سحب المستثمرون مبالغ قياسية من صناديق الأسهم في البورصات العالمية خلال الربع الثالث من العام، مع تصاعد المخاوف من أن الطفرة المدفوعة بشركات الذكاء الاصطناعي في أسعار الأسهم قد تكون على وشك التوقف المفاجئ.
وأظهرت بيانات شركة "كالاستون" لتحليل الأسواق أن صناديق الأسهم فقدت أكثر من 3.6 مليارات جنيه إسترليني خلال الأشهر الثلاثة الماضية، منها 1.2 مليار جنيه في سبتمبر وحده، بحسب ما نقلته صحيفة "تليجراف" البريطانية.
ووفقا لأحدث مؤشر تدفقات الصناديق الصادر عن الشركة، فإن المستثمرين تراجعوا عن "الأسواق المبالغ في تقييمها" التي بلغت مستويات مرتفعة غير مسبوقة، وعلى رأسها أسهم شركات التكنولوجيا المطورة لتقنيات الذكاء الاصطناعي والتي شهدت قيمتها طفرة نمو سريعة، سعيا للبيع في الفترة التي يراها المستثمرون قد تكون ذروة أسهم هذه الشركات قبل أن تتعرض للانخفاض في حركة تصحيحية للأسواق.
وجاء هذا رغم أن مؤشري "فوتسي 100" البريطاني و"إس آند بي 500" الأمريكي أنهيا الأسبوع الماضي عند قمم قياسية جديدة، على الرغم من الاضطرابات التي سببتها حملة الرسوم الجمركية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا العام.
وارتفعت الأسواق بشكل غير مسبوق بسبب موجة صعود الذكاء الاصطناعي موجة، خصوصا في الولايات المتحدة، حيث أعلنت شركة "أوبن إيه آي" النطورة لتطبيق "شات جي بي تي" الشهير، أمس الاثنين، صفقة لتوريد الرقائق الذكية مع شركة "إيه إم دي" الأمريكية، ما أدى إلى ارتفاع أسهم الأخيرة بنسبة 24%.
وقال إدوارد جلين، رئيس الأسواق العالمية في كالاستون، إن من "غير المعتاد تماما أن تسجل الأسواق مستويات قياسية في الوقت الذي ينسحب فيه المستثمرون بشكل واسع من مختلف أنواع الصناديق"، مضيفا أن "التحيز البنيوي عادة يكون نحو الشراء مع مرور الوقت مع سعي الأفراد للادخار لمستقبلهم، لذا فإن فترة مطولة من صافي البيع تعتبر أمرا لافتا".
وتعرضت صناديق الأسهم العالمية إلى رابع شهر متتالٍ من صافي عمليات البيع مع سحب المستثمرين 203 ملايين جنيه إسترليني، بينما كانت صناديق الأسهم البريطانية الأكثر تضررا بخسائر بلغت 692 مليون جنيه إسترليني.
في المقابل، كانت صناديق السندات وصناديق أسواق المال المستفيد الأكبر، حيث سجلت تدفقات إيجابية بقيمة 895 مليون جنيه إسترليني مع توجه المستثمرين نحو الأصول التي تُعتبر أكثر أمانا.
وأضاف جلين أن "صناديق المملكة المتحدة تواصل فقدان رأس المال، لكن وتيرة البيع كانت أقل حدة خلال الأشهر الأربعة الأخيرة في ظل التراجع العام عن الأسهم"، موضحا أن "وصول السوق البريطانية إلى مستويات قياسية مع بقاء التقييمات منخفضة نسبيا جعل بعض المستثمرين يترددون في البيع، إلا أن حلقة التشاؤم المستمرة حول الاقتصاد البريطاني بما يشمله من أوضاع مالية صعبة، واتساع فروق الائتمان، وضعف النمو، وارتفاع الضرائب الوشيك بدأت تتغلب في النهاية، والموجة البيعية تتكرر من جديد".
وخلافا لهذا الاتجاه، تمكنت الأسواق الأوروبية من جذب تدفقات شرائية طفيفة رغم الاضطرابات السياسية الأخيرة في فرنسا، التي شهدت تعيين رئيس وزراء جديد خلال فترة جمع البيانات التي تغطيها تقارير "كالاستون"، لكن التطورات السياسية قلبت المشهد سريعا، إذ استقال سيباستيان لوكورنو، صباح أمس /الاثنين/، بعد 27 يوما فقط من توليه المنصب، ما أدى إلى تراجع سوق الأسهم الفرنسية وارتفاع تكاليف الاقتراض الحكومي.