أتأمل ما يجري حولنا، أرى أوطانا تسقط، وشعوبا تمزق، وانفجارات تتعالى من حولنا، وأزمات إقليمية ودولية تتوالى تداعياتها، لكن رغم ذلك تواصل مصر السير في طريقها، تصنع إنجازها بقدراتها الذاتية، تواجه التحديات بصبر ومثابرة، لم تفقد بوصلة الطريق، والأهم أنها لم تفقد إيمانها في أن ربها يحميها، وشعبها يبنيها.
آمنت ثورة 30 يونيو بالإنسان المصري، وبقدرته على استعادة قدرته على البناء والتعمير، وأنه لن يكون كما أراده "طيور الظلام" و"أهل الشر" معولا للهدم والتدمير، ونجحت 30 يونيو في رهانها، والتف الشعب حول وطنه وقيادته، فسارت سفينة الوطن محافظة على مسارها واتزانها داخليا وخارجيا، رغم الأنواء والعواصف.
ويمكن الإشارة أيضا إلى أن مرتكزات دولة 30 يونيو قامت على فكرة القتال والبناء على أكثر من جبهة، وعدم إهمال جانب لصالح آخر، فكانت إعادة بناء مصر الحجر والبشر، محورا مركزيا في الدولة الجديدة لإعادة شباب أقدم دولة عرفها التاريخ، فقد كان التخطيط مركزا على أن تستطيع مصر العمل على كل الجبهات، وأنه لا وقت لنضيعه، فجاء العمل أشبه بقفزات تطوي الزمن والمسافات.
الآن عندما ننظر بعين القارئ للتاريخ وللواقع، ندرك أن ما تحقق كان كبيرا وكثيرا، ولعلها فرصة لتأمل كيف استطاعت 30 يونيو الانتقال من الثورة إلى الدولة، وكيف استعادت الاستقرار وغيرت المشهد ليس فقط في مصر، بل وفي المنطقة كلها، وهو ما يمكن تلخيصه في سبعة مفاتيح أساسية صنعت الحدث، وصاغت التجربة الفريدة.
التفاف الشعب
أول المفاتيح التي ينبغي التوقف عندها عند إعادة قراءة سطور ما أنجزته 30 يونيو هو تكوين القوى التي صنعت ذلك المشهد، فقد كان ذلك التكوين تعبيرا عن الأعمدة الأساسية لمكونات مصر الحقيقية، فعندما نشهد التفاف الشعب وقواته المسلحة، ومؤسساته الدينية (الأزهر والكنيسة)، إضافة إلى قوى سياسية مدنية تؤمن بقيمة الوطن، ولا تعتبره - كبعض من جاءت بهم هبة ريح في يوم عاصف- مجرد حفنة تراب!
ذلك المشهد الجامع لمكونات الشعب المصري "الأصلي"، كان واحدا من أسباب انتصار الثورة، وعوامل استمرارها، وأسرار قدرتها على مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية العنيفة التي توالت ليغير المصريون إرادتهم، ويتراجعوا عن قراراهم، لكن ذلك التكوين الشامل والجامع لعموم المصريين ومؤسساتهم، وقف كحصن منيع أمام الضغوط، فكان الآخرون هم من غيروا قرارهم، واقتنعوا ولو بعد حين بصحة ما رآه المصريون، وقيمة ما فعلوه.
هذا التكوين الشامل، والمشاركة على أرضية وطنية في صناعة الثورة، ثم بناء مشروعها التنموي لاحقا، ساهم في توفير حاضنة شعبية قوية، نجحت في تشجيع صانع القرار على اتخاذ قرارات صعبة، لم يكن أحد يجرؤ على اتخاذها، لو لم تكن لديه تلك المساندة الشعبية.
كما كانت استعادة تماسك النسيج الوطني بعد محاولات التفتيت والتقسيم الديني والطائفي والاجتماعي التي سعى من خلالها "الإخوان" لتمزيق أحد أهم أعمدة بناء الشخصية المصرية، وهو تماسك النسيج البشري المصري، من بين المؤشرات الدالة على قدرة تلك الثورة على المضي في مسارها التصحيحي، وأحد النجاحات الكبرى التي حققتها الثورة في لحظاتها الأولى.
وإذا ما أضفنا ما يجري اليوم من حوار وطني شامل على أرضية وطنية جامعة، سندرك أن لحظة التأسيس لتلك الثورة لا تزال حاضرة في عقل الدولة، وأن شعار "الخلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية" الذي رفعه الرئيس عبد الفتاح السيسي هو تجسيد حقيقي لمبادئ 30 يونيو، حتى مع تغير المراحل وطبيعة الميادين التي تتحرك فيها تلك الدولة.
