أقيمت ضمن فعاليات معرض الأقصر الرابع للكتاب، الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب، واحدة من أبهى الأمسيات الشعرية التي أقامها بيت الشعر بالأقصر، حيث استضافت الأمسية الشاعر الكبير عبد الستار سليم، أحد أبرز رموز الشعر الشعبي المصري والعربي، وصاحب البصمة المتفردة في إحياء "فن الواو".
أدار الأمسية الشاعر حسين القباحي، مدير بيت الشعر بالأقصر، الذي رحب بسليم واصفًا إياه بأنه "ليس مجرد شاعر شعبي، بل مؤرخ فني لتراث بأكمله"، مؤكداً أن تجربته الشعرية تتجاوز التصنيف، وتمثل جسرًا بين الوجدان الشعبي والبنية الشعرية الحديثة.
بدأ عبد الستار سليم أمسيته بالحديث عن فن الواو، معرفًا جمهوره بتاريخ هذا الفن العريق ونشأته في عصر المماليك، وكيف ابتكره العامة للتعبير عن آلامهم وأحلامهم، دون أن يفهمهم الحكام، فصار فنًّا شعبيًا مقاومًا بلغة الرمز والحكمة. واستشهد بعدد من المربعات التي تعكس عمق التراث المصري الجنوبي وروح المقاومة الشعبية، منها قوله:
ولا حد خالى من الهم /
حتى قلوع المراكب /
إوعى تقول للندل يا عم /
ولو كان على السرج راكب.
وأوضح سليم أن المماليك فقط هم من كانوا يركبون الخيل، فكان هذا المربع رسالة احتجاج ذكية ضد الظلم الاجتماعي، ثم أتبعها بقوله:
ولا حد خالى من الهم /
حتى السَّعَف فى جريده /
إوعى تقول للندل يا عم /
ولو كان روحك فى إيده.
وتحدث "ملك فن الواو" عن الجذور الفنية للمربع الشعبي، مبينًا أنه يتكون من أربع شطرات على بحر المجتث، قافيته الأولى مع الثالثة، والثانية مع الرابعة، مما يمنحه إيقاعًا خاصًا وجرسًا موسيقيًا فريدًا.
كما تناول سر التسمية، موضحًا أن كثرة جملة "وقال الشاعر" في بدايات المربعات أدت إلى تسمية الفن بـ"الواو"، وأضاف مبتسمًا: "كل فن واو مربع، لكن مش كل مربع فن واو".
واختتم سليم أمسيته بمجموعة من قصائده الفصحى والعامية، التي تفاعل معها الجمهور بحرارة، ومن بينها قوله:
مسكين من يطبخ الفاس /
ويريد مرق من حديده /
مسكين من يعاشر الناس /
ويريد من لا يريده.
لتتعالى التصفيقات في ختام ليلة حملت عبق الصعيد، ووهج الكلمة، وذاكرة الشعر الشعبي في أجمل صورها.