الجمعة 10 اكتوبر 2025

مقالات

أطفال بلا مأوي.. تجربة مصر وجائزة نوبل


  • 10-10-2025 | 17:53

محمود أيوب

طباعة
  • محمود أيوب

في كل مجتمع، هناك أطفال قدَرهم أن يولدوا في الشوارع قبل أن يولدوا في بيت، أطفال بلا مأوى، بلا عائلة، يحاولون النجاة وسط الخوف والجوع والتجاهل، لكن دائمًا هناك من يرى فيهم ليس مشكلة اجتماعية، بل قضية إنسانية تستحق الوقوف عندها، فحماية الأيتام وأطفال الشوارع ليست مجرد عمل خيري، بل هي أساس لأي مجتمع يسعى إلى بناء سلام حقيقي وعدالة راسخة.

من هذه الفكرة، بدأت قصة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو، قبل أن تصبح اسمًا سياسيًا عالميًا، كرّست وقتها وجهدها لخدمة الأطفال الأيتام وأطفال الشوارع، وسعت لتوفير التعليم والحماية لهم من الانحراف والعنف، كانت مؤمنة بأن طريق الاستقرار يبدأ من الطفل، وأن المجتمع الذي يعرف كيف يحمي أضعف فئاته هو المجتمع القادر على النهوض.

تجربتها الإنسانية كانت البوابة التي نقلتها إلى ساحة أوسع؛ ساحة الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية في فنزويلا، ورغم ما واجهته من ملاحقات وتهديدات، ظلت متمسكة بمبادئها: السلام لا يُصنع بالقوة، بل بالرحمة والعدالة.

واليوم يعلن العالم فوزها بجائزة نوبل للسلام تقديرًا لنضالها السلمي وجهودها في ترسيخ مفهوم السلام القائم على حماية الإنسان، بدءًا من الطفل وصولًا إلى الوطن.

وعندما نتأمل هذه التجربة، نجد أنها ليست بعيدة عما تشهده مصر خلال السنوات الأخيرة، فالحكومة المصرية أولت اهتمامًا كبيرًا بملف رعاية الأيتام وأطفال الشوارع، من خلال مبادرات وزارة التضامن الاجتماعي وبرامج الحماية الاجتماعية التي تستهدف الأطفال بلا مأوى.

بدأت الدولة في إنشاء دور رعاية حديثة، وتطوير منظومة الأسر البديلة، وتوسيع مبادرات مثل “أطفال بلا مأوى” و“كفالة اليتيم”، إلى جانب برامج الدمج المجتمعي والتعليم والتأهيل النفسي للأطفال المعرضين للخطر، فالهدف لم يكن فقط إنقاذ طفل، بل حماية مستقبل وطن، لأن أي مجتمع يهمل أطفاله يهمل نفسه.

الربط بين تجربة ماتشادو وتجربة مصر واضح،  فكلاهما يؤكد أن حماية الطفل ليست ترفًا ولا عملاً خيريًا، بل سياسة دولة وركيزة أساسية لبناء السلام الاجتماعي،

ماتشادو بدأت رحلتها من حضن طفل فقير ووصلت إلى جائزة نوبل، ومصر بدأت من واقع صعب، وها هي تبني منظومة رعاية تُعيد للأطفال حقهم في الأمان والكرامة.وفي النهاية، تبقى الرسالة واحدة:

السلام لا يُعلن بقرار، بل يُبنى بخطوات تبدأ من ضحكة طفل كادت أن تضيع، ومن يد تمتد لتقول له: "ما زال لك مكان في هذه الحياة".

الاكثر قراءة