الخميس 31 يوليو 2025

تحقيقات

غزة بين التهجير والضم.. مخططات إسرائيلية على طاولة التنفيذ

  • 30-7-2025 | 10:09

غزة

طباعة
  • محمود غانم

"إما هدنة بشروطنا أو ضم أجزاء من قطاع غزة".. معادلة تسعى إسرائيل إلى فرضها خلال المرحلة المقبلة، بعد أن نالت ضوءًا أخضرًا للمضي في هذا المسار، غير أن الواقع على الأرض يشي بعكس ذلك، إذ لا تزال قوات الاحتلال عاجزة عن التعامل مع المقاومة الفلسطينية، التي تُكبّدها خسائر متواصلة في مختلف مناطق القطاع، شمالًا حيث يُتوقع بدء تنفيذ مخطط الضم، وجنوبًا حيث تمضي محاولات تنفيذ مخطط التهجير.

هدنة أو ضم

في اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت)، الذي عقد مساء الاثنين، عرض رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، توجهًا جديدًا للعمل في قطاع غزة يركز على تغيير في النهج السياسي والاستراتيجي، حسب ما أفاد به موقع "والا" العبري.

وفقًا للخطة المُقدّمة لأعضاء "الكابينت"، ستُعطي إسرائيل الوسطاء مهلة لمحاولة إقناع حماس بالموافقة على الصفقة، كما أورد "والا".

وفي حال عدم تلقي رد من حركة حماس يسمح بتحقيق تقدم في المفاوضات -من وجهة النظر العبرية- ستبدأ بضمّ أراضٍ في قطاع غزة.

والحقيقة، أن إسرائيل هي من تضع شروطًا تعجيزية تُعد "حجر عثرة" أمام إبرام الاتفاق، إذ ترفض السماح للأمم المتحدة بأداء دورها في توزيع المساعدات، حيث تُصر على الإبقاء على نظام "مصائد الموت"، الذي تجعل فيه الغذاء وسيلة لقتل الفلسطينيين، وفقًا لما تؤكده حركة حماس.

كذلك، تُصر على أخذ منطقة واسعة من رفح جنوبي القطاع لإقامة منطقة عزل للنازحين، تمهد الطريق لعملية تهجير الفلسطينيين عبر مصر أو عبر البحر، في مخطط مكشوف ومفضوح يمهّد لتصفية القضية الفلسطينية.

ولإنفاذ مخطط ضم أجزاء من غزة، طُرح في الاجتماع اقتراح بإنشاء هيئة إدارية مخصصة تتولى إدارة السيطرة المدنية والأمنية في تلك المناطق، حسب المصدر ذاته.

وأقر "الكابينت" بدوره هذه الخطوة، حيث أفادت القناة الـ12 العبرية، بأنه صادق على خطة تتضمن احتلال قطاع غزة ونقل الفلسطينيين من الشمال إلى الجنوب.

أبعد من ذلك، قالت القناة العبرية عن مصدر بديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن "الخطة التي صدّقت عليها الحكومة تشمل احتلال قطاع غزة بالكامل".

وستشكّل هذه الخطوة، إذا تم تنفيذها، تحولًا جذريًا في السياسة الإسرائيلية تجاه غزة، حيث بذلك ستنتقل من سياسة الضغط من أجل التوصل إلى تسوية، إلى سياسة فرض وقائع على الأرض، وذلك في تقدير "والا".

وقد خرج هذا التوجّه من الكواليس إلى العلن، بتصريح وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أمس الثلاثاء، بأن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من إسرائيل، حسب زعمه.

وأكد الوزير الإسرائيلي، أن الاستيطان في غزة أقرب من أي وقت مضى، وذلك في كلمة بمناسبة مرور 20 عامًا على فك الارتباط مع مستوطنات القطاع.

وكانت إسرائيل تمتلك مستوطنات في غزة حتى عام 2005، حيث اضطرت إلى تفكيك مستوطناتها، التي كان يقطنها نحو ثمانية آلاف مستوطن إسرائيلي.

وفي خضم حرب الإبادة المستمرة منذ حوالي 22 شهرًا، برزت العديد من الدعوات إلى استيطان غزة، بدءًا من الشمال، الذي عملت على تفريغه من أهله.

 

كيف سيبدأ الضم؟

حسب صحيفة "هآرتس" العبرية، فإن خطة الضم ستبدأ بالمنطقة العازلة وصولًا إلى الشمال، ثم ستتوسع لتشمل كامل القطاع.

وتعمل إسرائيل بقوة منذ أكتوبر الماضي على تفريغ الجزء الشمالي من القطاع من أهله في إطار ما عُرف بـ"خطة الجنرالات"، التي عُرقلت بعد أن دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في قطاع غزة في يناير الماضي، مما سمح لعشرات آلاف الغزيين بالعودة إلى منازلهم التي هُجّروا منها.

بعد استئناف إسرائيل الحرب في مارس الماضي، عادت مرة أخرى لتنفيذ مخطط تفريغ شمال القطاع من قاطنيه، عبر الإمعان في إبادتهم بالقصف والقتل، وقطع وصول الطعام إليهم.

وحصلت هذه الخطة -بحسب "هآرتس"- على ضوء أخضر من الإدارة الأمريكية، حيث عُرضت على وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي دعمها بدوره.

وتأتي هذه الخطوة في سياق محاولة نتنياهو الحفاظ على بقاء حكومته، حيث رفض وزراء ضمنها إدخال المساعدات إلى القطاع بعد نحو 150 يومًا من الحصار وإغلاق المعابر والمنافذ الحدودية.

في المقابل، حذّرت وزارة الخارجية الفلسطينية، أمس، من مخطط الضم التدريجي لقطاع غزة، الذي يُعد بمثابة مقدمة للتهجير وتقويض فرصة تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض.

ودعت الخارجية، في بيان، الدول ومكونات المجتمع الدولي إلى التعامل بمنتهى الجدية مع تلك المخططات، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات لوقفها فورًا.

 

أهداف الضم

تريد إسرائيل ضم أجزاء من القطاع، تحت مزاعم أن ذلك يسهم في تحرير المحتجزين ويدعم القضاء على حركة حماس، كنغمة تتردد منذ بدء العملية البرية نهاية أكتوبر 2023.

تحت هذه المزاعم، أُطلقت أيضًا عملية "عربات جدعون"، في مايو الماضي، والتي مُنيت بفشل ذريع، بعد أن أسفرت عن مقتل عشرات الجنود الإسرائيليين.

في غضون ذلك، أكّد وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن الهدف من وراء الضم هو هزيمة حماس، حيث لن يكون لجناحيها العسكري أو المدني قدرة على تحديد ما سيحدث في غزة.

وقدّم كاتس سببًا آخر يدفع إسرائيل للبقاء في غزة، مؤكدًا أنه لحماية التجمعات السكانية التي قد تتعرض لهجمات مرة أخرى، في إشارة إلى عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023.

ميدانيًا، تتواصل خسائر الاحتلال الإسرائيلي في مختلف مناطق قطاع غزة، نتيجة تصاعد هجمات المقاومة الفلسطينية، التي اشتدت وتيرتها بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة.

ويرى مراقبون أن إقدام إسرائيل على تنفيذ مخطط ضم أجزاء من القطاع، سيُفضي إلى مزيد من الخسائر في صفوف قواتها.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة