الجمعة 25 يوليو 2025

اقتصاد

مع تصاعد القلق من واشنطن.. دعوات أوروبية لسحب الذهب من الاحتياطي الفيدرالي الأميركي

  • 23-6-2025 | 14:07

دعوات أوروبية لسحب الذهب

طباعة

تشهد الساحتان الألمانية والإيطالية نقاشًا متصاعدًا حول مستقبل احتياطياتهما الوطنية من الذهب المخزنة في الولايات المتحدة، وسط تصاعد المخاوف من السياسات الأميركية المتقلبة، خاصة بعد تصريحات مثيرة للجدل للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتنامي الاضطرابات الجيوسياسية العالمية.

ووفقًا لما نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز، فإن شخصيات سياسية واقتصادية بارزة تطالب بإعادة النظر في اعتماد البلدين على بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك كوصي على كميات ضخمة من الذهب، تمثل أكثر من ثلث احتياطيات كل من ألمانيا وإيطاليا، بقيمة إجمالية تقدر بأكثر من 245 مليار دولار.

قلق أوروبي متزايد ومطالب بإعادة الذهب "إلى الوطن"

قال فابيو دي ماسي، عضو البرلمان الأوروبي السابق عن حزب اليسار والمنضم حديثًا إلى حزب BSW اليساري الشعبوي، إن هناك "حججًا قوية" تدفع باتجاه إعادة الذهب إلى أوروبا، مؤكدًا أن الأوقات الراهنة "مضطربة ولا يمكن الركون إلى الاستقرار الدولي".

أما في ألمانيا، فقد أعرب النائب المحافظ السابق بيتر جاويلر عن قلقه البالغ، مشددًا على أن البنك المركزي الألماني "لا ينبغي أن يتهاون في حماية ذهب البلاد"، مطالبًا بتقييم جدوى استمرار تخزين الذهب في الخارج.

وفي السياق ذاته، قال مايكل جاغر، رئيس جمعية دافعي الضرائب في أوروبا، إن "تدخل ترامب في استقلالية الاحتياطي الفيدرالي أمر يبعث على القلق"، مشددًا على أن "التحكم المحلي الكامل في الذهب أصبح ضرورة قومية".

قبل زيارة ميلوني إلى واشنطن.. تحذيرات من "خطر سياسي واقتصادي"

تزامنًا مع زيارة مرتقبة لرئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى واشنطن، أطلق الاقتصادي الإيطالي إنريكو جرازيني تحذيرًا صريحًا في صحيفة إل فاتو كوتيديانو، اعتبر فيه أن "ترك 43% من ذهب إيطاليا في عهدة إدارة ترامب غير الموثوقة يُعد خطرًا كبيرًا على المصالح الوطنية".

ويرى مراقبون أن ميلوني، رغم تعهدها سابقًا بإعادة الذهب إلى إيطاليا حين كانت في المعارضة، إلا أنها التزمت الصمت بعد وصولها إلى الحكم في أواخر 2022، في محاولة لتجنّب التصعيد مع واشنطن وحماية العلاقات التجارية.

وفي هذا السياق، قال فابيو رامبيلي، عضو البرلمان عن حزب "إخوان إيطاليا"، إن الموقع الجغرافي لاحتياطيات الذهب "ليس ذا أهمية قصوى"، طالما أن الذهب موجود لدى "حليف تاريخي".

موجة عالمية لإعادة الذهب إلى الداخل

أظهر مسح حديث شمل أكثر من 70 بنكًا مركزيًا عالميًا أن عددًا متزايدًا من هذه البنوك يفكر بجدية في تخزين الذهب محليًا بدلاً من الاعتماد على أطراف خارجية، وسط مخاوف متزايدة بشأن الوصول إلى السبائك في أوقات الأزمات.

وكانت فرنسا قد اتخذت هذه الخطوة منذ ستينيات القرن الماضي، حين قرر الرئيس شارل ديجول سحب احتياطي بلاده من الذهب من الولايات المتحدة، بعد أن فقد الثقة في نظام بريتون وودز.

أما في ألمانيا، فقد غيرت حملة "استرجاع ذهبنا" التي انطلقت عام 2010 سياسة البنك المركزي الألماني، حيث قرر الأخير عام 2013 نقل 674 طنًا من الذهب من نيويورك وباريس إلى فرانكفورت، في عملية لوجستية وأمنية كلفت 7 ملايين يورو، ومع ذلك لا يزال 37% من احتياطي الذهب الألماني مُخزّنًا في نيويورك.

حجج سياسية وأمنية وأخرى اقتصادية

يقول بيتر بوهرينغر، البرلماني الألماني عن حزب "البديل من أجل ألمانيا"، وأحد قادة حملة استرجاع الذهب، إن "السيطرة المادية على الذهب أكثر أهمية من الملكية القانونية فقط"، مشددًا على ضرورة تحييد الذهب عن أي مخاطرة سياسية من طرف ثالث.

وفي المقابل، يرى الخبير الاستثماري الألماني بيرت فلوسباخ، مؤسس شركة "فلوسباخ فون ستورش"، أن إعادة الذهب "في أجواء متوترة" قد يُفسر كإشارة سلبية على تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة.

موقف البنك المركزي الألماني

وفي ردها على صحيفة فاينانشيال تايمز، أكدت البوندسبنك (البنك المركزي الألماني) أنه "يُقيّم بانتظام مواقع تخزين احتياطياته من الذهب" بموجب المبادئ التوجيهية لعام 2013، والتي تضع في الاعتبار عوامل الأمان والسيولة والمرونة.

وأشار البيان إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك لا يزال "شريكًا موثوقًا وموقعًا مهمًا لتخزين الذهب الألماني"، نافيًا وجود أي نية فورية لإعادة السبائك.

في المقابل، امتنعت وزارة المالية الألمانية، ومكتب رئيسة الوزراء الإيطالية، وبنك إيطاليا عن التعليق على هذه التطورات.

الاكثر قراءة