تصاعدت الاحتجاجات في أنحاء الولايات المتحدة، بعد بدايتها في لوس أنجلوس لتمتد الآن إلى أغلب الولايات الأمريكية، وذلك احتجاجًا على مداهمات الهجرة التي شنتها الحكومة الفيدرالية الأمريكية، وقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنشر آلاف الجنود من الحرس الوطني ومئات من مشاة البحرية الأمريكية في لوس أنجلوس لوقف الاحتجاجات، التي اندلعت ضد سياسات الهجرة مداهمات وكلاء دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية، واعتقال مهاجرين في مدينة لوس أنجلوس.
اندلعت الاضطرابات، المستمرة من أيام، بعد أن ألقى مسؤولو الهجرة الفيدراليون القبض على مجموعات كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين في مناطق ذات كثافة سكانية لاتينية كبيرة، حيث انطلقت مسيرات من جميع أنحاء البلاد، ومن المقرر تنظيم المزيد خلال الأيام المقبلة، حيث سيتم تنظيم سلسلة من المسيرات المناهضة لترامب تحت شعار "لا للملوك"، يوم السبت المقبل 14 يونيو الجاري ، وفقا لما نقلته وسائل إعلام أمريكية، في مئات المدن في جميع أنحاء البلاد، بما يعادل تنظيم 1800 فعالية، بالتزامن مع عرض عسكري كبير في واشنطن بمناسبة الذكرى الـ 250 لتأسيس الجيش الأمريكي.
احتجاجات أمريكا
في حين اتسمت العديد من المظاهرات ضد وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك بالسلمية، حيث ردد المتظاهرون شعارات وحملوا لافتات، أدت مظاهرات أخرى إلى اشتباكات مع الشرطة، واعتقال المئات، واستخدام مواد كيميائية مهيجة لتفريق حشود المحتجين.
ففي ولاية تكساس، نشر الحاكم الجمهوري جريج أبوت على وسائل التواصل الاجتماعي أنه "سيتم نشر عدد غير محدد من قوات الحرس الوطني في مواقع مختلفة في جميع أنحاء الولاية لضمان السلام والنظام"، بالتزامن مع الدعوة لتنظيم مظاهرات أكبر في الأيام المقبلة، ضمن فعاليات "لا للملوك".
وفي سياتل، نظم مئات المتظاهرين مسيرة في وسط المدينة مساء أمس الأربعاء، إلى مبنى فيدرالي حيث تُنظر قضايا الهجرة، وقام بعضهم بسحب حاوية قمامة قريبة وإشعال النار فيها، كذلك كتبوا عبارات على المبنى، منها "ألغوا إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية الآن",
وتواجه عشرات الضباط مع المتظاهرين بالقرب من المبنى الفيدرالي، وأطلق بعضهم رذاذ الفلفل، لإبعاد الحشد عن المبنى الفيدرالي، حيث ألقى بعض المتظاهرين ألعابًا نارية وحجارة على الضباط، وفقًا لإدارة شرطة سياتل.
وفي مدينة نيويورك، اعتقلت الشرطة أكثر من 80 شخصًا خلال احتجاجات في ساحة فولي في مانهاتن السفلى مساء الثلاثاء الماضي وصباح أمس الأربعاء، حيث هتف المتظاهرون ولوّحوا بلافتات كُتب عليها "إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية خارج مدينة نيويورك" أثناء تجمعهم بالقرب من منشأة تابعة للإدارة ومحاكم فيدرالية.
وقدّرت الشرطة مشاركة حوالي 2500 شخص، حيث قفز بعض المتظاهرين فوق الحواجز المعدنية واشتبكوا مع الضباط الذين أسقطوهم أرضًا، فيما أعلنت الشرطة أنها اعتقلت 86 شخصًا، من بينهم 52 أُفرج عنهم بموجب استدعاءات من المحكمة الجنائية لجرائم بسيطة، و34 وُجهت إليهم تهم الاعتداء ومقاومة الاعتقال وجرائم أخرى.
كذلك في سان أنطونيو، وفقًا للسلطات المحلية، تجمع أكثر من 400 شخص خارج مبنى البلدية مساء الأربعاء في مظاهرة مناهضة لإدارة الهجرة والجمارك، وصدح الكثيرون بالموسيقى الصاخبة، ووزع البعض المياه. وأُغلقت الشوارع المجاورة بينما كان رجال إنفاذ القانون يراقبون من على بُعد مئات الأقدام.
