رغم أنها تُعد من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا حول العالم، لا تزل الأنيميا، أو ما يُعرف بفقر الدَّم، تواجه تهميشًا في التوعية بخطورتها، على الرغم من إصابتها لملايين الأشخاص من مختلف الفئات العمرية.
ويكمن خطر هذا المرض في تسببه بانخفاض عدد خلايا الدم الحمراء عن المعدل الطبيعي، ما يؤدي إلى ضعف قدرة الدَّم على نقل الأوكسجين إلى أعضاء الجسم وأنسجته، فتظهر الأعراض تدريجيًا في صورة تعب مستمر، ودوخة، وشحوب في البشرة، وضعف في التركيز، دون أن ينتبه الكثيرون إلى أن ما يعانون منه هو بداية إصابة صامتة بالأنيميا.
وأكدت الدكتورة نهلة عبد الوهاب، استشاري المناعة والبكتيريا والتغذية الحيوية، ورئيس قسم البكتيريا والمناعة بمستشفى جامعة القاهرة، ومدير المستشفى ذاته في تصريحات خاصة لبوابة "دار الهلال" أن غالبية المصابين بالأنيميا يكونون عرضة أكبر للإصابة بالجلطات، خاصة في فترات الصيف وارتفاع درجات الحرارة، حيث يؤدي التعرض للحرارة الشديدة إلى الإصابة بالجفاف، وهو ما يرفع من خطر حدوث تجلطات في الدم، وهي من أكثر المضاعفات التي يتعرض لها مرضى فقر الدم دون وعي كامل بأسبابها.
وترى د. نهلة أن العوامل الوراثية تلعب دورًا كبيرًا في زيادة فرص الإصابة، لكنها ليست السبب الوحيد، فالأنيميا قد تنشأ نتيجة خلل في تكوين كرات الدم الحمراء بسبب نقص أحد العناصر اللازمة لبنائها، أو نتيجة تكسير تلك الكرات بعد اكتمالها مباشرة، أو بسبب نزيف يؤدي إلى فقد كميات كبيرة من الدم، وكل هذه الحالات تؤدي إلى النتيجة نفسها: انخفاض قدرة الجسم على حمل الأوكسجين.
وتوصي د. نهلة عبد الوهاب بضرورة إجراء تحليل صورة دم كاملة كل ستة أشهر، حتى للأشخاص غير المصابين، كوسيلة للكشف المبكر وتحديد نوع الأنيميا إن وُجدت، وكذلك تحديد العنصر الناقص المسؤول عنها، وهو ما يساعد الأطباء على التدخل في الوقت المناسب بالعلاج المناسب، كما شددت على أهمية شرب كوب من الماء كل ساعة، لما له من دور كبير في الوقاية من الجفاف الذي يُعد أحد أبرز أسباب التجلط، خاصة لدى مرضى الأنيميا.
ولأن الغذاء هو خط الدفاع الأول، تؤكد استشاري المناعة والتغذية الحيوية أن الخضراوات، بما تحتويه من عناصر غذائية وفيتامينات ومعادن، وعلى رأسها الحديد، يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من النظام الغذائي اليومي، خصوصًا للأشخاص المعرّضين للإصابة أو من لديهم تاريخ عائلي مع المرض.
في النهاية، يبقى فقر الدم مرضًا يمكن تجنّبه والسيطرة عليه، لكنه يتطلب وعيًا صحيًا حقيقيًا والتزامًا بتعليمات بسيطة لكنها فعالة، تبدأ بتحليل دم، وتمر بكوب ماء، وتنتهي بطبق خضار.