استعادة الأمن .. والأمل
المفتاح الثاني، يتمثل في قدرة دولة 30 يونيو على استعادة حالة الأمن الذي كان مهددا في كل لحظة بفعل أتباع الجماعة أو حلفائهم من التنظيمات الإرهابية.
وهنا ينبغي ألا ننسى تلك الوقائع الدامغة لقرارات العفو الرئاسية التي أصدرها مندوب "الإخوان" في قصر الرئاسة؛ محمد مرسي، لصالح عشرات المدانين في قضايا إرهابية، وسبقتها عمليات تهريب مئات من السجناء والإرهابيين من السجون في أحداث 25 يناير 2011، وبعضهم كان تابعا لجماعات خارج مصر.
يضاف إلى ذلك عشرات الأسماء من الإرهابيين الدوليين وقادة تنظيمات الموت، الذين عادوا إلى مصر بمباركة إخوانية معلنة، في محاولة بائسة من الجماعة لبناء جيشها الخاص لإرهاب الشعب، وابتزاز الجيش، ووضع سيف على رقبة الدولة عندما تحين لحظة المواجهة التي كان "الإخوان" يدركون أنها قادمة لا محالة.
استعادة الأمن لم تقتصر فقط على مواجهة الإرهاب، رغم ما حملته تلك التجربة من تضحيات كبيرة لخيرة رجال وشباب هذا الوطن، لكنها كانت مقترنة كذلك بحرب معلوماتية من أخطر ما يكون لتعقب خلايا تكفيرية وإرهابية زرعت عن عمد في قلب الجسد المصري، واستخدمت في تنفيذ عمليات لزعزعة الثقة في قدرة الدولة المصرية على المواجهة.
والأهم أن استعادة الأمن ركزت كذلك على حرمان قوى الإرهاب والتطرف من بناء أية حاضنة شعبية لهم في أي مكان داخل مصر، فانحسر وجود هؤلاء في الأطراف، وركزوا جهدهم على سيناء استغلالا لاتساع جغرافيا المكان وقسوة التضاريس، لكن حرب "التطهير" نجحت في إتمام المهمة، لتنطلق بموازاتها معركة "التعمير".
ومع كل تحسن تحققه معركة استعادة "الأمن"، كان انجاز جديد يتحقق على مدى أبعد وهو بناء "الأمل"، فحالة اليأس والإحباط هي البيئة المثالية دائما لاختراق الشعوب وإشاعة الغضب في النفوس، عبر أدوات مباشرة أو غير مباشرة كالشائعات والحرب النفسية، لكن الشعوب التي لديها رصيد وافر من الأمل في المستقبل تتمسك بالاستقرار وتحميه، لأن لديها ما تخشى عليه، بينما اليائسين والمحبطين ليس لديهم ما يخسرونه، ولا يبالون بما يفعلونه في أنفسهم أو أوطانهم.
إعادة بناء الاقتصاد
واحدة من أهم مرتكزات دولة 30 يونيو كانت إعادة بناء الاقتصاد، فلا مجال للحديث عن دولة قوية وذات حضور إقليمي ودولي، دون أن يكون لديها اقتصاد قادر على مواكبة تلك المتطلبات وسيوفر فرص العمل لأبنائه، ويضمن تدفقا مناسبا للدخل، لذلك كان الاقتصاد على قمة الأولويات.
ورغم صعوبة الوضع الاقتصادي في البلاد بعد سنوات من الارتباك منذ 2011، وخسارة الاقتصاد المصري للعديد من موارده الرئيسية مثل عائدات السياحة، وخروج العديد من الاستثمارات الأجنبية المهمة في مجالات حيوية مثل الطاقة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تحت وطأة الوضع الأمني والسياسي المضطرب، إلا أن خطة الإصلاح لم تقف عند حد استعادة الثقة السريعة في الاقتصاد المصري، من خلال استعادة السيطرة على الأوضاع الأمنية فقط، بل اختارت دولة 30 يونيو الطريق الصعب وهو طريق الإصلاح الشامل، الذي لا يقتصر فقط على علاج تداعيات ما بعد 2011 فقط، بل يمتد إلى إصلاح المشكلات الهيكلية في الاقتصاد المصري حتى قبل تلك الفترة، والتي خشي كثيرون من الاقتراب من تلك الإصلاح خوفا من ردة الفعل الشعبية.
