نحو 25% من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة في عام 2022، وأطلقت قرابة 1.5 مليار طن متري من الانبعاثات في 2023، وهو ما يفوق إجمالي الانبعاثات في العديد من الدول، بحسب الصحيفة.

وأشار مايكل أوبنهايمر أستاذ علوم الأرض والشؤون الدولية في جامعة برينستون، إلى أن حل أزمة المناخ يتطلب تنفيذ مجموعة من الإجراءات الصغيرة لتتراكم نتائجها بمرور الوقت، مثل الحد من انبعاثات السيارات والآبار والمطارات والمباني والمكبات، مضيفا: "وجود مصادر متعددة لا يعني أننا نُعفي الجميع باستثناء المصدر الأكبر.. وانخفاض الانبعاثات لا يعني أنها أصبحت مقبولة".

بدوره، قال جيفري هولمستيد الذي شغل سابقا مناصب في وكالة حماية البيئة الأمريكية، إن "الحجة التي تقول إن قطاع الطاقة جزء صغير من المشكلة العالمية حجة معقولة"، لكنه شكك في إمكانية صمود هذا التبرير أمام القضاء، مضيفا: "لا أعلم إن كانت المحاكم ستعتبر أن 3% ليست نسبة مهمة، خصوصا وأن قلة قليلة من الدول تتجاوز هذه النسبة".

وتحتل الولايات المتحدة المرتبة الثانية بعد الصين في حجم التلوث المنبعث من محطات الطاقة على مستوى العالم.

ومن المرجح أن تواجه الخطة الجديدة دعاوى قضائية فور اعتمادها، وفي حال تم إقرارها فإنها قد تُقيّد قدرة الإدارات المقبلة على تنظيم انبعاثات الكربون، وتُضعف أدوات مواجهة تغيّر المناخ التي تعتمد عليها الإدارات الديمقراطية، وفقاً لبعض الخبراء.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة