الخميس 24 يوليو 2025

عرب وعالم

علماء لـ"فاينانشيال تايمز": "القبة الحرارية" تلهب أوروبا بموجات حر غير مسبوقة

  • 3-7-2025 | 12:47

موجات الحر

طباعة
  • دار الهلال

حذر علماء من التداعيات الخطيرة التي تشهدها العديد من البلدان الأوروبية والولايات المتحدة بسبب تضاعف تأثيرات ما يعرف بظاهرة "القبة الحرارية"، التي زادت قوتها ومدتها، ثلاث مرات منذ خمسينيات القرن الماضي، ما تسبب في معاناة عشرات الملايين من موجات حر غير مسبوقة في أجزاء من الولايات المتحدة وأوروبا.

وقالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" إن العديد من الدول مثل اليونان وإسبانيا وفرنسا تعرضت لموجات حر غير عادية في يونيو بسبب "قبة حرارية" تشكلت في أوروبا خلال تلك الفترة، وهي ظاهرة تحدث جراء احتباس نظام ضغط مرتفع للحرارة في طبقات الجو العليا.

وكشفت هيئة الأرصاد الجوية البريطانية أن درجات الحرارة المرتفعة من المرجح أن تستمر منذ بداية هذا الأسبوع، لا سيما في جنوب شرق إنجلترا وشرق ويلز، حيث من المتوقع أن تراوح حول 35 درجة مئوية، فيما أشارت التوقعات إلى وصول الحرارة في مدينة إشبيلية، جنوبي إسبانيا إلى 42 درجة مئوية الأحد الماضي.

وتسببت تلك الموجة في صدور عدد من التحذيرات من الهيئات المتخصصة في رصد المناخ والطقس.

فمن جانبها، أصدرت "وكالة الأمن الصحي" البريطانية تحذيرات صحية من ارتفاع درجات الحرارة، باللونين الأصفر والبرتقالي، لمعظم أنحاء إنجلترا بدءا من يوم الجمعة.

وفسر نائب رئيس هيئة الأرصاد الجوية البريطانية، مايك سيلفرستون، تلك التحذيرات بأنها تعكس تأثراً جزئياً "بموجة الحرارة التي تتشكل عبر أوروبا الغربية“.

وبدورها ..أفادت هيئة الأرصاد الجوية البريطانية بأن درجات الحرارة المتوقع ستظل مرتفعة حيث لا تقل درجات الحرارة في بعض المناطق عن 20 درجة مئوية في ما يسمى بـ”الليلة الاستوائية"، مضيفة أن هذه الليالي الدافئة تعني أنه لن يكون هناك استراحة من الأيام الحارة، وقد تستمر موجة الحر في جنوب شرق إنجلترا.

وعلى صعيد آخر، أدى حريق غابات كبير جنوب أثينا يوم الخميس إلى إغلاق الطريق الساحلي المؤدي إلى "معلم بوسيدون" السياحي في سونيون، حيث اقتربت درجات الحرارة من 40 درجة مئوية.

في الوقت نفسه، تسببت أنظمة الضغط المنخفض المستمرة في إصابة جنوب غرب الصين بالفيضانات، مما أدى إلى وقوع وفيات وإجلاء الآلاف، مع تحذيرات من الإدارة الصينية للأرصاد الجوية بشأن هطول أمطار غزيرة في أجزاء من قويتشو ويوننان وسيتشوان كما أبلغت باكستان وشمال الهند عن وقوع وفيات جراء فيضانات مفاجئة.

وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلنطي، تجاوزت درجات الحرارة 40 درجة مئوية في أجزاء من الولايات المتحدة الأسبوع الماضي مع استمرار موجة الحرارة في الولايات الشرقية والوسطى. ففي مانهاتن، وصلت درجات الحرارة إلى 99 درجة فهرنهايت (37 درجة مئوية) وبلغت 102 درجة فهرنهايت (38.9 درجة مئوية) في مطار جون إف كينيدي.

قال مايكل مان، أستاذ في قسم علوم الأرض والبيئة بجامعة بنسلفانيا، إن ”القبة الحرارية المزدوجة“ في كل من أوروبا وأمريكا الشمالية من المرجح أن ”تصبح أكثر شيوعًا مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب“.

وكشفت الأبحاث التي أجراها مان ورفاقه، التي نُشرت في دورية "متابعات الأكاديمية الوطنية للعلوم"، أن تضخم موجات "التيار النفاث"- تيار الهواء السريع الذي يحيط بالكوكب- قاد إلى حدوث زيادة دراماتيكية في الظواهر الجوية، ما تسبب في حدوث موجات حرارة، وحرائق غابات، وفيضانات.