بدأ على الفور برنامج إصلاح اقتصادي شامل، يعالج مشكلات الدعم والتمويل ومعوقات الاستثمار، ويصلح سوق النقد الأجنبي، واتخذت قرارات بدت للوهلة الأولى قاسية وصعبة الاحتمال، مثل تحرير سعر الصرف، وتخفيض دعم المنتجات البترولية، والكهرباء ومياه الشرب، وهي قرارات ذات عبء اجتماعي ثقيل، لكن ثقة المصريين في أن الدواء المر ضروري أحيانا للتخلص من الداء، دفعهم إلى الصبر والاحتمال، وقد أيقنوا لاحقا أنهم كانوا على حق، فاستطاع الاقتصاد المصري رغم الأزمات الإقليمية والدولية وتداعياتها السلبية على الاقتصاد الوطني، أن تحافظ الدولة على مسار النمو، بل وأن تنوع أدواتها، وأن تتحول إلى قوة إقتصادية تنوع علاقاتها مع العالم وتحول التنمية جسرا للتعاون مع الأشقاء والاصدقاء حول العالم.
والآن مصر عضو في منظمة "بريكس" الصاعدة بقوة في العالم، وأسست منتدى غاز شرق المتوسط، وتتحول تدريجيا إلى مركزا لوجيستسا عالميا في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة.
وجاءت النتائج لتؤكد صحة التوجه، ودقة التنفيذ، فارتفعت مؤشرات الاقتصاد، وتراجع معدل البطالة، وزاد الاحتياطي النقدي بأرقام تتجاوز حتى ما قبل 2011، كما انطلقت الدولة في خطة تعمير شاملة تسير وفق مسارات تراعي عدالة التوزيع في مختلف المناطق والمحافظات، وانطلقت مشروعات التنمية الكبرى في العديد من المحافظات التي عاشت عقودا من الإهمال والتجاهل، فبدأ تعمير سيناء باستثمارات من جانب الدولة تجاوزت التريليون جنيه وشهدت "أرض الفيروز" نهضة عمرانية غير مسبوقة في تاريخها، وتحول الصعيد للمرة الأولى في تاريخه إلى قبلة للتنمية واستقطاب الاستثمرات، بعدما عاش قرونا طاردا للسكان والفرص.
هذه المشروعات لم تستهدف فقط إنعاش الاقتصاد المصري وتوفير فرص عمل لملايين المصريين الذين كانوا يمكن أن يتحولوا إلى طاقة تدمير إذا ما عانوا البطالة وسوء المعاش، فإذا بهم أياد تبني وتعمر في كل ربوع الوطن بفضل تلك المشروعات التنموية العملاقة، بل تحولت تلك المشروعات إلى تجسيد عملي وواقعي لقدرة الدولة والشعب على البناء والتعمير.
والمجال لا يتسع لاستعراض كل ما حققته دولة 30 يونيو، لكن يكفي أنها استطاعت أن تقدم تجربة تنموية باتت محل تقدير العالم، ونموذجا ملهما لكثير من دول المنطقة، بل استطاعت مصر أن توظف "فائض القدرة" في قطاعات البناء والتنمية لمساعدة الأشقاء الذين يحتاجون إلى "إعادة إعمار" وما أكثرهم في منطقتنا المأزومة.
تعزيز الدولة الوطنية
إنعاش الاقتصاد الذي كان على وشك الانهيار، لم يكن سوى جزء من خطة أكبر لإعادة بناء الدولة المصرية، وربما لم يستوعب البعض في حينه عمق الوصف الذي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما تحدث كيف كان الوضع أقرب إلى "شبه دولة"، وهو وصف يجسد حجم ما عانته معظم مؤسساتنا من أزمات وترهل، الأمر الذي كان يتطلب إنقاذا سريعا ولكن مدروس بعناية أيضا.
وبالفعل بدأت على مدى السنوات الماضية إعادة تهيئة للكثير من مؤسسات الدولة المصرية، وتطوير للكوادر البشرية في الجهاز الإداري للدولة، وإطلاق لمبادرات التأهيل ورفع الكفاءة، وضخ دماء جديدة في شرايين الدولة المصرية، وتكوين نخب جديدة على أساس علمي، وهنا يمكن الإشارة إلى مبادرات كالبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب، والكوادر التنفيذية، وتأسيس الأكاديمية الوطنية للتدريب.
