الثلاثاء 23 سبتمبر 2025

مقالات

الهوية اللازمة

  • 23-9-2025 | 11:59
طباعة

هل لاحظت يوماً أن لكل واحد منا لازمة خاصة؟ كلمة أو حركة صغيرة تتكرر دون قصد، وتصبح علامة مميزة له، حتى كأنها جزء من هويته، قد تكون حركة جسدية أو لفظ يردده، لكنها تكشف الكثير عن شخصيته وتجعله لا يُنسى.

أتذكر أحد أصدقائي، كلما أعجبه طعام أو جذب انتباهه شيء يردد باندهاش "حلوة حلاوة"، وصديقتي التي كانت تصف أي شيء مهما كان بسيطاً بكلمة "طعيم"، وهناك زميلة أخرى اعتادت أن تنهي كلامها بعبارة "فهماني؟ حتى ظن أحد القيادات أنها تسخر منه، قبل أن يكتشف الزملاء أنها مجرد عادة لصيقة بها.

ومن الطرائف أيضاً تكرار جملة "ده حقيقي" على لسان أحدهم أثناء الحديث، ليؤكد لك أنه يصدقك فعلاً، أما ابن خالتي فكان يقتلني ضحكاً بلازمته الأشهر فعلاً ، يكررها بإندهاش حتى لو كان الموضوع عادياً تماماً! ، ولا ننسى العبارة الشهيرة "وهو كذلك" التي التصقت بالكثيرين، أو الرد العسكري القيادي عند طلب خدمة "أوامر".

هذه اللزمات الصغيرة لا تقتصر على الكبار فقط، فالأطفال يقلدون حركات الكبار ويعكسون هويتهم دون وعي، وأحياناً تكون كلمة بسيطة، مثل البلوجر التي اشتهرت بكلمة "بقى"، أو أخرى بلزمتها الشهيرة "كده كده".

علم النفس يرى أن اللزمات الحركية قد ترتبط بالضغط النفسي والتوتر، فتظهر كلغة جسد بديلة عن الكلام، بينما اللزمات الكلامية، مثل تكرار الكلمات، قد ترتبط باضطرابات كالتوحد أو الأوتيزم، لكنها عند الأشخاص الطبيعيين غالباً ما تعكس الثقافة أو البيئة التي نشأوا فيها، بل إن بعض الناس يستعينون بها كفاصل حين تعجزهم الجملة المناسبة، مثل التنحنح، النفخ، السعال المتكرر.

حتي الدراما الكوميدية المصرية قامت على اللزمات بشكل أساسي، فالفنان مظهر أبو النجا اشتهر بـ"يا حلاوة"، والجمهور كان يسبق لسانه بها، والفنان سعيد صالح في هالو شلبي بجملته "استيك منه فيه"، و عبد المنعم مدبولي و"وأخذ يفكر ويفكر".

 ثم جاء عادل إمام بكنز من اللزمات في مدرسة المشاغبين وشاهد مشفش حاجة " وأحنا قاعدين" ، ولا ننسى محمد نجم وصيحته الشهيرة "شفيق يا راجل".


فهناك لزمات تولد مع الإنسان، وأخرى يكتسبها من بيئته ومخالطته للناس، وثالثة يصطنعها الفنان أو البلوجر لجذب الانتباه، بعضها يضيف خفة دم وسحراً خاصاً، وبعضها يثير الانتباه لمجرد التكرار لكنها في النهاية، جزء من "هويتنا اللازمة" التي تجعل لكل واحد منا بصمته الخاصة.

وفي النهاية، تبقى اللزمات أكثر من مجرد كلمات أو حركات متكررة، إنها بصمة خاصة لكل إنسان، تحمل روح الدعابة أحياناً، وتعكس ضغوطاً نفسية أحياناً أخرى، وقد تتحول إلى أيقونة في الفن أو الحياة اليومية، ربما تبدو بسيطة وعفوية، لكنها سر من أسرار التميز والهوية، فهل فكرت يوماً ما هي لازمتك التي يعرفك بها الآخرون؟

الاكثر قراءة