أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال في قطاع غزة، ترمي إلى ما هو أبعد من القتل والانتقام من شعبٍ أعزل؛ فالهدف هو تقويض القضية الفلسطينية برمتها وتصفيتها بالقضاء على مشروع الدولة، ليس فقط في القطاع وإنما أيضاً في الضفة الغربية والقدس، عبر تشريد الشعب وتهجيره قسراً، ونزع الأرض والاستيلاء عليها بالضم غير القانوني وغير الشرعي.
وقال أبوالغيط - في كلمته أمام الدورة العادية لمجلس وزراء الخارجية العرب الـ164، اليوم /الخميس/، بمقر الجامعة العربية: "نرى ما وراءها (المأساة الإنسانية الفادحة في غزة) من مخطط صار مكشوفاً وسافراً لتقويض قضية فلسطين، ومحو الكيان الفلسطيني – الأرض والشعب والهوية – من الوجود، وهو ما لن يكون أبداً بإذن الله".
وأضاف أبو الغيط: "إن العنوان العريض لتحركنا هو العمل بكل سبيل على وقف المذبحة التي يسعى الاحتلال لتوسيع نطاقها تحقيقاً لأهداف عصبة متطرفة تعتنق أيدولوجية إقصائية وعنصرية لا مكان لها في هذا الزمان، ومع العمل على وقف المذبحة، فإننا أيضاً نتحرك بكل قوة وفي كل سبيل ممكن من أجل الحفاظ على مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة".
وأكد أمين الجامعة العربية أن "الهدف الحقيقي هو إلغاء هذا المشروع من الوجود وفرض واقع جديد على الفلسطينيين وعلى المنطقة كلها لا مكان فيه سوى للاستيطان والتطرف الديني والقومي، الذي يعزز حتماً تطرفاً مضاداً. إن التصور الذي يقدمه قادة الاحتلال لمستقبل هذه المنطقة يضعها في أتون حروب دينية مدمرة، وعنف لا يعرف نهاية، وكراهية تقضي على كل آمال السلام والاستقرار والعيش المشترك".
وشدد على أن دفاعنا عن حل الدولتين وعن مشروع الدولة الفلسطينية هو دفاعٌ عن استقرار هذه المنطقة ومستقبل الأجيال القادمة، لافتا: "نحن لا نقف بمفردنا في هذا النضال، فمعنا ما يقرب من 150 دولة تعترف بفلسطين، وهناك دول صديقة – ولها منا كل التحية والتقدير – أدركت مؤخراً خطورة المخطط الإسرائيلي فقررت الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الدورة (80) للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تُعقد بعد أيام".
وأضاف: "نسجل رفضنا للقرار الأمريكي الأخير برفض منح التأشيرات للوفد الفلسطيني لحضور هذه الدورة ونعتبر ذلك مخالفاً على نحو صريح لمقتضيات القانون الدولي ولالتزامات واشنطن بموجب اتفاقية المقر، ونؤكد أن المسار الذي أطلقه مؤتمر تنفيذ حل الدولتين، الذي عُقد في يوليو الماضي في نيويورك، برئاسة سعودية/ فرنسية مشتركة، سيتواصل، وسيمثل بديلاً سياسياً حقيقياً وواقعياً لمخطط الحروب المستديمة والتهجير الذي تباشره إسرائيل".
وتطرق أبوالغيط إلى الأزمة السودانية، قائلًا "لا تزال مأساة الحرب السودانية متواصلة كنزيف لا يتوقف لمقدرات هذا البلد ومستقبل شعبه، ولا زلنا نطالب بوقف لإطلاق النار كسبيل لا بديل عنه لإنهاء الأزمة الإنسانية الأشد وطأة في عالمنا العربي".
ورحب أبوالغيط بتشكيل حكومة مدنية برئاسة السيد كامل إدريس رئيس، معربا عن أمله في أن يمثل تعيين هذه الحكومة خطوة في الاتجاه نحو تعزيز مؤسسات الدولة السودانية والحفاظ على مقدراتها والعمل على التخفيف من الآثار المدمرة للحرب، واتخاذ كل السبل الممكنة من أجل مباشرة حوار وطني يشمل الجميع، ويفضي إلى إسكات البنادق، وإعطاء الفرصة للحلول السياسية في إطار الحفاظ على وحدة السودان ومؤسساته.
وفي الشأن اللبناني، قال أبوالغيط: "إن لبنان يقف على مفترق طرق مهم في تاريخه المعاصر، وقد اتخذت حكومته قراراً شجاعاً بتطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، وهو من أول وأهم مقتضيات الدولة الحديثة، وهي أيضاً خطوة لا غنى عنها لحفظ الاستقرار والسلم الأهلي في هذا البلد الذي عانى شعبه كثيراً طوال السنوات الماضية.
وأكد الوقوف إلى جوار الحكومة اللبنانية في هذا المسعى المشروع والضروري، وعلى رفض الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للسيادة اللبنانية ولاتفاق وقف الأعمال العدائية الموقع في نوفمبر الماضي.
ودعا الأمين العام لجامعة الدول العربية الوسيط الأمريكي لوضع حد لهذه الانتهاكات ولتحقيق الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية.
وفي ختام كلمته، وجه أبوالغيط التهنئة للحاضرين بمناسبة مرور 80 عاما على تأسيس الجامعة العربية وذلك قبيل التوجه لافتتاح معرض "سيرة ومسيرة" بهذه المناسبة، معتبرا أن ذلك "شهادة حية على ثمانية عقود من العمل العربي المشترك، ومقتنياته تمثل سجلاً لرحلة الأمة، بحلوها ومرها، بانتصاراتها وكبواتها، وهو أيضاً رسالة للاستمرارية في المستقبل وعنوان على طريق اخترنا أن نمشيه معاً، ولابد أن نستمر فيه معاً بإذن الله، متضامنين موحدي الكلمة والإرادة والهدف".