أكد الأمين العام للأمم المتحدة، "أنطونيو جوتيريش"،أن عصر الوقود الأحفوري يتداعى وينهار وإننا نعيش الآن في فجر عصر الطاقة الجديد، وهو عصر تغذي فيه الطاقة النظيفة الوفيرة الرخيصة عالما غنيا بالفرص الاقتصادية.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، أكد "جوتيريش" أن مستقبل الطاقة النظيفة لم يعد مجرد وعد، بل هو حقيقة واقعة، مشيرا إلى أنه "ليس بإمكان أي حكومة أو صناعة أو مصلحة خاصة أن توقفه".
وأضاف قائلا: "وبطبيعة الحال، سيحاول أنصار الوقود الأحفوري وقفه - ونحن نعلم إلى أي مدر سيذهبون... ولكنني على يقين تام من خيبة مسعاهم - لأننا تجاوزنا نقطة اللا عودة".
وأشار الأمين العام إلى أن العام الماضي شهد إنفاق تريليوني دولار للطاقة النظيفة، أي بزيادة قدرها 800 مليار دولار عما أنفق على الوقود الأحفوري، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 70% تقريبا في عشر سنوات.
ونوه "جوتيريش" إلى بيانات أصدرتها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة والتي تُظهر أن أكثر من 90% من المصادر الجديدة للطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم تُنتج الكهرباء بتكلفة أقل من أرخص بدائل الوقود الأحفوري الجديدة. وأضاف قائلا: "هذا ليس مجرد تحول في التأثير، إنه تحول في الإمكانية، وفي جهود إصلاح علاقتنا بالمناخ".
وأعلن الأمين العام عن إصدار تقرير خاص، بدعم من وكالات الأمم المتحدة وشركائها، والذي يبين مدى التقدم الذي أحرز خلال العقد الذي انقضى منذ أن أشعل اتفاق باريس "شرارة ثورة الطاقة النظيفة"، ويُسلط الضوء على الفوائد الهائلة والإجراءات اللازمة لتسريع عملية الانتقال العادل للطاقة عالميا.
وقال "جوتيريش" إن جُّل القدرات الإنتاجية الجديدة للطاقة التي تم بناؤها العام الماضي جاءت من مصادر الطاقة المتجددة، وإن جميع القارات أضافت قدرات طاقة متجددة أكثر مما أضافته من الوقود الأحفوري.
وأضاف أن هذا يعود إلى ثلاثة "أسباب قوية"، أولها اقتصادات السوق، حيث إن الطاقة المتجددة مجدية اقتصاديا. وأكد أن النمو الاقتصادي لم يعد مرتبطا بارتفاع الانبعاثات، ومع ذلك لا يزال الوقود الأحفوري يتمتع بميزة الحصول على دعم استهلاكي من الموازنة العامة بنسبة 1 إلى 9 على مستوى العالم وهو تشويه واضح للسوق.
وأوضح أن الثاني وراء هذا الصعود في مصادر الطاقة المتجددة، هو أن المصادر وجدت لتبقى لأنها أساس أمن الطاقة والسيادة.
وقال الأمين العام: "لنكن واضحين، فإن أكبر تهديد لأمن الطاقة اليوم هو الوقود الأحفوري، فهو يبقي الاقتصادات والشعوب تحت رحمة صدمات الأسعار واضطرابات العرض والاضطرابات الجيوسياسية.. تأملوا فقط غزو روسيا لأوكرانيا ، فقد أدت الحرب في أوروبا إلى أزمة عالمية في الطاقة. إذ حلقت أسعار النفط والغاز وتبعها ارتفاع فواتير الكهرباء والطعام".
أوضح الأمين العام للأمم المتحدة أن الاقتصادات الحديثة والتنافسية تحتاج إلى طاقة مستقرة وبأسعار معقولة، مشيرا إلى أن مصادر الطاقة المتجددة توفر كلا الأمرين. "فأسعار أشعة الشمس لا ترتفع ولا يوجد حظر على الرياح. ويمكن لمصادر الطاقة المتجددة أن تضع الطاقة – بالمعنيين الحرفي والمجازي – في أيدي الناس والحكومات".
وأوضح أن السبب الثالث والأخير لعدم التراجع عن مصادر الطاقة المتجددة هو سهولة الوصول إليها ، إنه يمكن نشر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بشكل أسرع وأرخص وأكثر مرونة من الوقود الأحفوري...وأضاف قائلا: "إذا كان من غير الممكن بناء محطة فحم في الفناء الخلفي لمنزل ما، فإن من الممكن توصيل الألواح الشمسية إلى أبعد قرية نائية على وجه الأرض".
وبرغم تأكيد "جوتيريش" أن التحول في مجال الطاقة لا سبيل إلى وقفه، إلا أنه حذر من أن هذا التحول لا يتم بسرعة كافية أو بعدالة كافية. كما حذر من أن أزمة المناخ تزهق الأرواح وتقضي على سبل العيش، مشيرا إلى أن الوفاء بهدف حصر ارتفاع درجة الحرارة في حدود في حدود 1.5 درجة مئوية المحدد في اتفاق باريس أصبح "في خطر غير مسبوق".
وشدد الأمين العام على أن الخطط الوطنية الجديدة للمناخ، والمقرر صدورها في غضون أشهر، يجب أن تُضفي الوضوح واليقين على التحول في مجال الطاقة، ويجب على دول مجموعة العشرين، التي تُنتج 80% من الانبعاثات العالمية، أن تقود الطريق.