يترقب العالم باهتمام بالغ استعدد مصر لافتتاح المتحف المصري الكبير، هذا الحدث العالمي الذي ينتظر على أعتابه عشاق الحضارة والتاريخ، والذي يعد أكبر صرح متحفي في العالم مخصص لحضارة واحدة، جامعًا بين أصالة الماضي وروعة الحاضر، ويقع على مقربة من أهرامات الجيزة، ليشكل مع هذه الأعجوبة المعمارية مثلثًا ذهبيًا يروي قصة آلاف السنين من العبقرية الإنسانية.
ويضم المتحف المصري الكبير مقتنيات نادرة وفريدة لم تُعرض من قبل بهذا الشكل المتكامل، ما يجعله محطة جذب رئيسية للزوار من مختلف أنحاء العالم، وتستعرض بوابة "دار الهلال" في السطور التالية أبرز هذه الكنوز وأهمها على النحو التالي..
-المجموعة الكاملة لمقتنيات الملك توت عنخ آمون في قاعة مخصصة
وتُعرض هذه المجموعة لأول مرة مجتمعة في قاعة مخصصة صُممت لتليق بمكانتها التاريخية والفنية.
وتضم المجموعة أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية، وتكشف المقتنيات أسرارًا عن حياة الملك الذي اعتلى عرش مصر في سن صغيرة، وظل اسمه مرتبطًا بالغموض والدهشة حتى اليوم.
ومن أبرز ما تتضمنه المجموعة، القناع الذهبي الشهير لتوت عنخ آمون، والذي يُعد أثمن قطعة أثرية في العالم، إضافة إلى عرشه المذهب، وأدواته الجنائزية، ومجوهراته، وعرباته الحربية، وأثاثه الملكي، التي تجسد روعة الفن المصري القديم ودقته.
جرى تصميم القاعة بتقنيات عرض متطورة، مع إضاءة تعكس فخامة المقتنيات، وتتيح للزوار تجربة استثنائية تحاكي أجواء المقبرة الملكية كما وُجدت قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام. لتصبح هذه القاعة أيقونة داخل المتحف، ووجهة لا غنى عنها لكل زائر يرغب في استكشاف أسرار الفرعون الذهبي.
-مجموعة من توابيت الملوك والأمراء الأفريدة والتي تتضمن نقوشا مميزة
وتشكل هذه التوابيت، التي صُنعت بعناية فائقة، تحفًا فنية فريدة تعكس عبقرية الفنان المصري القديم وإيمانه العميق بفكرة البعث والحياة بعد الموت.
وتتنوع التوابيت المعروضة بين المصنوعة من الأخشاب النفيسة المزخرفة بالذهب والأحجار الكريمة، وأخرى نُحتت من الأحجار الصلبة، تعكس المكانة الملكية لأصحابها. كما توثق هذه القطع ملامح الفترات المختلفة من التاريخ المصري القديم، بما فيها العصر الفرعوني المتأخر، حيث تطورت الفنون والرموز الدينية.
وتعد هذه المجموعة تأملًا في فلسفة المصري القديم عن الخلود.
-مركب الملك خوفو الثاني التي ستعرض لأول مرة داخل المتحف الكبير
وتعود هذه المركب، لأكثر من 4500 عام، وهي واحدة من أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، حيث عُثر عليها بالقرب من هرم الملك خوفو في منطقة أهرامات الجيزة.
صُممت المركب لترافق الملك خوفو في رحلته المقدسة إلى العالم الآخر، حيث يبلغ طولها أكثر من 40 مترًا، استُخدمت في العصور القديمة لأغراض دينية وجنائزية مرتبطة بعبادة الشمس وعقيدة البعث والخلود.
وخضعت المركب لعملية ترميم دقيقة استمرت سنوات، استخدمت خلالها أحدث التقنيات العلمية للحفاظ على أخشابها الأصلية، ليتم عرضها أخيرًا داخل قاعة مخصصة في المتحف الكبير.
