كانت ثورة 23 يوليو 1952 لحظة حاسمة في تاريخ مصر الحديث، فلم تغير فقط ملامح حكم البلاد، بل أعادت رسم دور النساء في المجتمع، فقد خرجت المرأة المصرية من الظل إلى الضوء، مدفوعة برؤية وطنية آمنت بقدرتها على المساهمة الفعلية في بناء الوطن، حيث بدأت مرحلة جديدة في حياة المصريات، حملت لهن حقوقًا طال انتظارها.
وبمناسبة ذكرى ثورة ٢٣يوليو تستعرض بوابة "دار الهلال" أهم مكتسبات المرأة جراء تلك الثورة.
- تم إقرار مجانية التعليم في جميع مراحله لجميع أبناء الشعب المصري ذكور وإناث، وأصبحت الفتاة المصرية تمتلك الحق في التعلم جنبًا إلى جنب مع البنين، ما أدى إلى دخول آلاف منهن إلى المدارس والجامعات، وقد ساهم هذا التحول في تمكين المرأة من تحقيق ذاتها والمنافسة في شتى المجالات، بل وتجاوزت الرجل في الكثير، وأثبتت جدارتها وجدواها في بناء المجتمع وتقدمه.
-قبل ثورة يوليو، كانت المرأة المصرية محرومة من التعليم الأزهري، إذ لم يكن مسموحًا لها بدخول جامعة الأزهر، ولكن الرئيس جمال عبد الناصر، أصدر قرارات فتحت تلك الأبواب أمام الفتيات حتى مرحلة الجامعة، وقد شكل ذلك تحولًا كبيرًا، ساعد على تأهيل أجيال من النساء المثقفات، القادرات على المساهمة في بناء أسرة متوازنة ومجتمع أكثر وعيًا.
-للمرة الأولى في تاريخ مصر، أصبح للمرأة الحق في الإدلاء بصوتها والترشح في الانتخابات، وذلك بفضل دستور عام 1956 الذي أقر المساواة السياسية بين الرجل والمرأة، وكانت بداية هذه المرحلة التاريخية في انتخابات عام 1957، التي شهدت ترشح ثماني سيدات، فازت من بينهن السيدة راوية عطية، لتصبح أول امرأة تدخل البرلمان المصري، بل وأول برلمانية في العالم العربي، وقد واصلت راوية عطية مسيرتها الوطنية داخل البرلمان، فدافعت عن قضايا الأسرة المصرية، وطالبت بإنشاء مكاتب للتوجيه الأسري والاستشارات الزوجية، إيمانًا منها بأهمية الحفاظ على كيان الأسرة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية.
-في عام 1962، شهدت مصر إنجازًا جديدًا على طريق تمكين المرأة، بتعيين الدكتورة حكمت أبو زيد وزيرةً للدولة للشؤون الاجتماعية، لتكون بذلك أول سيدة تتولى حقيبة وزارية في الحكومة المصرية، لما تتمتع به من كفاءة علمية بارزة، حيث درست التاريخ في جامعة القاهرة، ثم حصلت على الدكتوراه في علم النفس من جامعة لندن، وكان لها دور ريادي في وضع رؤية شاملة للعمل الاجتماعي، فحولت الوزارة إلى منبر لخدمة الأسرة والمرأة والمجتمع، من خلال مشروعات عديدة مثل "مشروع الأسر المنتجة"، و"الرائدات الريفيات"، و"النهوض بالمرأة الريفية".
ساهمت الدكتورة حكمت أبو زيد في تنظيم عمل الجمعيات الأهلية، ووضعت أول قانون يضبط عملها عام 1964، وحرصت على وصول الخدمات التنموية إلى القرى والنجوع.
-ركزت القيادة السياسية بعد الثورة على النهوض بالمرأة في الريف المصري، عبر مجموعة من المشروعات التي استهدفت تحسين أحوالها المعيشية والاجتماعية، وكان على رأسها مشروع الأسر المنتجة، لدعم المرأة اقتصاديًا وتشجيعها على إقامة مشروعات صغيرة، ومشروع الرائدات الريفيات لتدريب النساء على التوعية الصحية والاجتماعية والتعليمية.
-شهدت الصحافة المصرية تطورًا ملحوظًا في حضور المرأة بعد ثورة يوليو، فكانت السيدة أمينة السعيد أول رئيسة تحرير لمجلة حواء، وأول رئيسة مجلس إدارة دار الهلال عام 1976، فضلا عن انضمامها إلى مجلس إدارة نقابة الصحفيين لتشغل مناصب قيادية بارزة، بالإضافة إلى ذلك تولت منصب السكرتيرة العامة للاتحاد النسائي، كما كانت عضواً في مجلس الشورى.
- فتحت الثورة أبواب العمل العام للنساء، وسمحت لهن بالتصويت والترشح للمناصب، مما مهد الطريق لظهور رموز نسائية قوية في السياسة، مثل الإعلامية آمال فهمي، أول سيدة تعين مديرة لإذاعة الشرق الأوسط، والتي أكدت أن الثورة غيرت تمامًا واقع المرأة في الحياة العامة.