تراجعت فرص التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، رغم الزخم الكبير الذي رافق هذا المسار في الآونة الأخيرة، وذلك بعد أن رفضت إسرائيل التعديلات التي طالبت بها حركة حماس على المقترح المقدم من الوسطاء، ما يُضعف الجهود الرامية إلى إنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ 22 شهرًا.
موقف إسرائيل ذلك جاء في بيان صادر عن مكتب رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أكد فيه أن بلاده تسلمت التعديلات التي طلبتها حماس على الاقتراح القطري لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين، وهي غير مقبولة بالنسبة لإسرائيل.
وينبع موقف حماس من أنها تريد اتفاقًا يفضي إلى وقفٍ كاملٍ لإطلاق النار في غزة، وهو ما لا تريده الحكومة الإسرائيلية، التي بات بقاؤها في السلطة يرتبط بمواصلة هذه الإبادة، التي أوقعت أكثر من 193 ألف فلسطيني في غزة بين شهيد وجريح.
ومع ذلك، وجّه نتنياهو -المدان لدى المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة- بإرسال وفد تفاوضي إلى الدوحة، اليوم الأحد، لإجراء المحادثات حول وقف إطلاق النار.
ويدور الحديث عن أن اتفاق وقف إطلاق النار الراهن يمتد لـ60 يومًا، يعقبها التفاوض على إنهاء الحرب، ما يمنح إسرائيل القدرة على استئناف الحرب حال فشل هذه المحادثات، في ظل سابقاتها في التنصل من استكمال اتفاق يناير الماضي.
وتفاديًا لذلك، تصر حماس في ردها -حسب إعلام عبري- على ضمانات بعدم استئناف الحرب عقب انتهاء الـ60 يومًا.

تقويض لجهود وقف الحرب
وألقى الرفض الإسرائيلي للتعديلات التي طالبت بها حركة حماس على مقترح وقف إطلاق النار في قطاع غزة بظلاله الكثيفة على مسار المفاوضات، حيث يهدد بتقويض الجهود الدولية لوقف الحرب المستمرة، ذلك ما يراه الدكتور أيمن سلامة، خبير حفظ السلام الدولي.
وأكد في حديثه لـ"دار الهلال"، أن بيان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يصف التعديلات بأنها "غير مقبولة"، يضع العقبات مجددًا أمام أي اختراق محتمل في العملية التفاوضية.
وبشأن تداعيات هذا الموقف الإسرائيلي، رجّح الخبير الدولي أن يؤدي هذا الرفض إلى استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة، وربما تصعيدها.
وأشار إلى أن غياب أي أفق للتوصل إلى هدنة يعني استمرار القتال، وما يترتب عليه من خسائر بشرية ومادية فادحة، وتفاقم الأزمة الإنسانية الخانقة في القطاع.
وأوضح أن هذا الموقف سيُصعّب من مهمة الوسطاء، وخاصة قطر ومصر، في تقريب وجهات النظر بين الطرفين، حيث إن رفض التعديلات "الحمساوية" يعني أن هناك فجوة كبيرة لا تزال قائمة بين مطالب الجانبين، مما يجعل الوصول إلى صيغة توافقية أمرًا عسيرًا في الوقت الراهن.

"كما قد يزيد الرفض من الضغوط الدولية على إسرائيل، خاصة مع تزايد المطالبات بوقف إطلاق النار وحماية المدنيين في قطاع غزة".
هل تتجه المفاوضات إلى الفشل؟
وعلى الرغم من الرفض الإسرائيلي لتعديلات حماس، فإن إشارة نتنياهو إلى "مواصلة المفاوضات لإعادة المحتجزين بناءً على الاقتراح القطري الذي وافقت عليه إسرائيل" قد تحمل بارقة أمل ضئيلة، حسب الدكتور سلامة.
وأوضح أن هذا الموقف الإسرائيلي يعني أن قناة التفاوض لم تُغلق بالكامل بعد، وأن هناك استعدادًا مبدئيًا من الجانب الإسرائيلي لمواصلة الحوار، وإن كان بشروط معينة.
وبيّن أن هذا يشير إلى إمكانية البحث عن تسويات بديلة أو تعديلات على التعديلات، تُلبي بعض مطالب حماس دون المساس بالخطوط الحمراء الإسرائيلية.
كيف ستتصرف الولايات المتحدة الأمريكية؟
ويرى سلامة أن الولايات المتحدة الأمريكية، بصفتها طرفًا وسيطًا رئيسيًا وحليفًا لإسرائيل، ستجد نفسها في موقف دقيق، حيث من المتوقع أن تزيد واشنطن من ضغوطها الدبلوماسية على الطرفين.
وطرح سلامة ثلاثة خيارات قد تلجأ لها الولايات المتحدة للتعامل مع الأزمة الراهنة في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وهي:
- الضغط على إسرائيل: لحثها على إبداء مرونة أكبر في بعض النقاط، خاصة تلك المتعلقة بالمساعدات الإنسانية وعودة النازحين.
- الضغط على حماس: لإقناعها بتقديم تنازلات في مطالبها التي تعتبرها إسرائيل غير مقبولة.
- البحث عن حلول وسط: قد تقدم الولايات المتحدة مقترحات جديدة أو مبادرات تهدف إلى سد الفجوة بين الطرفين، وتقديم ضمانات لطمأنة كل طرف.
وفي غضون ذلك، شدد الخبير الدولي على أن التحدي الأكبر للولايات المتحدة سيكون في الحفاظ على توازن دقيق بين دعمها لإسرائيل، والضغط عليها لتجنب تصعيد أكبر للأوضاع الإنسانية والأمنية في غزة، وبين ضرورة التوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار.