تحل اليوم 28 أغسطس ذكرى وفاة الفنان والمخرج الكبير عزيز عيد، أحد أبرز الأسماء في تاريخ المسرح المصري، والذي ارتبط اسمه بريادة فن الإخراج المسرحي ووضع قواعده العلمية لأول مرة على خشبة المسرح، ورغم حياته الصاخبة والمليئة بالخلافات والتحديات، إلا أنه ترك إرثًا فنيًا ضخمًا سيظل شاهدًا على عبقريته.
بداية فنية مضطربة
انضم عزيز عيد عند تأسيس الفرقة القومية كمخرج، وقدم أعمالًا مهمة مثل الملك لير وهاملت والخطاب. لكن خلافاته مع المسؤولين أدت إلى فصله بعد عامين فقط، ليبدأ رحلة شاقة بين الأقاليم في تجارب مسرحية متواضعة، قبل أن يعود للقاهرة ويشارك في السينما بأدوار صغيرة ويعمل في الكباريه لإعالة نفسه.
رائد الإخراج المسرحي
لم يكن عزيز عيد مجرد مخرج تقليدي، بل كان أول من وضع قواعد الإضاءة والديكور وأساليب الأداء التمثيلي بشكل علمي، وحرر حركة الممثل على المسرح لتكون طبيعية وبعيدة عن المبالغة.
كما كسر "الحائط الرابع" وأشرك الجمهور في العرض، وهو ما كان وقتها خرقًا للتقاليد لكنه صار لاحقًا نظرية مسرحية متعارف عليها.
أعمال من قلب الواقع
كتب مع أمين صدقي مسرحية القرية الحمراء عام 1925، لتكون أول نص يتناول قضايا ومعاناة الريف المصري، وقدم ما يقرب من 265 عرضًا مسرحيًا جمع فيها بين الكوميديا والتراجيديا والعروض الغنائية، بل واستفاد من فن الأراجوز الشعبي، كما تعاون مع الموسيقار سيد درويش ليجسد حياة الريف المصري على المسرح في أوبريتات راسخة.
خلافات وصراعات فنية
عرفت حياة عزيز عيد الكثير من الصدامات، فقد اختلف مع نجيب الريحاني حول مسألة "تمصير النصوص الأجنبية"، حيث كان يفضل تقديمها كما هي دون تحريف، ورغم أنه دافع عن النصوص المصرية، إلا أن مثاليته الشديدة أدت إلى انفصاله عن زوجته الفنانة فاطمة رشدي التي اكتشفها بنفسه.
رغم أنه أنهى حياته فقيرًا وبائسًا، فإن تأثيره ظل حاضرًا في المسرح المصري، وتم تخليد اسمه حين حملت الدورة الخامسة عشرة من المهرجان القومي للمسرح اسمه، كما جسد المخرج الكبير سمير العصفوري شخصيته في مسلسل أهل الهوى تقديرًا لعطائه.
عزيز عيد.. المدير الفني قبل ظهور "المخرج"
يعد عزيز عيد أنه أول من قدم مفهوم "المخرج" بالمسرح المصري، حتى قبل أن يترسخ المصطلح في الوسط المسرحي. فقد كان يلقب بـ"المدير الفني"، وهو الذي جعل الكلمة العليا للمخرج داخل العرض، على غرار ما حدث لاحقًا في المسرح العالمي.