وفي فيلادلفيا، تجمع حوالي 150 متظاهرًا خارج مركز الاحتجاز الفيدرالي بعد ظهر الثلاثاء الماضي، وساروا إلى مقر إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية ثم عادوا إلى مركز الاحتجاز، فيما اعتقلت الشرطة الأمريكية 15 من المتظاهرين بعما تجاهلوا تعليمات بالتفرق أثناء سيرهم على طريق رئيسي. وقالت الشرطة إن العديد من الضباط استخدموا القوة خلال الاعتقالات، وإن سلوكهم سيُراجع، دون تفصيل نوع القوة المستخدمة. وأصيب ضابطان بجروح طفيفة.
ولم تكن لوس أنجلوس المدينة الوحيدة في كاليفورنيا التي شهدت مظاهرات، ففي سان فرانسيسكو، تجمع حوالي 200 متظاهر أمام محكمة الهجرة في سان فرانسيسكو أول أمس الثلاثاء، بعد أن أفاد ناشطون باعتقال عدة أشخاص هناك، وتزايدت الاحتجاجات في المدينة لتشمل عدة آلاف من المتظاهرين يومي الأحد والاثنين، واعتُقل أكثر من 150 شخصًا بعد أن أقدم بعضهم على تخريب المباني وإتلاف السيارات ومركبات الشرطة والحافلات.
وأفادت الشرطة المحلية بأن مبانٍ ومركبات تضررت، بينما أصيب ضابطان بجروح في الاضطرابات.
كما نُظمت احتجاجات يوم الثلاثاء في أوكلاند المجاورة، وفي وسط مدينة سانتا آنا، في مقاطعة أورانج جنوب لوس أنجلوس، بعد ورود تقارير عن مداهمات لدائرة الهجرة والجمارك في المدينة صباح ذلك اليوم، وتحول التجمع إلى أعمال عنف، حيث استخدمت السلطات الفيدرالية الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشد، بينما قالت الشرطة المحلية إن المتظاهرين ألقوا ألعابًا نارية وحجارة وزجاجات على الضباط.
وأعلنت الشرطة في شيكاغو عن اعتقال 17 شخصًا في احتجاج اجتاح ساحةً في وسط المدينة وانتشر في الشوارع المحيطة مساء الثلاثاء، واتُهم بعض المتظاهرين بالتخريب، ووُجهت إلى أربعة منهم تهم جنائية، بما في ذلك الاعتداء المشدد على ضابط شرطة.
كما تجمعت مجموعة من المتظاهرين أمام مبنى الكابيتول بولاية كولورادو، رافعين لافتات كرتونية، إحداها تحث على: "أظهروا وجوهكم. جبناء شرطة الهجرة والجمارك". ثم انقسمت المجموعة إلى نصفين، حيث هتف المئات وساروا في شارعين رئيسيين، مما أدى إلى ازدحام حركة المرور.
وقالت شرطة دنفر إن الضباط استخدموا الدخان وكرات الفلفل للسيطرة على الحشد، وأُلقي القبض على 17 شخصًا.
وفي العاصمة واشنطن تجمع أعضاء من عدة نقابات في العاصمة الأمريكية الاثنين الماضي، وساروا أمام مبنى وزارة العدل، وتظاهروا احتجاجًا على اعتقال زعيم النقابات العمالية ديفيد هويرتا خلال مداهمات لوس أنجلوس يوم الجمعة الماضي، قبل أن يطلق سراحه من الحجز الفيدرالي في وقت لاحق من يوم الاثنين.
ترامب يتوعد بالقوة الهائلة
وصرح الرئيس الأمريكي ترامب بأن المتظاهرين في العرض العسكري يوم السبت في واشنطن "سيُقابلون بقوة هائلة".
وقال ترامب في المكتب البيضاوي: "بالنسبة لأولئك الذين يريدون الاحتجاج، سيُقابلون بقوة هائلة. ولم أسمع حتى عن احتجاج كهذا. هؤلاء أناس يكرهون بلدنا، لكنهم سيُقابلون بقوة هائلة".
ونُشرت دبابات في نطاق البيت الأبيض، ونقلت مركبات مدرعة متنوعة إلى واشنطن، فيما أكد ترامب في حديثه عن سبب إقامة العرض، أنه لولا انتصار الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية: "لكنتم تتحدثون الألمانية الآن، ربما تتحدثون اليابانية. وربما تتحدثون مزيجًا من الاثنين. لقد انتصرنا في الحرب، ونحن الدولة الوحيدة التي لم تحتفل بها. سنحتفل احتفالًا كبيرًا يوم السبت".