وربما ارتبط ذلك بمشروع أكبر وأعمق تأثيرا، وهو إعادة الاعتبار للدولة الوطنية، فمن يراجع الخطاب السياسي للرئيس السيسي في العديد من المناسبات والمحافل الدولية، يستطيع أن يلمس حضور هذا البعد في السياسة المصرية، وقد نجحت القيادة السياسية بالفعل في تحويله إلى أحد الثوابت التي حظيت بالتفاف ودعم إقليمي.
وبات شعار الحفاظ على الدولة الوطنية أحد الأدوات الإقليمية الراهنة لمواجهة تفكك المنطقة ومنع التدخلات الخارجية، وهكذا انتقلت مبادئ ثورة 30 يونيو إلى دوائر تأثير أوسع، بهدوء وحكمة، ودون حديث صاخب عن تصدير الثورة، فالثورات الكبرى في حياة الشعوب ليست سلعة للتصدير، لكنها أداة فاعلة للتأثير.
شجاعة القرار
المفتاح الخامس من مفاتيح صناعة ذلك التأثير المتنامي لدولة وثورة 30 يونيو يكمن في شجاعة اتخاذ القرار، وبخاصة في اللحظات الحاسمة، وما أكثرها خلال السنوات العشر الماضية، والشجاعة هنا تعتمد على تقدير صحيح للموقف والبدائل، واختيار أفضلها في حدود الإدراك العميق للحقائق واستشراف المستقبل.
ويمكن في هذا الصدد الحديث عن مئات القرارات الحاسمة التي ربما تخوف كثيرون من تداعياتها، فقرارات مثل تحرير سعر الصرف في 2016، أو تخفيض الدعم تدريجيا ضمن برنامج إصلاحي لاختلالات هيكلية أصابت الاقتصاد عبر عقود من المسكنات والإجراءات الجزئية، التي تعالج الأعراض ولا تصل إلى أصل المرض.
وتقترن شجاعة القرار كذلك بتعزيز قدرة الدولة على القتال على أكثر من جبهة، وهي ميزة أكسبت دولة 30 يونيو القدرة على تحقيق التوازن بين متطلبات الداخل وضرورات التعامل مع تحديات الخارج.
فبموازاة العمل الدؤوب على بناء قدراتنا الذاتية داخليا، لم تنكفئ "مصر 30 يونيو" على نفسها أو تنغلق، بل وظفت شجاعة القرار والقدرة على إدارة الموقف على جبهات متعددة في إدارة العديد من الأزمات على المستوى الخارجي، وتجسد ذلك في حماية مصالحها الاستراتيجية في ليبيا والسودان والبحر المتوسط، وفي علاقاتها مع الولايات المتحدة، وتنويع مصادر تسليح الجيش، وتنويع شركاء التنمية، والابتعاد عن سياسة الأحلاف، وتحقيق توازن استراتيجي في إدارة سياسة الدولة الخارجية وهو ما مكنها من بناء قاعدة من الشركاء في العالم، واقتحام دروب القارة الأفريقية وسط صراع محموم للاستقطابات الدولية.
ولعل الأدوار الإنسانية والسياسية المشرفة التي تقوم بها الدولة المصرية في التعامل مع حرب الإبادة الجماعية التي تقودها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة خير مثال على قدرة القاهرة على القيام بأدوار ريادية وقيادية في مواجهة الأزمات واستعادة الاستقرار الإقليمي، دون أن تفرط في ثوابتها القومية وحمايتها لأمنها القومي بمفهومه الواسع.
جمهورية العلم والعمل
"الجمهورية الجديدة" شعار صاغه الرئيس السيسي لوصف مشروعه الوطني الساعي لامتلاك أدوات القدرة الشاملة للدولة، وهو مصطلح لا يعبر عن تطوير مرحلي، لكنه يؤكد أن تلك الرؤية تسعى إلى إعادة إطلاق الدولة المصرية العريقة على أسس مستقبلية، عمادها "العلم والعمل" كما وصفها الرئيس، وهما كلمتان فارقتان بالفعل في بناء أي مستقبل، فبالعلم نستطيع تحديد أفضل الخيارات المتاحة، وأمثل أسلوب لإدارة الموارد التي تبدو محدودة في كثير من الأحيان لتحقيق أقصى استفادة ممكنة، فضلا عن أن العلم يضعنا في سياق المنافسة العالمية وهو أمر يزيد من سقف الطموحات ويضاعف من قيمة ما يتحقق من إنجازات.