-متحف مراكب الشمس، والذي يضم مركب خوفو الأولى والثانية
وترجع قصة المركبين خوفى الأولى والثانية إلى عقيدة المصريين القدماء المرتبطة برحلة الملك المقدسة مع إله الشمس "رع"، إذ كان يُعتقد أن الملك يبحر في مركبه خلال النهار في السماء، ثم يعود لرحلته الليلية في العالم الآخر، في تجسيد لفكرة البعث والخلود.
ويعرض المتحف المركبين داخل صالات مجهزة بأحدث تقنيات الحفظ والعرض، مع توفير إضاءة تفاعلية وشاشات رقمية تسرد تاريخ صناعتها وكيفية استخدامها، ويبلغ طول كل مركب نحو 40 مترًا، صُنعا من أخشاب نادرة جُلبت خصيصًا من مناطق بعيدة، ما يعكس التخطيط الهندسي والديني الدقيق للمصري القديم.
-قناع الملك توت عنخ آمون وهو أغلى وأقيم قطعة أثرية في تاريخ البشرية
يزن هذا القناع الأسطوري، أكثر من 11 كيلوجرام من الذهب الخالص، ويعد رمزًا خالدًا للحضارة المصرية القديمة وفلسفتها العميقة عن الحياة والموت والبعث.
وصُمم القناع بدقة مذهلة، إذ يزين وجه الملك بتفاصيل دقيقة، تبرز ملامحه الملكية، بينما تحيط به رموز مقدسة مثل الكوبرا والنسر، في إشارة إلى حماية الملك وتوحيد مصر العليا والسفلى.
ويشكل القناع قطعة تحمل دلالات روحانية عميقة، إذ كان يُعتقد أنه يمنح الملك القوة الإلهية خلال رحلته إلى العالم الآخر، ويوفر له الحماية الأبدية. كما يكشف النقش الدقيق على سطحه عبقرية الحرفيين المصريين القدماء، الذين استخدموا الذهب والأحجار شبه الكريمة بتناسق يثير الدهشة حتى اليوم.
ويعرض القناع في قاعة مخصصة ضمن الجناح الذهبي لتوت عنخ آمون، حيث جُهزت بأحدث تقنيات العرض والإضاءة.
-لوحة الملك نارمر "مينا" التي ترمز لتوحيد مصر بنقوشها الفريدة
لوحة الملك نارمر، المعروف بـ"مينا"، موحد القطرين ومؤسس أول أسرة حاكمة في مصر القديمة، تعود لأكثر من 5100 عام، وترمز إلى توحيد مصر العليا والسفلى تحت راية ملك واحد.
صُنعت اللوحة من الشيست الأخضر، وتتزين بنقوش غائرة غاية في الدقة، تسرد عبر رموزها وأساليبها الفنية تفاصيل انتصار الملك نارمر على أعدائه. ويظهر الملك في أحد وجهي اللوحة مرتديًا تاج الوجه القبلي، وفي الوجه الآخر متوجًا بتاج الوجه البحري، في مشهد رمزي يجسد اتحاد القطرين في مملكة قوية وموحدة.
وتحمل النقوش رموزًا دينية وسياسية عميقة، منها صور المعبودات المصرية القديمة، وأدوات الحكم، وأسرى الحرب.
-تمثال الملك رمسيس الثاني العملاق في البهو العظيم بالمتحف
يقف تمثال الملك رمسيس الثاني العملاق شامخًا في مدخل البهو العظيم للمتحف المصري الكبير، وهو أحد أعظم ملوك الفراعنة وأكثرهم تأثيرًا في تاريخ مصر القديمة، ليكون أول ما يراه الزائر عند دخوله هذا الصرح العالمي.
يبلغ ارتفاع التمثال 12 مترًا تقريبًا، ويزن عشرات الأطنان، نُحت بدقة من الحجر الجيري الوردي، ليعكس المهارة الفنية التي تميز بها النحات المصري القديم. ويظهر الملك رمسيس في وضع ملكي مهيب، مرتديًا التاج المزدوج الذي يرمز إلى توحيد مصر العليا والسفلى، فيما تزين ملامحه سمات القوة والهيبة، في صورة تجسد سيادة الإمبراطورية المصرية في عصره.
