السبت 13 سبتمبر 2025

أخبار

وزير الخارجية: مصر تواجه تحديات غير مسبوقة من كافة الاتجاهات الاستراتيجية

  • 13-9-2025 | 15:56

الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية

طباعة
  • دار الهلال

أكد الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج أن الدولة المصرية تواجه في الوقت الراهن تحديات غير مسبوقة من مختلف الاتجاهات الاستراتيجية والجغرافية، تُعد الأخطر في تاريخها الحديث، لما تحمله من أبعاد وجودية تمس الأمن القومي المصري والعربي على حد سواء.

جاء ذلك خلال لقائه في "صالون ماسبيرو الثقافي" على القناة الأولى بالتليفزيون المصري، حيث تناول خلالها أبرز الملفات الإقليمية والتحديات التي تحيط بمصر والمنطقة العربية من كافة المحاور.

وأوضح عبد العاطي أن هذه التحديات تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة العربية اضطرابات متزايدة، مشيرًا إلى أن "ما نشهده اليوم لم تمر به الدولة المصرية من قبل، من حيث تنوع واتساع نطاق الأزمات التي تأتي من جميع الجهات".

وفيما يخص القضية الفلسطينية، والتي وصفها بأنها "قضية العرب الأولى"، ندد الوزير بما يحدث في قطاع غزة من "أعمال إبادة جماعية وتجويع ممنهج"، مؤكدًا أن ما تشهده غزة يمثل خطرًا مباشرًا على مستقبل القضية الفلسطينية .

وأضاف "الوضع في غزة مأساوي، ومن مارس وحتى يوليو لم تدخل شاحنة مساعدات واحدة إلى القطاع. واليوم تدخل أعداد محدودة من الشاحنات، لا تلبي سوى جزء بسيط من الاحتياجات، إذ أن الحاجة اليومية تصل إلى 700 شاحنة، بينما لا يتجاوز الداخل 200 في أفضل الأحوال".

وعن التهديدات القادمة من الاتجاه الغربي، أشار عبد العاطي إلى الأزمة الليبية المعقدة، مشددًا على خطورة الانقسام الداخلي والوجود الأجنبي، الذي وصفه بأنه "أحد الأسباب الرئيسية لعدم الاستقرار"، فضلًا عن انتشار الميليشيات المسلحة على حدود تمتد لمسافة 1200 كيلومتر.

وفيما يتعلق بالأزمة السورية، أشار وزير الخارجية إلى أن الأزمة السورية تهدد كيان الدولة واستقرارها، في ظل صراع ممتد منذ سنوات، إلى جانب الوضع الداخلي في لبنان، معربًا عن أمله في الحفاظ على الدولة الوطنية اللبنانية وسط ما تشهده من أزمات .

كما تطرق إلى الأوضاع المتدهورة في منطقة الساحل الإفريقي، التي أصبحت ملاذًا للجماعات الإرهابية، والتنظيمات المسلحة، وشبكات الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر.

وفيما يخص الاتجاه الجنوبي، أعرب وزير الخارجية عن قلق عميق تجاه تطورات الأزمة السودانية، نتيجة ما تشهده البلاد ، بالإضافة إلى التدخلات الخارجية ووجود المليشيات المسلحة، وهو ما يضع "مصير الدولة السودانية برمته على المحك" ، مؤكدا أن مصر تتابع ما يجري عن كثب، وتدرك خطورة هذه التحولات على الأمن القومي المصري والأمن الإقليمي.

وشدد الوزير على أن قضية المياه تظل في مقدمة الأولويات المصرية، واصفًا إياها بأنها "قضية وجودية لا يمكن التهاون فيها تحت أي ظرف، حتى وإن تعلق الأمر بقطرة ماء واحدة".

وأكد وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبد العاطي أن الدولة تواجه تحديات من الشمال من المنطقة المتوسطية وتحديات أيضا تتعلق بترسيم الحدود البحرية خاصة في وجود المخزونات الهائلة الهيدروكربونية سواء من الغاز الطبيعي أو غيره.

وقال عبد العاطي "إن كل هذه التحديات تنفجر في وقت واحد ولكن علينا جميعا أن نطمئن كما ذكر السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن هناك دولة قوية بمؤسساتها الوطنية ولا يمكن لهذه الدولة أن تسمح على الإطلاق لأي من يكون أن يمس مصالحها الاستراتيجية أو حدودها أو أمنها القومي".

وأضاف أن لدينا قيادة رشيدة وحكيمة تقود دفة هذا البلد بكل حكمة واقتدار والتزام دون تفريط أو افراط ، مثنيا على إرادة الشعب المصري الحكيم الذي يلتف دائما حول قيادته في كل الأزمات التي واجهت هذه الدولة العظيمة على مدار الاف السنوات، مشددا على أن هذه الدولة بثقة كاملة في القيادة الحكيمة والشعب العظيم لن تمس بسوء وأنها قادرة على الحفاظ على مصالحها والدفاع عنها وأيضا عن المصالح العربية لأننا نعتز بعروبتنا وبانتمائنا للعالم الإسلامي ولأفريقيا وللجنوب العالمي.