وينجم عن تلك الظاهرة، المعروفة باسم "التضخيم شبه الرنيني"، أن تبقى أنظمة الطقس ذات الضغط المنخفض والمرتفع في آن واحد فوق منطقة ما لفترات أطول.

وقامت الدراسة، التي رصدت سلوك "التيار النفاث"، بحساب عدد حالات حدوث "التضخيم شبه الرنيني" في كل عام.

ومن خلال بيانات جمعت على مدار سبعة عقود، كشفت الدراسة ظهور اتجاه في الإحصاء السنوي لتلك الظواهر أثناء فصل الصيف في المنطقة الشمالية من الكوكب، أو ما يعرف بالمنطقة المناخية الشمالية جنوب القطب الشمالي، حيث يحيط "التيار النفاث" بالكرة الأرضية.

وكشفت البيانات أن هذا العدد تضاعف ثلاث مرات تقريباً لترتفع من مرة واحدة كل عام إلى ثلاث مرات سنوياً، عندما تم الحساب على مدار السبعين عاماً الماضية.

ولفت مان أستاذ قسم علوم الأرض والبيئة في "جامعة بنسلفانيا" إلى أن "القبتين الحراريتين المزدوجتين الحاليتين تظهر أن ذلك كان جزءاً من نمط واسع النطاق للغاية"، الذي يرتبط بـ"تيار نفاث شديد التذبذب حيث تظل تلك ’التذبذبات’ في موقعها لأيام عديدة متتالية."

وحاولت الصحيفة تفسير ماهية ظاهرة "القبة الحرارية"، ومحاولة التعرف على أسبابها بالتعاون مع "نواا"، لافتة إلى أنه يمكن تبسيط ظروف حدوثها في ست خطوات: أولها، حبس الهواء الدافئ للمحيط الهادئ في "تيار نفاث"، يحيط بالكوكب ليشكل حلقة يطلق عليها "كتلة أوميجا". ثانيها، يأخذ الهواء الدافئ بالتمدد لأعلى.

وثالثها، بفعل الضغط المرتفع تتشكل قبة في "التيار النفاث" تمنع الهواء الساخن من الهروب. ورابعها، يجبر الضغط المرتفع الهواء الدافئ على العودة إلى الأرض مجدداً. وخامسها، أثناء هبوط الهواء الساخن وانزلاقه إلى الأرض يطلق مزيداً من الحرارة.

وفي الخطوة السادسة تتسبب الحرارة المنزلقة من "القبة الحرارية" في فقدان الأرض للرطوبة، ما يتسبب في مزيد من الاحتباس الحراري، وزيادة احتمالية نشوب الحرائق، وفي الوقت نفسه، تعمل "القبة الحرارية" على منع دخول السحب إلى المناطق تحت القبة، ما يقلل من فرص تبريد درجات الحرارة أثناء حدوث الظاهرة.

وتقر البروفيسورة في ديناميكيات المناخ بـ"جامعة ليدز"، أماندا مايكوك، بحدوث تحولات دراماتيكية في المناخ في مناطق شمال الكوكب قائلة إن اعتبار الطقس "نموذجياً" أثناء فصل الصيف باتت مسألة من الماضي، إذ ساهمت التغيرات في أنماط الطقس و"التيار النفاث"، في حدوث تقلبات شديدة ومتكررة في درجات الحرارة وهطول الأمطار.

ولفتت إلى أنه برغم عدم فهم الأسباب الحقيقية وراء هذا التغير في أنماط الغلاف الجوي بشكل كامل، فمن المؤكد أن الاستمرار في ارتفاغ الغازات المسببة للاحتباس الحراري سيؤدي إلى اشتداد موجات الحرارة.

واختتمت مايكوك تصريحاتها لـ"فاينانشيال تايمز" بحقيقة صادمة بقولها "نتوقع حالياً تحطم الأرقام القياسية لدرجات الحرارة بصورة منتظمة، ليس بفارق بسيط بل بفارق كبير في كثير من الأحيان."
وتابعت محذرة من تجاهل تلك الحقائق قائلة "لابد أن نُذكر أنفسنا أن هذا الأمر ليس طبيعيا فالتغير المناخي شاخص بوضوح أمام أعيننا."

أخبار الساعة

الاكثر قراءة