والعمل هو التجسيد الحي للحلم، فالأفكار الكبيرة تحتاج إلى عمل دؤوب ومتابعة مستمرة لبناء المستقبل ونقله من خانة الرؤية إلى أرض الواقع، ومن يتابع حجم العمل الذي تم على أرض مصر خلال السنوات العشر الماضية يدرك أن ما تم يعادل ما أنجزته الدولة المصرية على مدى عقود وربما قرون، وأن سباقا مع الزمن يجري لتحويل "الجمهورية الجديدة" إلى واقع يعيشه كل مصري.
بناء الإنسان
المفتاح السابع – وإن لم يكن الأخير- يكمن في قدرة دولة 30 يونيو الدائمة والمثيرة للدهشة على الإنجاز، فكثير من المشروعات كانت تستغرق سنوات طويلة حتى تخرج إلى النور، الآن بات اختصار الزمن وهزيمته "هواية يومية" لدى دولة 30 يونيو، فالعمل يتواصل ليل نهار، وبمشروعات تتلاحق بوتيرة تجهد المتابعين، وكان الهدف والوسيلة لتلك التجربة دائما هو الإنسان المصري.
وقد أدركت دولة 30 يونيو منذ اللحظة الأولى أن الإنسان هو أغلى ما تمتلكه الدولة، فوضعت ذلك الإنسان على قمة أولوياتها، واتخذ الرئيس عبد الفتاح السيسي في بداية ولايته الرئاسية الثانية هدف بناء الإنسان المصري بوصلة توجه سياسات الدولة.
وفي خطابه أمام البرلمان بمناسبة فوزه بفترة رئاسية ثانية، أكد الرئيس السيسي أنه وبعد أن تحققت نجاحات المرحلة الأولى من خطة التنمية الشاملة، فإنه قد آن الأوان لانطلاق الجانب الأهم من ذلك المشروع الوطني العملاق، وهو بناء الإنسان المصرى يقينا منه بأن كنـز أمتنا الحقيقى هو الإنسان والذى يجب أن يتم بناؤه على أساس شامل ومتكامل بدنيا وعقليا وثقافيا بحيث يعاد تعريف الهوية المصرية من جديد بعـد محاولات العبث بهـا.
أطلقت الدولة على مدى ما يزيد على عقد كامل أكبر مشروعات الحماية الاجتماعية لمساعدة الفئات الأكثر احتياجا، وتخفيف أعباء مشروع الإصلاح الاقتصادي على العديد من الفئات الاجتماعية، فضلا عن التوسع غير المسبوق في بناء المدارس والجامعات، ولم تكتف الدولة فقط بتوفير "الإتاحة" لفرص التعليم، بل اتجهت إلى الاهتمام بجودة ذلك التعليم، وكذلك الاهتمام بالتدريب وإعداد الكوادر الوطنية المؤهلة، وتمكين تلك الكوادر والاستفادة من قدراتهم في مؤسسات الدولة.
وفى مجال الصحة لبناء الانسان حدث ولا حرج، فقد أطلقت الدولة مئات المبادرات الصخية غير المسبوقة، التي أحدثت طفرة حقيقية في هذا المجال، إذ تم إقرار قانون التأمين الصحي الجديد لتغطي مظلته جميع المصريين مع اكتمال مراحله.
كما استطاعت الدولة أن تحقق إنجازا تاريخيا بات نموذجا عالميا في مواجهة أمراض مستعصية طالما فتكت بحياة المصريين، وفي مقدمتها مشروع القضاء على “فيروس سى”.
هذه بعض المفاتيح الواجب التوقف أمامها لفهم تجربة بناء وعمران واستعادة لمكانة الدولة المصرية، هذه مصر 30 يونيو التي تواصل العمل والانجاز لتصنع مستقبلا يليق بشعب وبدولة كانت هوايتها الدائمة .. كتابة التاريخ.
استعادة تماسك النسيج الوطني، من المؤشرات الدالة على قدرة تلك الثورة على المضي في مسارها التصحيحي
"الجمهورية الجديدة" شعار صاغه الرئيس السيسي لوصف مشروعه الوطني الساعي لامتلاك أدوات القدرة الشاملة للدولة
العمل هو التجسيد الحي للحلم، فالأفكار الكبيرة تحتاج إلى عمل دؤوب لبناء المستقبل ونقله من خانة الرؤية إلى أرض الواقع
أدركت دولة 30 يونيو منذ اللحظة الأولى أن الإنسان هو أغلى ما تمتلكه الدولة، فوضعت ذلك الإنسان على قمة أولوياتها