تتواصل فصول أزمة تأخر تسليم رفات الأسرى الإسرائيليين لدى حركة "حماس"، في ظل سعي تل أبيب لاستغلال الملف كذريعة للالتفاف على اتفاق وقف إطلاق النار، واتهام الحركة بالتنصل من التزاماتها، رغم ما تواجهه غزة من دمار واسع وتعقيدات ميدانية تعيق عمليات البحث تحت أنقاض الحرب التي استمرت لعامين.
            
            
اجتماع اليوم
وقال مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم، إن حركة "حماس" تنتهك اتفاق وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء سيعقد نقاشًا مع قادة وزارة الحرب لبحث سبل مواجهة هذه الانتهاكات.
وأكد نتنياهو أن "حماس" تنتهك وقف إطلاق النار، وأنها سلمت رفاتًا إضافيًا لرهينة قُتل، رغم أن القوات الإسرائيلية كانت قد عثرت على جثته سابقًا.
وزعم إعلام عبري أن "حماس" سلّمت أمس إسرائيل بقايا رفات أسير إسرائيلي سبق أن أعيد جثمانه في وقت سابق ودُفن داخل إسرائيل، وهو ما أكده نتنياهو.
وحسب وسائل إعلام عبرية، يعقد نتنياهو مساء اليوم جلسة نقاش لبحث فرض عقوبات على حركة "حماس"، بسبب ما وصفه بـ"تأخر الحركة في إعادة جميع رفات الأسرى الإسرائيليين" المحتجزة لديها.
وأوضحت وسائل الإعلام أن الحكومة ستتخذ خطوات حيال ما سمّته انتهاك "حماس" لاتفاق إعادة الجثث.
وفي أوساط الحكومة الإسرائيلية، حرّض وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن جفير، على حركة "حماس" بسبب قضية الأسرى.
ودعا سموتريتش رئيس الوزراء إلى عقد اجتماع للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية (الكابينيت) لمناقشة ما وصفه بخرق "حماس" للاتفاق.
من جانبه، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن جفير إن استمرار "حماس" في "التلاعب" وعدم تسليمها جثث الأسرى فورًا دليل على أنها لا تزال صامدة.
وفي غضون ذلك، دعت عائلات الأسرى الإسرائيليين إلى عقد لقاء عاجل مع رئيس الوزراء اليوم، لعرض الخطة الكاملة لإعادة جثث ذويهم.
ويأتي ذلك غداة مطالبتهم الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية والوسطاء بعدم الانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاقية حتى تفي "حماس" بجميع التزاماتها وتعيد كل الأسرى لديها.
واتهمت عائلات الأسرى حركة "حماس" بأنها تعرف بدقة مكان كل واحد من الأسرى لديها، مضيفة: "مرّ أسبوعان منذ الموعد النهائي المحدد في الاتفاقية لإعادة جميع الأسرى الـ48، ومع ذلك لا يزال 13 منهم في قبضة حماس"، على حد قولهم.
حماس تعلق
ومنذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار، سلّمت حركة "حماس" جثامين 17 أسيرًا إسرائيليًا من أصل 28، مؤكدة وجود صعوبات في العثور على بقية الجثامين بسبب تغيّر طبيعة أرض غزة بفعل حرب الإبادة التي شنها الاحتلال، مشيرة إلى أن بعض المشاركين في دفن تلك الجثامين قد استُشهدوا.
وأوضحت الحركة أن كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية يواصلون عمليات البحث على مدار الساعة بجدية يشهد عليها الجميع، لافتة إلى أن هناك غرفة عمليات مشتركة في القاهرة تضم الوسطاء وفريقًا من الاحتلال، بينما يتابع فريق المقاومة من الجهة المقابلة سير العمل أولًا بأول.
وفي سياق متصل، قالت وسائل إعلام عبرية إن إسرائيل قررت وقف جولات "حماس" الميدانية مع الصليب الأحمر في المناطق الخاضعة لسيطرتها بغزة.
وفي الساعات الماضية، تم الحديث عن أنه سُمِح لعناصر من "حماس"، رفقة فرق من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالدخول إلى مناطق داخل قطاع غزة تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، للبحث عن جثامين المحتجزين الإسرائيليين.
وفي التاسع من أكتوبر 2025، أُعلن عن التوصل إلى اتفاقٍ جديدٍ لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بدأ سريانه في اليوم التالي، وذلك خلال مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وفصائل فلسطينية تقودها حركة "حماس"، استضافتها مدينة شرم الشيخ المصرية، في إطار الخطة التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويُعدّ هذا الاتفاق الثالث من نوعه منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على القطاع، إذ تمّ التوصل إلى الاتفاق الأول في نهاية نوفمبر 2023 واستمر سبعة أيام، تلاه اتفاق ثانٍ في يناير 2025 دام نحو 58 يومًا، قبل أن ينهار كلاهما بسبب التعنّت الإسرائيلي.
وأوقف هذا الاتفاق حرب الإبادة الإسرائيلية التي استمرت لعامين ضد المدنيين العُزّل في قطاع غزة، حيث أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 238 ألف شخص، فضلًا عن دمار هائل لحق بالمنازل السكنية والبنى التحتية، ومجاعة أودت بحياة مئات الأشخاص.