تضم القاهرة، عاصمة مصر لأكثر من ألف عام، عددًا كبيرًا من الشوارع والميادين التاريخية التي يعود تاريخها إلى قرون وتعد هذه الأماكن مقصدًا للعديد من السياح، لما تحمله من طابع جمالي وأهمية ثقافية وتاريخية، مما يجعلها من أبرز معالم القاهرة السياحية والتاريخية.
هذه الشوارع التاريخية ليست مجرد معابر، بل تحكي حكايات ملوك ومفكرين وفنانين، ويقصدها الزوار من داخل مصر وخارجها للاستمتاع بجمالها وعبقها التراثي، فهي من أبرز معالم القاهرة، تجمع بين سحر الماضي ونبض الحاضر، وتشكل عنصرًا أساسيًا في خريطة السياحة الثقافية للمدينة، ومنها شارع محمد متولي الشعراوي.
ولد فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي في 15 أبريل عام 1911م، بقرية دقادوس، مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بجمهورية مصر العربية، وأتم حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية عام 1923م
ودخل الشعراوي المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، و حظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق. وبعد حصوله على الثانوية الأزهرية لم يُرد استكمال مسيرته التعليمية، ولم يرغب في الالتحاق بالجامعة إلا أن والده أصرّ على إكماله الدراسة في الأزهر، وبالفعل تخرج في كلية اللغة العربية عام 1940م.
واختار فضيلةُ الإمام الشعراوي استكمال الدراسة في تخصص اللغة العربية؛ لتكون بابَه إلى جميع العلوم الشرعية، علاوة على ما تمتع به الشيخ من تمكُّنٍ في فنون اللغة العربية وملكاتها، كالنحو، والصرف، والبديع، ونظم الشعر، والخطابة، وطلاقة اللسان، ووضوح البيان. وبالفعل كانت اللغة العربية وملكاتها سبيله إلى تفسير القرآن الكريم، وتدبّر آياته، وإيصال معانيه إلى جمهور المسلمين في صورة سهلة واضحة وشيقة؛ حتى صار الإمامُ علامةً فارقة في عصر الدعوة الإسلامية الحديث، وصار الناس ينتظرون أحاديثه الأسبوعية أمام شاشات التلفاز، وعبر أثير إذاعة القرآن الكريم.
وللشيخ الشعراوي مواقف وطنية مشرفة ضد قوى الاحتلال، وجهودٌ موفقة في رد الشبهات عن الإسلام والقرآن الكريم وسيدنا رسول الله ﷺ، وتقديمِ ردود عقلانية ومنطقية عليها من خلال لقاءات إعلامية وميدانية مع شرائح المجتمع المختلفة؛ سيما الشباب منهم
وفي كل مكان مرّ عليه الشيخ أو منصب تقلده؛ كان له فيه عظيم النفع والأثر، في مصر و خارجها، ومن أشهر مواقفه إرساله برقية إلى الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود أثناء إقامته بالمملكة العربية السعودية يعترض فيها على نقل مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ لتوسعة المطاف حول الكعبة الشريفة؛ مؤيِّدًا رأيه بالأدلة الشرعية على عدم جواز ذلك، واستجاب الملك سعود رحمه الله لخطاب الشيخ الشعراوي، وأقر رأيه، ومنع نقل المقام من مكانه، واستشاره في بعض شئون توسعة الحرم المكي الشريف، وأخذ بمشورته
مناصب تولاها الشيخ الشعراوي
عُين الشعراوي مدرسًا بمعهد طنطا الأزهري وعمل به، ثم نُقِلَ إلى معهد الإسكندرية، ثم معهد الزقازيق، وأُعِير للعمل بالسعودية سنة 1950م. وعمل مدرسًا بكلية الشريعة، بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.عُين وكيلًا لمعهد طنطا الأزهري سنة 1960م، وعُين مديرًا للدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف سنة 1961م.
عُين الشعراوي مفتشًا للعلوم العربية بالأزهر الشريف 1962م، عُين مديرًا لمكتب فضيلة الإمام الأكبر حسن مأمون شيخ الأزهر الأسبق 1964م، عُين رئيسًا لبعثة الأزهر في الجزائر 1966م، وعُين أستاذًا زائرًا بجامعة الملك عبد العزيز بكلية الشريعة بمكة المكرمة 1970م، وعُين رئيس قسم الدراسات العليا بجامعة الملك عبد العزيز 1972م، عُين وزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر بجمهورية مصر العربية 1976م.
اختير عضوًا بمجلس الشورى بجمهورية مصر العربية 1980م، عُين عضوًا بمجمع البحوث الإسلامية 1980م، ومجمع اللغة العربية، عُرضت عليه مشيخة الأزهر والعديد من المناصب في عدد من الدول الإسلامية لكنه رفض وقرر التفرغ للدعوة الإسلامية.
مؤلفات إمام الدعاة
وللشيخ الشعراوي مؤلفات علمية عديدة منها: معجزة القرآن، الأدلة المادية على وجود الله، أنت تسأل والإسلام يجيب، الإسلام والفكر المعاصر، قضايا العصر، أسئلة حرجة وأجوبة صريحة، وبعد عمر مديد في رحاب الدعوة الإسلامية المستنيرة والسمحة، وفي خدمة الإسلام والمسلمين.
ورحل إمام الدعاة الشيخ الشعراوي عن عالمنا عن عمر يناهز السابعة والثمانين، في 22 صفر 1419هـ، الموافق 17 يونيو 1998م.