ويعد هذا التمثال رمزًا وطنيًا وتاريخيًا، يروي إنجازات رمسيس الثاني الذي قاد معركة قادش الشهيرة، وأشرف على بناء معابد كمعبد أبو سمبل، وبإطلالته المهيبة، يرحب التمثال بملايين الزوار، ليكون بمثابة السفير الأول للحضارة المصرية، وجوهرة مدخل المتحف الذي يربط الماضي العريق بالحاضر المتجدد.
-عمود الملك مرنبتاح الذي يعرض في البهو العظيم بالمتحف الكبير
ويحكي عمود الملك مرنبتاح فصولًا من تاريخ مصر العسكري والسياسي في واحدة من أعظم حقبها، ويُعد أبرز القطع المعروضة داخل المتحف، لما يحمله من نقوش ملكية دقيقة تخلّد إنجازات الملك مرنبتاح، أحد أقوى ملوك الأسرة التاسعة عشرة، وخليفة والده الأسطوري رمسيس الثاني.
صُنع العمود من الجرانيت الوردي، ويبلغ ارتفاعه عدة أمتار، تزينه نقوش هيروغليفية بارزة تمثل مشاهد دينية ورموزًا ملكية تؤكد شرعية حكم مرنبتاح، إلى جانب نصوص تاريخية توثق انتصاراته العسكرية، ومن أبرزها حملته الشهيرة ضد شعوب البحر وغزواته في بلاد الشام.
ويُعرض العمود في موقع استراتيجي داخل البهو، بحيث يتمكن الزوار من مشاهدة تفاصيله من مختلف الجهات، ويقدم المتحف عبر شاشات رقمية تفاعلية شرحًا وافيًا عن تاريخ العمود ودلالاته.
-المسلة المعلقة التي تحمل أسفلها خرطوشا فريدا للملك رمسيس و الثاني
يتألق في البهو العظيم بالمتحف المصري الكبير عرض المسلة المعلقة، والتي جرى تصميمها بطريقة تسمح للزوار بالمرور من أسفلها، ليشاهدوا ولأول مرة الخرطوش الملكي النادر للملك رمسيس الثاني المحفور على قاعدتها.
وتعود المسلة إلى عهد رمسيس الثاني، ونُحتت من الجرانيت الوردي، وجرى تجهيز محيط المسلة بأحدث تقنيات الإضاءة والعرض ثلاثي الأبعاد، ليتمكن الزائر من التفاعل مع تفاصيل النقوش الملكية وفهم رمزيتها، حيث يُظهر الخرطوش اسم رمسيس الثاني مصحوبًا بعلامات ملكية تؤكد سلطته ونفوذه.
-مجسم كبير لنهر النيل والذي يعرض في قاعة مخصصة داخل المتحف
يحاكي المجسم الضخم لنهر النيل في المتحف المصري الكبير، الشريان الذي شكّل قلب الحضارة المصرية على مر العصور. ويُعرض هذا المجسم في قاعة مخصصة صُممت بعناية لتجعل الزائر يعيش تجربة استثنائية، يتتبع خلالها مسار النهر العظيم من منابعه إلى مصبه.
صُمم المجسم بأسلوب حديث يجمع بين الفن المعماري والتقنيات التفاعلية، حيث يمكن للزوار رؤية المدن القديمة التي نشأت على ضفتيه، والمعابد والمناطق الزراعية التي ازدهرت بفضل مياهه، مع شروحات رقمية تُبرز كيف كان النهر أساسًا لقيام واحدة من أعظم الحضارات في التاريخ.
ويأتي عرض مجسم نهر النيل ليؤكد مكانة النهر كرمز للخلود، يشكل روح مصر ومصدر قوتها السياسية والاقتصادية والدينية، وقد ارتبطت طقوس المصريين القدماء بالنهر، وظهرت رمزيته في النصوص المقدسة والنقوش التي خلّدته ككيان مقدس يستحق التقديس والاحترام
ويتيح المجسم داخل المتحف المصري الكبير فهم الدور المحوري الذي لعبه نهر النيل في بناء الحضارة المصرية القديمة، وكيف ظل على مر العصور رمزًا للحياة والنماء ومصدرًا للإبداع البشري.