وحول رؤيتنا للتعامل مع هذه التحديات ، قال "نحن نسير فيما يتعلق بالسياسة الخارجية المصرية التي يصنعها ويشكلها طبقا للدستور السيد رئيس الجمهورية وهناك مبدأ حاكم وجامع يقود ويمثل دفة القيادة للسياسة الخارجية المصرية وهو مبدأ الاتزان الاستراتيجي الذي سنه الرئيس السيسي ، وهو ليس مجرد عنوان بل يتعلق بسياسات وآليات محددة لإدارة دفة السياسة الخارجية المصرية".

وأضاف أن مبدأ الاتزان الاستراتيجي يأتي في مقدمته الدولة الوطنية والحفاظ عليها فعندما يتحدث الرئيس السيسي عن الدولة الوطنية هو يعني الدولة الوطنية في محيطتنا الإقليمي ونحن أقدم دولة في التاريخ وهي نموذج لما يسمى بالدولة الأمة، والشعب المصري هو أقدم شعب داخل حدود معروفة على امتداد أكثر من 5 آلاف سنة، الخشية ليست على هذه الدولة فهي دولة مستقرة وستظل بجهد قيادتها وأبناءها في رباط إلى يوم الدين.

وأوضح أن ما يعنيه الرئيس السيسي لمفهوم الدولة الوطنية هي الدولة الوطنية في إقليمنا المضطرب سواء الإقليم العربي أو الإفريقي، فلدينا مجموعة من الدول المؤسسات الوطنية بها على المحك وطالما لا توجد دولة ولا مؤسسات وطنية فهو الفراغ والفوضى الذي لن تملأه سوى المنظمات والجماعات الإجرامية أو المؤمرات الخارجية.

وشدد عبد العاطي على ضرورة الحفاظ على الدولة ومؤسساتها الوطنية وهو ما نحرص عليه في ليبيا والسودان واليمن وسوريا ولبنان والصومال وفي كل القرن الإفريقي ومنطقة الساحل وهو مسئولية على الدولة المصرية أن تسعى الى دعم مؤسسات الدولة الوطنية في كل محيطها الإفريقي والعربي.

وأكد وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي، أن الحفاظ واحترام سيادة الدول هو العنصر الثاني في إطار الاتزان الاستراتيجي، مشيرا إلى أن احترام سيادة الدول كان مسلما به حينما كان يدرس في العلوم السياسية لكنه أصبح الآن على المحك ومحل تهديد شديد في ظل الانتهاكات السافرة اليومية لسيادة الدول.

وقال عبدالعاطي إن "في السابق كان التدخل لأهداف معينة حيث كان هناك مبادئ للقانون الدولي والتدخل لحمايته، ثم أصبح التدخل لأغراض إنسانية، وبعد ذلك لحماية ما يسمى بالأقليات، ليظهر أخيرا التدخل لمجرد التدخل من جانب دولة لديها غطرسة القوة وأجندتها الخاصة، وترى أنه لا يوجد إلا شريعة الغاب، ولا وجود لقانون دولي أو معايير موحدة، بل هناك مائة معيار وعشرات المكاييل التي يكال بها في العلاقات الدولية".

وشدد على أن مسألة السيادة وعدم انتهاكها مسألة مهمة جدا، موضحا أن العنصر الثالث في إطار الاتزان الاستراتيجي، وهو عنصر شديد الأهمية والخطورة، يتمثل في مبدأ عدم استخدام القوة في حل المنازعات، مشيرا إلى أن هناك دول ذات قدرات عسكرية تتدخل بشكل سافر، وبلا أي اعتبار للأعراف أو القوانين، مستخدمة القوة المفرطة وغطرستها في إملاء سياسات وتوجهات، بل ومؤامرات محددة، وهو ما يمثل خطورة بالغة.

وأشار إلى أن المسؤولية كبيرة والجهد أكبر في العمل على التأكيد على حظر استخدام القوة في حل المنازعات..مؤكدا أن احترام القانون الدولي واحترام ميثاق الامم المتحدة هو العنصر الرابع وعلينا كدولة متوسطة أن نبذل كل جهد في إعادة التأكيد على أهمية القانون الدولي وأهمية احترام القانون الدولي وفرض احترام ميثاق الأمم المتحدة لأن هذا هو البديل العملي الوحيد لان يكون هناك حياة مدنية متحضرة في هذا العالم الذي تسوده للأسف الشديد شريعة الغاب.

وأوضح أن وزارة الخارجية هي المؤسسة الأساسية المنوط بها تنفيذ السياسة الخارجية التي يقرها رئيس الجمهورية، مشيرا إلى أن مؤسسات كثيرة من مؤسسات الدولة تسهم في صناعتها وتشكيلها، وفي القلب منها وزارة الخارجية.

