توالت التطورات الميدانية في قطاع غزة، وذلك على خلفية إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ أيام، البدء في تنفيذ عملية "عربات جدعون" التي تهدف إلى احتلال كافة أجزاء القطاع، بزعم أن ذلك يخدم أهداف الحرب المزعومة في القضاء على حركة حماس وتحرير المحتجزين لديها، غير أن الوقائع الميدانية تؤكد أنها ماضية في تنفيذ طرح تهجير الفلسطينيين الأمريكي.
وفعليًا، تفرض إسرائيل سيطرتها على ما نسبته 77 بالمائة من المساحة الجغرافية الكلية لقطاع غزة، حسب ما أفاد به مكتب الإعلام الحكومي بغزة، اليوم، استنادًا إلى المعلومات الميدانية والتحليلات المعتمدة.
وتأتي تلك السيطرة الإسرائيلية في شكل الاجتياح البري المباشر وتمركز قوات الاحتلال داخل المناطق السكنية والمدنية، أو عبر سيطرة نارية كثيفة تمنع المواطنين الفلسطينيين من الوصول إلى منازلهم ومناطقهم وأراضيهم وممتلكاتهم.
وكذلك عبر سياسات الإخلاء القسري الجائر، التي تُجبر عشرات الآلاف من السكان المدنيين على النزوح المتكرر تحت التهديد بالقصف والقتل والإبادة، وفقًا للمكتب.
وفي خضم ذلك، استكمل جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال الساعات الماضية، إدخال جميع ألوية المشاة والمدرعات النظامية التابعة له إلى غزة، وهي تسع ألوية، وفقًا لما أفادت به هيئة البث الإسرائيلية، التي أشارت إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار توسيع المناورات البرية في القطاع، ضمن عملية "عربات جدعون".
وتشمل هذه العملية تنفيذ إخلاء شامل لسكان غزة بالكامل من مناطق القتال، إلى مناطق أخرى جنوبًا، وهو ما تمضي إسرائيل في تنفيذه، بينما تبقى القوات الإسرائيلية في أي منطقة تحتلها.
هل بدأ مخطط التهجير؟
ويقول الاحتلال الإسرائيلي، إنه يستهدف من وراء هذه العملية القضاء على حركة حماس بدرجة أولى وتحرير سراح المحتجزين لديها، غير أن الوقائع الميدانية تشير إلى غير ذلك تمامًا.
حيث أكد مكتب الإعلام الحكومي بغزة، اليوم، أن إسرائيل تستمر بهذا الشكل في تنفيذ مخططات تهجير جماعي، وتطهير عرقي، وإبادة جماعية ممنهجة، واستعمار استيطاني بالقوة، تحت غطاء الحصار والحرب المفتوحة التي تطال البشر والحجر في قطاع غزة، على حد وصفه.
بينما نوه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إلى أن إسرائيل مُصرة على حصر وجود فلسطيني غزة بمنطقة ضيقة على الساحل الجنوبي للقطاع فيما يبدو كتمهيد لطردهم وتهجيرهم خارج وطنهم وفق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفق ما جاء في بيان صادر عنه، الجمعة.
ويتأكد عزم إسرائيل تنفيذ مخطط التهجير بناء على نمط إصدار أوامر التهجير القسري، وسياسة التجويع المتعمدة، وآلية توزيع المساعدات، حيث إن كل ذلك يشكل مكونات متكاملة لخطة إسرائيلية تمضي بلا مواربة نحو تنفيذ المرحلة النهائية من جريمتها وهدفها الأصلي، وهي الطرد الجماعي فلسطينيي القطاع خارج أرضهم، وفقًا للمرصد.
وسبق أن أكد إعلام عبري أن التحركات العسكرية في غزة، بما فيها من أوامر إخلاء، تأتي تمهيدًا لتهجيرهم وفق "خطة ترامب"، حيث أكد رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أن ذلك بات ضمن أهداف الحرب.
وروّج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في الأيام الأولى من ولايته، لمخطط يقضي بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وهو ما تماهت معه تل أبيب.
ورغم أن ترامب تراجع -في العلن- عن تنفيذ هذا المخطط الذي قوبل برفض دولي قاطع، فإن إسرائيل تمسكت به، مؤكدة أنها ستمضي في تنفيذه.
ومن جانبه، أكد مكتب الإعلام الحكومي، اليوم، أن هذا النمط من السيطرة القسرية الذ تنتهجه إسرائيل - ويقوم على استخدام القوة الغاشمة لإفراغ الأرض من سكانها الأصليين- يُشكّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وخاصة لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949.
واعتبر أن تلك الإجراءات الإسرائيلية تمثّل تعديًا ممنهجًا على مبادئ القانون الدولي العام ومبادئ العدالة الدولية، بما في ذلك المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر النقل القسري أو الإخلاء الجماعي للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة.
وتحت أنظار المجتمع الدولي، قامت إسرائيل، مدعومة بدعم أمريكي غير محدود، بتحويل حياة سكان قطاع غزة الفلسطيني إلى جحيم لا يُطاق، في إطار حرب إبادة جماعية تُشنّ عليهم منذ السابع من أكتوبر 2023.