الأربعاء 3 سبتمبر 2025

ثقافة

حريق متحف البرازيل الوطني.. دمار لقرنين من التراث الإنساني هز الذاكرة التاريخية

  • 2-9-2025 | 17:36

حريق المتحف الوطني في البرازيل

طباعة
  • دعاء برعي

يجسد المتحف الوطني في البرازيل أحد أهم وأقدم المؤسسات العلمية والثقافية في أمريكا اللاتينية، ويشكل شاهدًا على تاريخ يمتد لأكثر من قرنين من الزمن، حيث تأسس عام 1818 في مدينة ريو دي جانيرو على يد الملك البرتغالي جواو السادس، ليكون مركزًا للبحث والتعليم وحفظ التراث الإنساني والطبيعي. 

ضم المتحف أكثر من 20 مليون قطعة أثرية، من بينها مجموعات نادرة من الآثار المصرية، والتحف الكلاسيكية، والأنثروبولوجية، إلى جانب عينات جيولوجية وحفريات، أبرزها جمجمة "لوزيا"، أقدم هيكل بشري مكتشف في الأمريكتين، والتي يُعتقد أنها تعود إلى أكثر من 11 ألف عام، الأمر الذي جعله مرجعًا علميًا بارزًا ووجهة رئيسية للباحثين والزوار من مختلف أنحاء العالم.

وفي مثل هذا اليوم 2 سبتمبر عام 2018، اندلع حريق هائل في مبنى المتحف الوطني البرازيلي، ما أسفر عن تدمير غالبية محتوياته التي تُعد من بين الأهم في أمريكا اللاتينية، وأدى الحريق إلى فقدان ما يُقدّر بـ90%.

وفي أعقاب الحريق، أصدرت الحكومة البرازيلية عدة بيانات أعربت فيها عن صدمتها وأسفها العميق، واصفة ما حدث بأنه "خسارة لا تُقدّر بثمن للتراث الثقافي والعلمي"، وأمر الرئيس البرازيلي آنذاك، ميشيل تامر، بفتح تحقيق فوري لتحديد أسباب الحريق والمسؤولين عنه، كما تعهّدت وزارة الثقافة بإطلاق خطة طوارئ لإعادة ترميم المبنى واستعادة ما يمكن إنقاذه من المقتنيات المتفحمة.

قال الرئيس البرازيلي آنذاك، ميشيل تامر، في بيان رسمي: "لقد خسرنا اليوم 200 عام من التاريخ والعلم والثقافة. إنها خسارة لا تُقدّر، لا فقط للبرازيل بل للبشرية جمعاء".

لكن المجتمع العلمي والخبراء في مجال التراث حمّل مسؤولية الكارثة إلى سنوات من الإهمال المزمن ونقص التمويل الحكومي، إذ كان المتحف يفتقر إلى أبسط أنظمة الحماية من الحرائق، كما تعرّض مرارًا لتخفيضات في الميزانية أثّرت على برامج الصيانة والترميم.

أثار الحريق موجة تضامن محلية ودولية واسعة، حيث عرضت عدة دول ومؤسسات أكاديمية دعمها اللوجستي والتقني للمساعدة في جهود الإنقاذ والترميم، من بينها منظمة اليونسكو، ومتاحف ومراكز أبحاث عالمية.

يعد متحف البرازيل الوطني مركزًا بحثيًا تابعًا لجامعة ريو دي جانيرو الفيدرالية، وعلى مر تاريخه مثّل المتحف صرحًا وطنيًا صوّر تنوع البرازيل الثقافي والتاريخي، ونافذة مفتوحة على الحضارات القديمة في الأمريكتين وخارجها.

 وأعادت هذه الخسارة تسليط الضوء على واقع البنية التحتية للمؤسسات الثقافية والعلمية في البرازيل، وأثارت جدلًا واسعًا حول أولويات السياسات العامة في بلد يواجه تحديات اقتصادية وسياسية متفاقمة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة