أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عن إنجاز مشروع بحثي رئيسي يهدف إلى تعزيز حماية سلاسل الإمداد النووية من مخاطر المكونات المقلدة أو المشبوهة (CFSIs)، والتي يمكن أن تتسلل إليها سواء عن طريق الخطأ أو بنية خبيثة، مما يشكل تهديدًا كبيرًا على أمن وأمان القطاع النووي.
وجمع المشروع البحثي المنسق (CRP)، الذي امتد بين عامي 2023 و2024، خبراء من 11 دولة لدراسة الثغرات التي قد تسمح بمرور هذه المكونات المقلدة، ووضع استراتيجيات عملية لمعالجتها، وأسفر المشروع عن تطوير أدوات جديدة ومقترحات للسياسة العامة، بالإضافة إلى مجموعة من المنشورات العلمية التي تلقي الضوء على هذا التحدي المتنامي.
وأكدت رئيسة قسم أمن المواد النووية الواقعة خارج نطاق الرقابة التنظيمية بالوكالة إتماد صوفي، أن "الخطر الناتج عن الثغرات أو الأعطال المحتملة التي قد تنشأ نتيجة إدخال مكونات مقلدة، سواء بشكل عرضي أو متعمد، هو خطر حقيقي". وأضافت أن المشروع ركّز على تقليل احتمالية وقوع حادث أمني نووي بسبب هذه المكونات.
وقد عمل الباحثون على تحليل المخاطر المرتبطة بالمكونات المقلدة عبر ستة محاور أساسية لتعزيز مرونة سلاسل الإمداد النووية، وشملت تعزيز الأطر القانونية لضمان الامتثال والمساءلة، وتحسين ممارسات الشراء والإمداد لسد الثغرات في عمليات التوريد، إلى جانب تطوير تقنيات الكشف لرفع القدرة على التعرف على المكونات المقلدة.
كما تضمنت الجهود تقييم وإدارة المخاطر على امتداد سلاسل الإمداد، وتشجيع تبادل المعلومات دوليًا مع مراعاة اعتبارات السرية والأمن، فضلًا عن دراسة الأثر العالمي لهذه المخاطر في ظل تعقيدات سلاسل الإمداد الحديثة.
وأشار خبراء المشروع إلى أن القيود المتعلقة بالسرية والمخاوف القانونية والاعتبارات الأمنية الوطنية تحد من مستوى تبادل المعلومات بين الدول بشأن هذه المخاطر، مما يترك أنظمة عدة عرضة لتكرار نفس الأخطاء.
وقد كشفت تقارير نشرت حديثا عن أن توجه العولمة في سلاسل الإمداد النووية كان له فوائد اقتصادية عديدة، لكنها في الوقت نفسه زادت من التعرض لمخاطر وثغرات أمنية. وأبرزت جائحة كوفيد-19 هذه الثغرات من خلال تعطيل سلاسل النقل الدولية وتقليص الرقابة، مما سمح بتسرب أجزاء مقلدة إلى أنظمة حساسة.
وقالت ميرجانا كوجيتش، الباحثة بمعهد "فينكا" للعلوم النووية في صربيا، إن "أهمية المشروع تظل قوية خصوصًا مع تزايد التحديات أمام سلاسل الإمداد العالمية. فقد وضع المشروع أساسًا لتحسينات طويلة المدى وتطورات في السياسات".
وقد أنتج المشروع ثروة معرفية تضمنت نشر 17 دراسة علمية محكمة وعروضًا في مؤتمرات دولية، بالإضافة إلى إصدار دليل عملى أعدته جامعة "كينجز كوليدج" بلندن بعنوان تأمين سلسلة الإمداد النووي: مجموعة دراسات حالة حول المكونات المقلدة والمشبوهة، حيث يوفر إرشادات عملية للتعرف على المخاطر والحد منها.
وأكدت الوكالة أن هذه المخرجات لا تمثل فقط مساهمة أكاديمية، بل تقدم أيضًا توصيات عملية يمكن للحكومات والهيئات التنظيمية والقطاع الصناعي تبنيها لتعزيز مرونة سلاسل الإمداد.
ويتماشى هذا المشروع مع أهداف الوكالة الأشمل في دعم الابتكار وبناء المرونة وتعزيز التعاون الدولي في مجال الأمن النووي. وسيتم التركيز في المرحلة المقبلة على بناء القدرات والتدريب ورفع مستوى الوعي لدى مشغلي المنشآت النووية والهيئات التنظيمية والمتخصصين في سلاسل الإمداد، لضمان تحويل هذه المعرفة إلى سياسات وإجراءات عملية.
وشددت الوكالة على أن أمن سلاسل الإمداد النووية لا يقاس إلا بأضعف حلقة فيها، محذرة من أن المكونات المقلدة ومهما كانت صغيرة ، قد تؤدي إلى عواقب جسيمة إذا لم تكتشف في الوقت المناسب.