في ظل التصعيد المتسارع بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، عادت المخاوف من أزمة طاقة عالمية إلى الواجهة، وسط تحذيرات من خبراء اقتصاديين ومصرفيين من أن العالم يقترب من "زلزال اقتصادي" قد يعصف باستقرار الأسواق، ويرفع أسعار الوقود إلى مستويات غير مسبوقة، إذا ما نفذت طهران تهديدها بإغلاق مضيق هرمز، أحد أهم الممرات الحيوية لتجارة النفط في العالم.
ويرى المحللون خلال حديثهم لبوابة "دار الهلال"، أن العالم يقف أمام مفترق طرق، إما احتواء سياسي عاجل للتوترات الإقليمية، أو الدخول في مرحلة جديدة من الاضطراب الاقتصادي الممتد، مع تداعيات تطال المواطن العادي في أسعار الوقود والسلع، وتربك الحسابات الاقتصادية للحكومات في أنحاء العالم.
مضيق هرمز في قلب العاصفة
وقال هاني أبو الفتوح، الخبير المصرفي، إن تهديد إيران المتزايد بإغلاق مضيق هرمز يشكل "تحديًا استراتيجيًا للاقتصاد العالمي"، مشيرًا إلى أن هذا المضيق تمر عبره يوميًا نحو 20 مليون برميل من النفط الخام، ما يعادل قرابة 20% من الإمدادات العالمية.
وحذر من أن قرار البرلمان الإيراني بالموافقة المبدئية على الإغلاق، بانتظار موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي، قد يدفع بأسعار النفط إلى تجاوز 90 دولارًا للبرميل، مع بداية الارتفاع بالفعل إلى حدود 80 دولارًا.
واعتبر أن استمرار التصعيد قد يؤدي إلى اضطرابات حادة، خاصة في الأسواق الآسيوية الكبرى مثل الصين والهند، التي تعتمد بنسبة تزيد عن 70% من وارداتها النفطية على عبور المضيق، كما نبه إلى انعكاسات محتملة على قناة السويس، وبالتالي على الاقتصاد المصري.

التأثير على سلاسل الإمداد العالمية
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور أحمد شوقي، الخبير المصرفي والاقتصادي، أن إغلاق المضيق لا يهدد فقط شحنات النفط، بل سلاسل الإمداد العالمية بأكملها، مشيرًا إلى أن تجارة سنوية تقدر بـ1.5 تريليون دولار تمر عبر هذا الممر البحري الاستراتيجي.
وتوقع شوقي أن تتجاوز أسعار النفط حاجز 150 دولارًا للبرميل في حال تنفيذ التهديد الإيراني، مما سيقود إلى موجة تضخم عالمية كبيرة، تدفع أسعار السلع الأساسية إلى الارتفاع، وتؤدي إلى تآكل احتياطيات النقد الأجنبي، لا سيما في الاقتصادات الناشئة التي تعتمد على استيراد الطاقة.

الأزمة أخطر من 2008.. وعلى العالم التحرك
أما الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، فذهب إلى أن تنفيذ إيران تهديدها بإغلاق مضيق هرمز سيكون بمثابة "كارثة اقتصادية عالمية أشد من أزمة 2008"، مؤكدًا أن المضيق يمثل شريانًا حيويًا للطاقة العالمية، تمر من خلاله نحو 86% من صادرات نفط الشرق الأوسط.
ونبه غراب إلى أن التأثير لن يقتصر على النفط، بل يشمل نحو 22% من شحنات السلع الأساسية، وهو ما ينذر بشلل محتمل في سلاسل التوريد العالمية، وانفجار في أسعار المواد الغذائية والطاقة.
كما أكد أن تداعيات القرار قد تضرب إيران ذاتها اقتصاديًا، لكنه لن يمنع تبعات عالمية ضخمة، ما يستدعي – بحسب قوله – تحركًا دوليًا عاجلًا لاحتواء الأزمة قبل أن تنفلت الأمور نحو مواجهة واسعة النطاق.

تهديد مباشر للأمن الاقتصادي المصري والعالمي
من جانبه، وصف الدكتور أحمد مصطفى، أستاذ إدارة الأعمال والخبير الاقتصادي، التهديد بغلق مضيق هرمز بـ"الزلزال الاقتصادي"، مؤكدًا أن أي إغلاق فعلي أو جزئي سيؤدي إلى قفزات حادة في أسعار النفط تصل إلى 140 دولارًا للبرميل خلال أيام قليلة.
وحذر من تداعيات مباشرة على الاقتصاد المصري، تتراوح بين ارتفاع فاتورة الاستيراد، تراجع الاحتياطي النقدي، وزيادة معدلات التضخم، خاصة في أسعار الغذاء والطاقة.

وأشار إلى أن قناة السويس، رغم بعدها عن الخليج، قد تتأثر بشكل غير مباشر من تراجع حركة التجارة القادمة من شرق آسيا.
ودعا مصطفى الحكومة المصرية إلى وضع سيناريوهات بديلة ومحكمة لمواجهة هذه الأزمة، مطالبًا بـ"إعادة صياغة أولويات الأمن الاقتصادي" في ظل تهديدات متصاعدة لا تقتصر على البعد الإقليمي.