يمر الأطفال في مراحل حياتهم بالكثير من المواقف التي قد تترك أثرًا نفسيًا، سواء كانت إخفاقًا دراسيًا أو تنمرًا أو شعورًا بالظلم، وهنا يأتي دور الأم في تنمية ما يعرف بـالصلابة النفسية، وهي القدرة على مواجهة الصعاب بثبات، وتحويل الأزمات إلى فرص للتطور، وبمناسبة الاحتفال بذكرى يوم عاشوراء، نستعرض مع أخصائية نفسية كيف يمكن للأم أن تغتنم هذه المناسبة الدينية المهمة لتعزيز قيم الإيمان والثقة بالله والتحدي لدى صغيرها، مستمدة من قصة سيدنا موسى عليه السلام الدروس التي تصلح لبناء شخصية قوية ومتوازنة.
من جهتها، قالت الدكتورة رانيا كمال مدرب معتمد وأخصائية تخاطب وصحة نفسية، وتأهيل سلوكيات غير سوية للأطفال والمراهقين، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال "، أن قصة يوم عاشوراء ليست مجرد واقعة تاريخية نرويها للصغار، بل هي كنز تربوي يمكن استخدامه لترسيخ مفاهيم نفسية عظيمة، فرسالة هذه القصة تتجاوز النجاة من البحر أو هلاك الظالم، لتصل إلى الطفل في صورة مبادئ تعزز صلابته النفسية، وتغرس بداخله الثقة في الله وقدرته على الخروج من الأزمات، من خلال اتباع النصائح الاتية:

-أن تروي الأم لطفلها أنه عندما يشعر بالعجز أو الخوف من الفشل، عليه الإدراك بأن الإيمان بالله هو مصدر القوة، وأن اليقين بالفرج يصنع المعجزات، وأن التحديات النفسية غالبًا لا تأتي من الظروف فقط، بل من طريقة التفكير تجاهها، فالفكر الخاطئ يولد مشاعر سلبية، والمشاعر تتحول إلى سلوك، م تراكمات من الأخطاء تؤدي إلى هشاشة نفسية، لذلك، من المهم أن تساعد الأم طفلها على إعادة تشكيل أفكاره منذ الصغر.
- يجب توعية الأبن بأن الفشل ليس نهاية الطريق، والظلم لن يدوم، ولكل مشكلة مهما كانت، لها حل.
-من المهارات التي يمكن أن تزرعها الأم في طفلها، أن يتعلم كيف يتعامل مع الأزمات الضخمة من خلال تقسيمها، إلى خطوات صغيرة يمكن السيطرة عليها.
- تعليم الطفل اللجوء إلى مصادر الدعم الإيجابي، مثل الوالدين أو أحد الأقارب الأكبر سنًا، أو شخصية ذات قيم مثل مرشد اجتماعي بالمدرسة أو معلم، فالمجتمع أيضًا يلعب دورًا في بناء الصلابة النفسية، سواء من خلال المسجد أو الكنيسة أو البيئة المدرسية، مما يخلق لدى الطفل شعورًا بأنه ليس وحده.
- من أهم القيم التي يستفيد منها الطفل من قصة يوم عاشوراء هي عدم الاستسلام، فرسالة هذا اليوم أن النجاح يولد أحيانًا من قلب الأزمة، وأن التحدي ليس عداءً للحياة، بل احترام لقدرة الإنسان على الصمود، وهنا، يمكن للأم أن تحكي لطفلها مواقف حقيقية أو رمزية عن أشخاص نجوا من الظلم وحققوا النجاح، لتبني في داخله روح المحاولة.
-يوم عاشوراء ليس فقط فرصة للصيام أو تذكر المعجزات، بل هو مناسبة ذهبية تغتنمها الأم الواعية لتغرس في نفس طفلها بذور الإيمان، وتزرع فيه الطمأنينة، والثقة بالنفس، والقدرة على تجاوز الأزمات.