يبدأ قادة العالم اجتماعهم في قمة مجموعة السبع يوم الاثنين المقبل في كاناناسكيس، ألبرتا – بعد تأجيل ليوم واحد – وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية وتحديات اقتصادية وأمنية في وقت تشهد فيه كندا ثاني أسوأ موسم لحرائق الغابات في تاريخها الحديث.
وتنطلق القمة التي تستمر حتى 17 يونيو بمشاركة قادة الدول الصناعية الكبرى: كندا، الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، والاتحاد الأوروبي، إلى جانب عدد من الدول المدعوة مثل أوكرانيا، الهند، الإمارات، والبرازيل. وتحتفل هذه الدورة بالذكرى الخمسين لتأسيس المجموعة. كما يشارك في القمة رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا.
وفي تحول ملحوظ عن الدورات السابقة، تستبعد القمة هذا العام قضايا مثل المناخ والمساواة بين الجنسين من جدول أعمالها، إذ تركز بدلاً من ذلك على أمن الطاقة، الذكاء الاصطناعي، سلاسل توريد المعادن الحيوية، والنمو الاقتصادي العالمي. ويرى مراقبون أن عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض أثرت في توجيه أولويات القمة نحو أجندة أكثر برجماتية، بعيداً عن الالتزامات البيئية والاجتماعية.
ومن المتوقع أن تشكل رسوم ترامب الجمركية على الواردات والحرب التجارية محورًا رئيسيًا خلال القمة، حيث يسعى شركاء الولايات المتحدة التجاريون إلى إبرام اتفاقيات لتجنب زيادة الرسوم الجمركية. في مايو، أعلن الرئيس عن اتفاقية تجارية مع المملكة المتحدة، إلا أن جوهرها لم يتطابق مع وصفه لها بأنها "كاملة وشاملة".
وأوضح رئيس مركز الحوكمة الدولية في كندا بول سامسون، أنه "لن تكون هناك التزامات جديدة بشأن المناخ أو المساواة" مشيراً إلى صعوبة تضمين هذه القضايا في البيان الختامي بوجود ترمب.
وتحشد السلطات الكندية إمكانات ضخمة لتأمين القمة، بقيادة الشرطة الملكية الكندية بالتعاون مع الجيش والشرطة المحلية وأجهزة أمن الدول المشاركة، وقد تم تخصيص أربعة مواقع للاحتجاجات – أحدها في بانف وثلاثة في كالجاري – بعيداً عن مكان انعقاد القمة المحاط بتضاريس جبلية تُوفّر عزلة وأماناً طبيعيين.
وتوقعت الحكومة الكندية مشاركة آلاف الأشخاص من وفود رسمية وإعلاميين ومراقبين في المنطقة، حيث يعمل الصحفيون من بانف بينما يُعقد المؤتمر في كاناناسكيس.
وفي الوقت الذي لا تقع فيه كاناناسكيس نفسها في منطقة حرائق نشطة، إلا أن أكثر من 225 حريقاً يندلع حالياً في كندا، منها 120 خارج نطاق السيطرة، خاصة في مقاطعتي بريتش كولومبيا وشمال ألبرتا.
وقد تصدر التحذيرات من الدخان المشهد أثناء القمة، بحسب السلطات.
وقال مسؤولون إن الحرائق التهمت حتى الآن 3.7 مليون هكتار من الأراضي، وهي ثاني أكبر مساحة تسجل في هذا الوقت من العام منذ عقود بعد عام 2023.
من جانبها، أكدت الحكومة الكندية أولوياتها للقمة في ثلاثة محاور رئيسية: حماية المجتمعات من التدخلات الأجنبية والجريمة المنظمة، تعزيز أمن الطاقة وتسريع استخدام الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الكمية، وأخيراً، بناء شراكات اقتصادية جديدة من خلال دعم الاستثمار في البنى التحتية وخلق وظائف ذات أجر مرتفع.
وقال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني: "قمة قادة السبع في كاناناسكيس فرصة لتوحيد الصفوف لمواجهة التحديات بعزم ووحدة"، مضيفاً أن بلاده "جاهزة للقيادة".
كما يُتوقع أن تبحث القمة سبل التعاون في مشاريع الطاقة والذكاء الاصطناعي، بما في ذلك إنشاء مراكز بيانات مشتركة وتعزيز سلاسل الإمداد، مع إمكان إدخال شركاء استراتيجيين مثل الهند. ويرى خبراء أن العزلة الجغرافية لمكان الاجتماع ستُسهل اللقاءات الثنائية غير الرسمية بين القادة، بعيداً عن ضغوط الإعلام والسياسة.