أعلنت وزارة الخزانة في جنوب إفريقيا عن فتح باب تقديم مقترحات لابتكار حلول تمويلية بالعملات الأجنبية، بهدف جمع ما لا يقل عن 500 مليون دولار خلال السنة المالية الحالية، وذلك عقب تجاوز أزمة الموازنة التي هددت الاستقرار المالي للبلاد واستمرت لأشهر بسبب الانقسام بين شركاء الائتلاف الحاكم.
ويأتي هذا الإعلان بعد أن أقر مجلس النواب مشروع قانون الاعتمادات في 23 يوليو، وهو ما أنهى الجمود السياسي الذي خيّم على البرلمان بسبب الخلافات بين أطراف حكومة الوحدة الوطنية، التي يقودها حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بالتحالف مع التحالف الديمقراطي وأحزاب صغيرة أخرى.
وقالت وزارة الخزانة إن "هذه المبادرة التمويلية تهدف إلى تنويع أدوات تمويل الحكومة بالعملات الصعبة بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على إصدار سندات اليوروبوند، والحد من مخاطر التنفيذ، وتقليل التكلفة الإجمالية للتمويل"، مشيرة إلى أنها تركز على إدارة الالتزامات بما يتماشى مع تطورات الأسواق، بحسب ما نقلته منصة "إنفيستنج" الاقتصادية.
وتستهدف المبادرة مجموعة محددة من الجهات المؤهلة لتقديم المقترحات، من بينها المتعاملون الرئيسيون في أدوات الدين الحكومية الجنوب أفريقية، والبنوك الدولية، والمؤسسات متعددة الأطراف، والمستثمرون المؤسسيون، والجهات المالية الخاضعة للرقابة التي تمتلك القدرة على توفير تمويلات كبيرة.
وتعكس هذه الخطوة التحديات المتزايدة التي تواجهها الدول الأفريقية في الحصول على ديون ميسّرة وسط أجواء من الضبابية الاقتصادية على المستوى العالمي، حيث كانت أنجولا قد أعلنت هذا الأسبوع عن تجميد خططها للاقتراض الدولي، بينما تتجه دول مثل غانا، التي خرجت مؤخرًا من حالة تعثر، للاعتماد على المستثمرين المحليين في تمويل احتياجاتها.
وتُظهر بيانات مؤسسة "مورجان ستانلي" للاستشارات المالية العالمية أن إجمالي إصدارات الديون السيادية في الأسواق الناشئة منذ بداية العام بلغ 154.2 مليار دولار، إلا أن الجزء الأكبر من هذه الإصدارات تركز في منطقتي الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية.
وستقوم وزارة الخزانة الجنوب أفريقية بدراسة مقترحات تشمل قروضًا ثنائية الأجل، وطرح خاص لأدوات الدين ذات العائد المتغير، واتفاقات إعادة الشراء، ومقايضات العملات، وأدوات الدين الهيكلية، كما شجعت الوزارة على تقديم أدوات مرتبطة بمعايير الاستدامة، تماشيًا مع ما تم إصداره حتى الآن من سندات خضراء ومستدامة بقيمة 61.9 مليار دولار في الأسواق الناشئة.
وسيتم تقييم العروض وفقًا لعدة معايير، منها تكلفة التمويل، وسرعة التنفيذ، ومقاومة تقلبات العملة، ومدى توافق الأداة مع هيكل آجال الدين الجنوب أفريقي ومواعيد ذروات السداد، وينتهي موعد تقديم المقترحات في 6 أغسطس، على أن يتم الإعلان عن القرار في 29 أغسطس.
وأوضحت الوزارة أن هذه المبادرة لا تمثل برنامج اقتراض ملزم، بل تندرج تحت بند الاستكشاف التمويلي، حيث تحتفظ الوزارة بحق القبول أو الرفض لأي مقترح، وكانت توقعات الميزانية في مايو قد عدّلت العجز المُجمّع إلى 4.8% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بتوقعات مارس البالغة 4.6%، مع استقرار الدين العام الإجمالي عند مستوى 77.4% من الناتج المحلي الإجمالي.