أُثيرت زوبعة من الجدل مجددًا حول موضوع حرمانية الحشيش، وذلك بعد تصريحات سعاد صالح، أستاذ الفقه، والتي زعمت فيها أنه لا يوجد نص شرعي بأن "الحشيش حرام"، وهو أمر منافٍ للصحة، كما قالت دار الإفتاء ووزارة الأوقاف.
الحشيش حلال أم حرام؟
وفي تصريحات لها، زعمت الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه، أن تدخين الحشيش يعتبر جائزًا شرعًا، بحجة أن تأثيره يختلف عن الخمور التي تؤثر على العقل بشكل كبير.
ومضت زاعمة أنه "لا يوجد نص شرعي يحرّم الحشيش، ولكن إذا أذهب العقل كالخمر هنا يأخذ حكمه، ولكن الحشيش وحده لا يوجد نص يحرّمه".
وفي إطار الرد على ذلك، فإن دار الإفتاء المصرية تؤكد أن تعاطي المواد المخدرة، وعلى رأسها الحشيش، مُحرَّم تحريمًا قاطعًا، ولا يجوز تداوله أو الترويج له تحت أي مبرر.
وجاءت فتوى الإفتاء تلك بناءً على أن "كل ما يُذهب العقل ويؤدي للضرر محرّم شرعًا"، مستشهدة بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام".
وبُعد تصريحات "صالح"، أكد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، أن الحشيش حرام كحرمة الخمر سواءً بسواء، محذرًا من التهاون في هذا الباب أو محاولة تسويغ تعاطيه بأي صورة من الصور.
وأشار وزير الأوقاف إلى أن الادعاء بأنه حلال هو خطأ فادح، لا سيما إذا صدر عن شخصيات عامة أو أكاديمية، لأن في ذلك تضليلًا للرأي العام، وفتحًا لأبواب الانحراف والإدمان.
وأضاف: "لن أطيل بذكر تفاصيل الحكم الشرعي في حُرمته، وإنما أكتفي بالإشارة إلى ما سطّره علماء الإسلام الراسخون، ومنهم الإمام بدر الدين الزركشي في كتابه زهر العريش في تحريم الحشيش، وهو كتاب مطبوع مشهور ومتداول، وكذلك العلامة السيد عبد الله بن الصدّيق في كتابه واضح البرهان على تحريم الخمر والحشيش في القرآن، وقد طُبع مرات عديدة".
ونوّه إلى أن الاستسهال في تعاطي الحشيش أو الترويج لتحليله هو جريمة شرعية وأخلاقية ومجتمعية، وأن الإثم يتضاعف إذا كان المتعاطي ممن يقود مركبة أو وسيلة نقل عام، لما في ذلك من تعريض لحياته وحياة الناس للخطر، مؤكدًا: أنه "حينئذ لا يرتكب محرّمًا فقط، بل يعرّض أرواحًا بريئة للفناء، وإثم ذلك عند الله عظيم".
وبدوره، نفى الدكتور عبد العزيز النجار، أحد علماء الأزهر الشريف، صحة ما أثير بشأن عدم وجود دليل شرعي على حرمانية الحشيش.
وأكد النجار، في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال"، أن المسألة محسومة وفقًا للقواعد الشرعية الواضحة، استنادًا إلى ما ثبت عن النبي محمد ﷺ، أنه قال: "ما أسكر كثيره فقليله حرام".
وأوضح أن "بما أن الحشيش يُذهب العقل، فإنه محرّم شرعًا، وكل ما يُذهب العقل فهو باطل"، مشيرًا إلى أن هذا الحكم لا ينطبق على الحشيش فقط، بل يشمل غيره من المواد المخدرة مثل البانجو، وإن اختلفت المسميات.
وأضاف أن استعمال المواد المخدرة لا يُلجأ إليه إلا للضرورة، مثل الحالات الجراحية لتسكين الألم، ومع ذلك لا يُستخدم الحشيش، بل تُستخدم مواد مخدرة طبية مخصصة.
وفيما يخص ما يُثار بشأن غياب دليل شرعي واضح على حرمانية الحشيش، رجّح النجار أن يكون مردّه إلى ظن البعض بعدم وجود نص صريح، مؤكدًا أن القاعدة الشرعية ثابتة وتُبيّن حرمانيته.
واستشهد بقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، موضحًا أن الخمر حُرّمت لأنها تُذهب العقل، والحشيش يشترك معها في العلّة نفسها.
واختتم بالإشارة إلى الحديث النبوي: "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام"، مؤكدًا أن الأمر بيّن لا يحتمل التأويل.
تفاعل وسخرية
وقد تفاعل رواد منصة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بشكل واسع مع تصريحات "صالح"، مؤكدين أن فتواها بشأن إحلال الحشيش أمر غير مقبول وتفتح الباب تجاه انهيار أخلاقي.
وكتب حساب باسم "نادر شكري" عبر حسابه على "فيسبوك" تعليقًا لاذعًا حول الجدل الدائر بشأن "تحليل الحشيش"، واصفًا الأمر بأنه تجاوز غير مقبول، خاصة أن "الحشيش مجرَّم قانونًا".

