مع حلول فصل الصيف في الولايات المتحدة، يشهد قطاع التجزئة الأمريكي فوضى عارمة مع استعداده لموسم الكريسماس على خلفية الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث تسببت سياساته المتقلبة في إرباك الموزعين والتجار قبل اتخاذ قرار الاستيراد بالتكاليف الإضافية، والتي ستكون حملا إضافيا إما على التاجر أو المستهلك.
وعادةً ينشغل قطاع التجزئة بالاستعداد لموسم الكريسماس في هذا الوقت من العام، حيث تكون قد أتمت الشركات الأمريكية في الوقت الحالي وضع طلباتها وتحديد أسعار المنتجات الخاصة بموسم العطلات، لكن قرارات ترامب الأخيرة ضمن مساعيه لإحياء قطاع التصنيع المحلي وتقليص العجز التجاري الأمريكي، أفسدت تلك الخطط، بحسب وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية.
وأوضحت الوكالة أن شركة "بالسام هيل"، المتخصصة في بيع الأشجار الصناعية وزينة الأعياد عبر الإنترنت، أصبحت تتردد في إصدار كتالوجات عطلاتها، بعدما باتت المنتجات المعروضة تتغير باستمرار حسب تقلبات الرسوم الجمركية التي يفرضها ترامب ويعدلها ويراجعها، حيث أُجبروا على إعادة ترتيب الطلبات والشحن ومصادر الاستيراد، ومازالوا لا يعرفون بعد ما إذا كانت بعض المنتجات ستُدرج في كتالوج هذا العام.
وأثارت هذه الضبابية، التي استمرت لعدة أشهر بشأن الدول التي قد تخضع صادراتها لرسوم جديدة، تساؤلات كثيرة حول موسم أكبر موسم للتسوق في الولايات المتحدة والذي يتزامن سنويا مع موسم الكريسماس، خاصة وأن الرسوم الجمركية دفعت بعض الموردين عن خطوط إنتاج كاملة تفاديًا لخسائر محتملة.
ونوهت "أسوشيتيد برس" إلى أن المتاجر الأمريكية قد لا تكون قادرة على تلبية رغبات العملاء خلال شهري نوفمبر وديسمبر المقبلين، وقد ترتفع الأسعار على المستهلكين في ظل انخفاض المعروض، خصوصًا في حال دخول جولة جديدة من الرسوم "المتبادلة" حيز التنفيذ الشهر المقبل.
ويعد قطاع الألعاب الأمريكي بين الأكثر تضررًا، إذ يتم استيراد نحو 80% من منتجاته من الصين، حيث أفاد جريج أهيرن، الرئيس التنفيذي لرابطة الألعاب الأمريكية، بأن الشركات الأمريكية عادة ما تبدأ التصنيع في أبريل، لكن رسوم ترامب التي بلغت 145% على البضائع الصينية أخّرت الانطلاقة هذا العام حتى أواخر مايو، ما تسبب في تعطل سلاسل التوريد، فالألعاب الموسمية لم تصل إلى المخازن الأمريكية إلا مؤخرًا.
أما دين سميث، مالك سلسلة متاجر الألعاب "جازامز"، أكد أنه اضطر إلى إلغاء نصف الطلبيات المعتادة، بعد أن أصبح عليه دراسة كل منتج على حدة لتحديد مدى قدرته على تحمل ارتفاع الأسعار دون خسارة العملاء.
وعلّقت هيلاري كي، مالكة متجر "توي تشيست"، بأنها تخلّت عن اختبار الألعاب الجديدة هذا العام، بسبب مخاوف من تأخر وصول الطلبيات وتحمل ضرائب باهظة، مؤكدة تلقيها إشعارات متتالية من الموردين بزيادة الأسعار، وصلت في بعض الحالات إلى 20%.
وأوضحت الوكالة أن تأثير هذه الزيادات قد يتغير مجددا في حالة إقرار تعديل جديد على سياسة الرسوم من قبل إدارة ترامب، إلا أن الخوف من غياب التنوع في المنتجات الخاصة بمراحل عمرية واحتياجات محددة يبقى قائمًا.
وشهدت موانئ الشحن الأمريكية تداعيات الأزمة أيضا، حيث سجل ميناء لوس أنجلوس، أعلى معدل شحن في تاريخه خلال شهر يونيو الماضي، في مسعى من الشركات للإسراع بجلب البضائع قبل سريان الرسوم المرتفعة، وأوضح مدير الميناء جين سيروكا، أن حركة الاستيراد هذا العام تعكس ما سماه "تأثير سوط الرسوم"، حيث تتباطأ الواردات مع فرض الرسوم، وتنتعش مجددًا عند تعليقها.
وفي ظل هذا الوضع، يضطر تجار التجزئة إلى توسيع مستودعاتهم وزيادة طلبياتهم باكرًا، لكنهم يبدون أيضا تخوفهم من اضطرارهم لإعادة التوريد بأسعار أعلى لاحقًا، وهو ما قد يضعف هوامش الربح ويؤثر على قدرتهم على توفير مجموعة متنوعة ترضي جميع العملاء.