يُنظر إلى التحرك الإسرائيلي ضد طهران، لا كعملية عسكرية عابرة، بل كاحتمال واقعي لاندلاع حرب إقليمية واسعة، خاصة أن "تل أبيب" كسرت قواعد الاشتباك الاستراتيجية بين الطرفين، إذ لم تقتصر ضرباتها على المنشآت النووية، بل طالت أيضًا قادة وعلماء إيرانيين ذوي ثقل ووزن في المجتمع الإيراني.
تحول استراتيجي
ومن جانبه، اعتبر الدكتور أيمن سلامة، خبير حفظ السلام، أن عملية "الأسد الصاعد" التي نفذتها إسرائيل فجر اليوم، الجمعة 13 يونيو 2025، ضد أهداف إيرانية حساسة، تمثل نقطة تحول استراتيجية في الصراع الإسرائيلي الإيراني.
وقال "سلامة"، في تصريحات لـ"دار الهلال"، إن "هذه الضربة لم تكن مجرد عمل عسكري تقليدي، بل كانت تجسيدًا لخطة تضليل متقنة تُظهر مستوى جديدًا من التعقيد في إدارة الأزمات والحروب الخفية بين الخصمين".
وأوضح أن جوهر العملية يكمن في الخطة التضليلية متعددة المستويات التي سبقتها، مشيرًا إلى أن تل أبيب، بينما كانت تستعد لضربة غير مسبوقة، عملت على إرباك طهران وعواصم العالم عبر تسريبات معلومات كاذبة حول توترات مع واشنطن، وتصريحات مزيفة منسوبة لقيادات عليا، بالإضافة إلى أخبار متعمدة عن تحركات روتينية لرئيس الموساد ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأضاف: "الهدف كان واضحًا، وهو دفع إيران للاعتقاد بأن أي تحرك عسكري وشيك ليس على الطاولة، وتحييد رد فعلها قبل أن تقع الضربة، مع اختبار ردود الأفعال الإقليمية والدولية"، لافتًا إلى أن هذا النهج "يدل على تطور كبير في الحرب النفسية والاستخباراتية الإسرائيلية".
وأكد خبير حفظ السلام أن أهمية العملية تكمن في نوعية الأهداف المستهدفة، إذ لم تقتصر على المنشآت المادية فقط، بل ركزت الضربة على "العقل المفكر" للمشروع النووي الإيراني، مضيفًا أن "مقتل قيادات عسكرية رفيعة مثل اللواء حسين سلامي، واللواء محمد باقري، واللواء غلام علي رشيد، إلى جانب كبار العلماء النوويين كالدكتور فريدون عباسي، يُعد بمثابة 'تفكيك من الداخل' للقدرات الإيرانية".
ووصف سلامة هذه الخسائر بأنها "لا تمثل مجرد أفراد، بل هي ضربة في صميم الهيكل الاستراتيجي والعلمي الذي تقوم عليه استراتيجية الردع الإيرانية وقدرتها على تطوير سلاح نووي".
وأشار إلى أن ذلك تزامن مع "عمليات نوعية للموساد داخل إيران، بما في ذلك تدمير دفاعات جوية وإنشاء قاعدة طائرات مسيّرة، مما يؤكد على العمق الاستخباراتي والقدرة على العمل في عمق الأراضي الإيرانية".
واختتم الدكتور أيمن سلامة تصريحه بالقول: "هذه العمليات ترفع سقف التوتر بشكل كبير، وتتوقع إسرائيل ردًا إيرانيًا وشيكًا وواسع النطاق، مما يضع المنطقة على شفا تصعيد غير مسبوق قد يغير المشهد الجيوسياسي برمته".