تُعد قصيدة «المَرءُ يَجمَعُ وَالزَمانُ يُفرق» للشاعر صالح بن عبد القدوس، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، والتي حفظها العرب، وتناقلوها فيما بينهم.
ويعرف «صالح بن عبد القدوس» بأنه أحد أبرز الشعراء في العصر العباسي، الذين كتبوا قصائد تميزت بالغزل والمدح والفخر، وعلى رأسها قصيدة «المَرءُ يَجمَعُ وَالزَمانُ يُفرق».
تعتبر قصيدة «المَرءُ يَجمَعُ وَالزَمانُ يُفرق»، من أجمل ما قيل في الشعر العربي، ومن أشهر القصائد، وتحتوي على 21 بيتًا، تميز شعر محمود الوراق بسلاسة الألفاظ وسهولة المعاني وصدق العاطفة كما جاء بالقصيدة.
وإليكم القصيدة:
المَرءُ يَجمَعُ وَالزَمانُ يُفرق
وَيَظل يَرقع وَالخطوب تمزق
وَلَأن يُعادي عاقِلاً خَير لَهُ
مِن أَن يَكون لَهُ صَديق أَحمَق
فَاِربَأ بِنَفسِكَ أَن تصادِق احْمَقاً
إِن الصديقَ عَلى الصَديقِ مُصَدِّق
وَزن الكَلامِ اِذا نَطَقت فَإِنَّما
يُبدي عُقول ذَوي العُقولِ المنطِق
وَمن الرِجالِ اِذا اِستَوَت اِخلاقُهُم
مِن يُستَشارُ اِذا اِستَشيرَ فَيَطرق
حَتّى يَخل بِكُلِّ واد قَلبَه
فَيَرى وَيعرف ما يَقول فيَنطُق
فَبِذاكَ يوثق كُل أَمر مُطلَق
وَبِذاكَ يُطلق كل أَمر موثق
لا أَلفينَك ثاوِياً في غُربَة
إِن الغَريب بِكُلِّ سَهم يُرشَق
ما الناسُ إِلّا عامِلانِ فَعامِل
قَد ماتَ مِن عَطَش واخر يَغرَق
وَإِذا اِمرُؤ لَسَعَتهُ أَفعى مَرَّة
تَرَكَتهُ حينَ يَجر حَبل يفرق
وَالناسُ في طَلَبِ المَعاشِ وَإِنَّما
بِالجِد يُرزَقُ مِنهُم مَن يُرزَق
لَو يُرزَقونَ الناسَ حسب عُقولُهُم
أَلفيت أكثَر من تَرى يَتَصَدَّق
لكِنَّهُ فَضل المَليكِ عَلَيهِم
هذا عَلَيهِ موسِع وَمضيق
وِاِذا الجَناَة وَالعَروسُ تَلاقيا
وَرَأَيت دَمع نَوائِح يَترقرق
سَكت الَّذي تَبع العَروس مبهَتاً
وَرَأَيت مِن تَبع الجَنازَةِ يَنطق
بَقي الأولى إِما يَقولوا يَكذبوا
وَمَضى الأَولى ما يَقولوا يصدقوا
إِن الأَريبَ اِذا تفكر لَم يَكد
يَخفى عَلَيهِ مِن الاِمورِ الأَوفَق
فَهناكَ تَشعب ما تَفاقَم صدقه
وَيداكَ ترتق كل اِمر يَفتق
وَاِذا اِستَشَرت ذَوي العُقولِ فَخَيرُهُم
عِند المَشورَةِ من يَحن وَيشفق
لَو سارَ الف مدجَج في حاجَة
لَم يَقضِها إِلّا الَّذي يَترفق
إِن التَرَفُّق لِلمُقيمِ موافق
وَاِذا يُسافِر فَالتَرَفُّق أَوفَق