الجمعة 1 اغسطس 2025

ثقافة

توماس هاردي: رائد الرواية الفيكتورية الذي مزج بين الشعر والقدر

  • 2-7-2025 | 16:28

توماس هاردي

طباعة
  • دعاء برعي

سطع نجم الإنجليزي توماس هاردي كأبرز الأصوات الأدبية غموضًا في العصر الفيكتوري، الذي شهد تحولات اجتماعية ونهضوية أدبية كبيرة، وإلى جانب كونه روائيًا كان شاعرًا بالفطرة، وفيلسوفًا أدبيًا، مزج بين نثر الرواية والرؤية الشعرية التأملية، ليصوغ عالمًا مأساويًا تحكمه قوى القدر، وتتلاعب به الظروف.

ميلاده ونشأته

وُلد توماس هاردي في 1840 ببوكهامبتون العليا، شرق دوركاستر في دورست بانجلترا، وهي منطقة احتلت مكانة محورية في معظم أعماله، ونشأ هاردي تحت مظلة عائلة متواضعة، وبدأ حياته العملية كمعماري، لكن شغفه باللغة والأدب، وإعجابه بكبار الأدباء كشكسبير وملتون، دفعه مبكرًا نحو الكتابة.

حياته الأدبية

وفي عام 1874، نشر روايته الشهيرة "بعيدًا عن الحشد الصاخب"، التي لاقت نجاحًا واسعًا ومهدت له الطريق نحو حياة أدبية متفرغة. تبعتها سلسلة من الأعمال التي عكست عمق تأملاته الفلسفية، وقدرته الفائقة على تصوير الريف الإنجليزي، وشخوصه الممزقين بين العاطفة والواجب، والحرية والقدر.

وسلطت روايات هاردي الضوء على طابع قدري قاتم. ففي أعمال "جود الغامض" الصادرة 1895 يواجه أبطاله مصيرًا محتومًا يترصد خطواتهم. لا يظهر القدر عند هاردي في صورة دينية صريحة، بل يتجلى في المجتمع، والعادات، والطبقية الصارمة، وحتى في الطبيعة نفسها، التي تبدو أحيانًا متواطئة مع معاناة الإنسان.

وبين الشعر والسرد تمتزج لغة هاردي التي تميزه عمن سواه من الروائيين الفيكتوريين، فحسه الشعري العالي، كان يغلب نثره السردي، ووصفه للطبيعة، ولحظات التأمل التي نبضت بنغمة شعرية واضحة، وربما كان الأمر انعكاسًا لحقيقة أن هاردي رأى نفسه شاعرًا قبل أن يكون روائيًا، وظل يكتب الشعر طوال حياته، بل واعتبره ذروة إنجازه الأدبي.

كتب هاردي عددًا لا يستهان به من القصائد، غالبًا ما تناولت موضوعات الحب الضائع، والموت، والمرور الزمني، ثم تخلى عن الرواية في نهاية القرن التاسع عشر نتيجة الانتقادات الأخلاقية العنيفة التي وُجهت إلى جود المغمور، ليكرّس حياته للشعر، ويترك فيه بصمة لا تقل أثرًا عن أعماله الروائية.

وأثار هاردي الكثير من الجدل في عصره بسبب جرأته في مناقشة القضايا الأخلاقية، وانتقاده للمؤسسات الدينية والاجتماعية. لكن الزمن أنصفه، واليوم يُعتبر من كبار الأدباء الإنجليز، وممهدًا للحداثة الأدبية. وتدرس أعماله في الجامعات، وتتحوّل إلى أفلام ومسرحيات، لتظل مصدر إلهام للعديد من الكُتّاب المعاصرين الذين وجدوا في أدبه صدى لأسئلة الإنسان المعاصر عن الحرية، والمسؤولية، ومحدودية الإرادة.

أعماله

وتضم رواياته في ضوء المحيط الاجتماعي "الرجل المسكين والسيدة النبيلة" التي لم تنشر، و"تحت الشجرة الخضراء": لوحة ريفية من المدرسة الهولندية، و"بعيدًا عن الحشد الصاخب"، و"عودة المواطن"، و"أهل الغابات"، و"جود الغامض".

كمل تشمل رواياته في الرومانسيات والفانتازيا "زوج العيون السود"، و"اثنين على البرج"، و"مجموعة من السيدات النبيلات"، والمحبوبة جيدا".

بالإضافة إلى ما كتبه هاردي قصة تحت عنوان "شبح الحقيقة" سنة 1894 بالتعاون مع فلورنس هينيكر، ومجموعة قصص قصيرة تحت عنوان "رجل متغير وقصص أخرى" سنة 1913، وسيرته الذاتية التي نشرت تحت اسم زوجته الثانية في كتابين بين 1928 و1930: "الحياة المبكرة لتوماس هاردي، 1840-91" و"السنوات اللاحقة لتوماس هاردي 1892-1928".

وفاته

توفي هاردي في 11 من يناير 1928. أقميت جنازته في 16 من نفس الشهر، في دير وستمنستر

 

 

أخبار الساعة