تضم القاهرة، عاصمة مصر لأكثر من ألف عام، عددًا كبيرًا من الشوارع والميادين التاريخية التي يعود تاريخها إلى قرون وتعد هذه الأماكن مقصدًا للعديد من السياح، لما تحمله من طابع جمالي وأهمية ثقافية وتاريخية، مما يجعلها من أبرز معالم القاهرة السياحية والتاريخية.
هذه الشوارع التاريخية ليست مجرد معابر، بل تحكي حكايات ملوك ومفكرين وفنانين، ويقصدها الزوار من داخل مصر وخارجها للاستمتاع بجمالها وعبقها التراثي، فهي من أبرز معالم القاهرة، تجمع بين سحر الماضي ونبض الحاضر، وتشكل عنصرًا أساسيا في خريطة السياحة الثقافية للمدينة، ومنها شارع المبتديان.
شارع محمد علي
وتعود تسمية الشارع لمحمد علي باشا، وهو مؤسس مصر الحديثة، بدأ خط وتصميم شارع محمد علي عام 1869م وهوتاريخ اختلف عليه بعض المؤرخين، يبدأ الشارع من جهة العتبة الخضراء ويمتد حتى جامع السلطان حسن، وهو شارع يصل قلب المدينة بالقلعة، فكان هذا الشارع منطقة عبور العديد من المواكب والاحتفالات، كما أن القوى السياسية المختلفة كانت متواجدة كذلك في هذا الشارع.
زادت عظمة وعمق تاريخ الشارع ببناء دار الكتب المصرية أو ما كانت تعرف باسم "الكتب خانه الخديوي"، فزادت من البعد الثقافي والعلمي في الشارع بشكل خاص ومصر بشكل عام، وفي الجهة المقابلة للدار انشئ مقهى دار الكتب، وهو مقهى تردد عليه العديد من العظماء والفنانين الكبار ومنهم: توفيق الحكيم، وحافظ إبراهيم، ولطفي السيد، وأحمد رامي، كانو يزورون الدار ثم يستريحو في مقى دار الكتب.
كما احتوى الشارع على العديد من الأسواق والمحلات المختلفة، ولأن الشارع كان مزدهر بالعديد من الفرق الموسيقية، أنشئ جميل جورج صانع الأعواد المعروف بعد زيارته لمصر وزيارة الشارع بالأخص، محل صغير لصنع العود.
والشارع قريب من منطقة الأسبكية التي كان يستوطنها العديد من أمراء المماليك، وهو قريب أيضا من تياترو الخديوي الذي أصبح الأن يعرف بالمسرح القومي من دار الأوبرا.
وعاش العديد من الفنانين في هذا الشارع، فأصبح بمثابة مصنع لإنتاج الفنانين العُظام، ولم يكن فقط الفنانين من ازدهرت مسيرتهم في شارع محمد علي، وإنما أيضا العديد من المجالات الأخرى لمع نجمها ابتداءا من هنا، فعندما قرر الشيخ علي يوسف باختيار مقر لجريدة "المؤيد" أخذه في هذا الشارع، فانتشرت بسرعة معامل وورش الزنكوغراف للتجهيز وطباعة الجرائد، وشملت أيضا الكروت وكل مايتعلق بالطباعة أصبح متوفر في الشارع، وكذلك ورش الخشب وغيرها فبذلك كان الشارع هو مجمع الورش والصناعات المختلفة.