وقال شكري: "معركة الحشيش ما بين الحلال والحرام... إيه اللي إحنا وصلنا له ده؟ ما هو الحشيش مجرَّم بالقانون، هي محتاجة حلال ولا حرام؟".
وأضاف مستنكرًا: "إزاي دكتورة تحلل شيء مجرَّم بالقانون؟ وبعدين، هو اللي هيشرب حشيش أو خمر أو ترامادول هيفرق معاه إذا كان حلال ولا حرام؟".
واختتم منشوره بالدعوة إلى التركيز على أولويات الوطن، قائلًا: "خلونا نركز في أوضاع بلدنا أفضل، ونشوف العيش الأول، هو الأهم للناس".
وفي ذات السياق، علق حساب باسم "مصطفى أحمد حمام" جدلًا واسعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ساخرًا من الموضوع، قائلًا إن "فضيلة الست الشيخة سعاد صالح أهدت لجموع المتدينين فتوى شرعية بأن الحشيش ليس من المحرمات، لعدم وجود نص قرآني صريح يُحرّمه"، بحسب ما ورد في تدوينته.

وأضاف الحساب في منشوره: "كما أن الحشيش -وفق هذا المنطق- يكون على نفس النمط مع مواقع الجنس على الإنترنت، التي لا يُعد استخدامها محرمًا لعدم وجود نص شرعي صريح، وكذلك أساليب النصب عبر الإنترنت لا تُعد حرامًا لنفس السبب، فهي كلها اجتهادات بشرية".
وتابع قائلًا: "أيضًا، تُصبح تجارة الحشيش حلالًا شرعًا، ويجب -من وجهة النظر نفسها- تغيير القوانين التي تجرّم هذه التجارة".
وأنهى تدوينته بتساؤل لاذع: "السبب الآخر الذي ذكرته فضيلة الست سعاد أن الحشيش لا يُذهب العقل. وهنا يقفز سؤال إلى الأذهان: كيف عرفت فضيلة الست سعاد أن الحشيش لا يُذهب العقول مثل الخمر؟ أنت عليك تجاوب...".
ويبدو أن مصطفى يوضح عبر منشوره الساخر النتائج المترتبة على تعميم رأي "صالح" الذي يقول إنه "لا يوجد دليل على تحريم الحشيش".

ومن جانبه، أعلن المحامي نبيه الوحش، عبر منشور له، عزمه التقدم ببلاغ رسمي ضد الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، على خلفية تصريحاتها المثيرة.
وأكد الوحش أنه بصدد التقدم بطلب إلى محكمة الأسرة للحجر عليها، مدعيًا أنها "تعاني من السفه والغفلة"، كما أشار إلى عزمه رفع دعوى لفصلها من الأزهر، ومنعها من التدريس والظهور الإعلامي أو عبر منصات التواصل الاجتماعي.