نظراً لبعض التعديلات في نظام الدخول للمستشفى فقد طرأ بعض التغيرات علي بوابات الدخول، وكذلك بعض المسارات الداخلية فهناك أماكن لم يعد مسموح الوقوف فيها.
نزلت من السيارة وقررت أخوض تجربه المشي لأول مرة منذ سنه ونصف، خطواتي إلى حد ما زالت أتذكرها، ؟بدأت تستعيد طريقها ولم يكن الأمر محال، ولكن يبقي إحسانا ينتهي وهو ضرورة أن يكون بجوارك شخص تثق فيه، ليس اكثر من الاطمئنان وعدم السقوط، وأثناء دخولي البوابة، شاهدته .. ولد صغير ابن ٩ سنوات يجري مبتسما وفرحة أول مرة أشاهدها في ملامح شخص ناضج يخترق باب المستشفى، بدأت خطواتي تسرع شيئا فشيء حتي الحق بهذا الطفل الجميل الذي يحمل بعض علامات المرض الظاهرية، لم يؤثر سقوط شعره علي جماله وبراءته وابتسامته، لكني للأسف لم استطع اللحاق به فقد كان يجري بسرعه البرق، استقريت في مكاني بعد أن قمت بحجز رقم لميعاد العيادة وجلست انتظر دوري كالعادة، وهنا ظهر مرة أخرى ذلك الطفل الجميل، ولكن في تلك اللحظة كان يحلس بحواري مع شخص بالتأكيد والده .. يضحك بصوت عالي وابتسامته وشقاوته لم تتوقف ولكن عندما ارهق جلس بجوار والده وأخذ يسأله بصوت عالي حدا: بابا يعني الحلسة دي آخر جلسة كيماوي؟
لا يا عمر دي وفي واحدة بعد عشرين يوم !
طيب كويس يعني ناقص واحدة بس.
لا يا عمر ناقص دي والأخيرة.
يا بابا دي خلاص هاخدها متتحسبش.
كمية تفاؤل وفرحة غريبة لما أراها في بني البشر، كيف الطفل الصغير أن يركز في علاجه وتعبه ويصبح محارب صغير.
وعندما شاهدني والده أتتبعه، التفت الي قائلاً لي معلش اصله مبسوط النهارده عشان عارف انه قرب يخلص كيماوي، عامل جدول في البيت معلقه في غرفته وعمال يحسب الجلسات والحمد لله بيصحى ويلبس يوم الجلسة ويصحي كل البيت وحتي بيصحي قبلي ويدخل يصحيني.
بسم الله ما شاء الله ربنا يعفوا عنه، قاطعني والده وكأنه لا يريد سماع الطبطبة.
قولت له لماذا لا يرتدي قبعه علي شعره وكدا؟
فقال لي هو رافض تماما ودائما يقول لما اخف كل ده يخلص يا بابا.
انتهي الحوار .. نظرت إلى الأرض خجلا من نفسي ومن عزيمتي التي كادت تنهار قبل أن أرى ذلك المحارب الصغير.