وأكد عبد العاطي أن وزارة الخارجية، شأنها شأن مؤسسات الدولة كافة، تعد مؤسسة وطنية وخط الدفاع الأول عن المصالح الوطنية المصرية، مشيرا إلى أن هناك جماعة إرهابية تحاول الآن خلط الأوراق وإضفاء المشروعية على ما هو غير مشروع، عبر تشتيت الانتباه عن إسرائيل باعتبارها قوة الاحتلال المسؤولة عن المجاعة والقتل والتدمير للأخضر واليابس في قطاع غزة، والانتهاكات السافرة في الضفة الغربية.

وشدد وزير الخارجية على أن هذا التشتيت يتم من خلال الادعاء الظالم والكاذب بأن مصر تغلق معابرها، مؤكدا أن الحقيقة واضحة وضوح الشمس، ولكن للأسف هناك من يرفض الاعتراف بها، وهذا الأمر الذي يثير الشكوك، لأنه يسهم في رفع المسؤولية عن الطرف المسؤول الأول، ويصرف الانتباه عن مسؤوليته، وهو الطرف الإسرائيلي.

وأكد أن السفارات في الخارج هي خط الدفاع الأول عن الدولة المصرية وهناك جهد نبذله داخل وزارة الخارجية مع كل الزملاء ، وبتوجيه مباشر من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي للعمل على تحسين الأداء وتطويره حتى تستطيع ان تتعامل مع كل المتغيرات.

وأضاف عبد العاطي أن "أولويتنا الأولى، ورقم واحد بلا منازع، هي الدفاع عن الأمن القومي المصري، من خلال كل السفارات في الخارج، وهذه الوزارة العتيدة التي نعتز بها، والتي بلغت من العمر مئتي عام، هي في مرحلة الشباب والتجدد بطبيعة الحال، فهي المنوط بها – ضمن مؤسسات الدولة – الدفاع عن الأمن القومي المصري، وهي خط الدفاع الأول في الخارج".

وتابع الوزير: "ثانيا، بطبيعة الحال، الدفاع عن المصالح الوطنية، وهي عنوان عريض يشمل أمورا كثيرة. فالاقتصاد هو في صميم المصلحة الوطنية المصرية، سواء من خلال الترويج للمنتجات المصرية والنفاذ بالصادرات المصرية إلى الخارج، أو جذب الاستثمارات من الخارج".

وقال وزير الخارجية، إنه لا يمكن أن ينسى أحد مسؤولية المصريين في الخارج تجاه وطنهم، قائلا: "كلنا تعلمنا من هذا الوطن العظيم، والوطن له أفضال علينا، كان لهم دورهم المشهود في الدفاع عن الثورة المصرية في 2013، والآن يضربون أفضل الأمثلة في الوقوف إلى جانب الوطن من خلال التحويلات".

وشدد عبد العاطي على أن تحويلات المصريين بالخارج من العملة الصعبة أصبحت المصدر الأول للدخل القومي المصري من العملة الصعبة، وهذا أمر عظيم جدا، مؤكدًا أن الدولة تبني الآن مقاربة جديدة تقوم على تحقيق المكاسب للجميع، مضيفا "إذا كنا نتحدث عن الوطن فعلينا أن نتحدث أيضا عن مصالح المصريين في الخارج، وتم طرح مبادرات كثيرة للعمل على أن يستفيدوا و يفيدوا الوطن، تحويل الأموال إلى مصر، فتح ودائع، وهو ما يخدم أيضا مصالح المصريين في الخارج مثلما يخدم مصالح الوطن".

وأشار إلى أن هناك جهودا كبيرة للرقمنة في الخدمات القنصلية وتسهيلها وإنجازها في وقت قصير، موضحا أنه جار إنشاء مركز للخدمات القنصلية بالتنسيق الكامل مع وزارة الداخلية، مشددا على أنه سيتم لأول مرة إصدار كل المعاملات القنصلية في مكان واحد يتبع وزارة الخارجية بالقرب من ميدان التحرير، من أجل تلبية خدمات المصريين في الخارج خلال أيام إن لم تكن ساعات، بدلا من أسابيع أو أشهر، موضحا أن رقمنة العمليات ساهمت بالفعل في تسريع وتيرة العمل.

وعبر وزير الخارجية عن اعتزازه الشديد بتواجده داخل مبنى ماسبيرو، واصفًا إياه بأنه "القلعة الإعلامية الشامخة والصرح العظيم الذي يُعد بحق الأم الحاضنة للإعلام المصري والعربي" ، قائلا " أشعر بالسعادة البالغة لتواجدي في هذا الصرح العريق، الذي لعب دورًا محوريًا في تشكيل الوعي الوطني وصناعة وجدان المصريين والعرب عبر عقود .. ماسبيرو يستحق منا كل التقدير والمحبة، لما قدمه ولا يزال يقدمه من رسالة إعلامية وطنية ومسؤولة".

أخبار الساعة

الاكثر قراءة