قضت المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة موضوع، بإلزام محافظ البحيرة بالتضامن مع الصرف الصحي في تعويض فلاح
بمبلغ مائة ألف جنيه، لإقامة خطوط الصرف الصحي على جزء من أرضه، على نحو أدى إلى عدم
الانتفاع بملكه كاملًا، كما قضت برفض طلبه بإزالة خطوط الصرف، لكونها منافع مشتركة
للمواطنين .
صدر الحكم برئاسة المستشار
يحيى خضري نوبي نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين أحمد منصور، وناصر رضا عبد
القادر، والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، وعبد العزيز السيد نواب رئيس مجلس الدولة.
وقالت المحكمة، إنه عن
موضوع الطلب الأول للطاعن بإزالة خطوط شبكة الصرف الصحي المقامة على طول الأرض ملكه
البالغ مساحتها ثلاثة قراريط بالمشاع في 1 فدان و 1 قيراط و 16 سهما بحوض الساقية الكبيرة
والصغيرة 4 قسم أول " قهي " عزب قرطسا بمدينة دمنهور محافظة البحيرة، فإن
المشرع منح الوحدات المحلية مباشرة عدة اختصاصات من بينها إنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة
عمليات المياه والصرف الصحي ومركز الصيانة وإنشاء مزارع المجاري، وتزويد أرض التقسيم
بشبكة المجاري العامة، وفقًا للشروط التي تقررها الجهة القائمة على مرفق المجاري، والثابت
من تقرير الخبير المودع ملف الطعن الذي تطمئن إليه المحكمة أنه بالمعاينة على الطبيعة
وجد خط صرف صحي مارا في باطن الأرض ملك الطاعن في المساحة المتروكة من أرضه بالدور
الأرضي، وهي منطقة استلزم فيها إدخال مشروع الصرف الصحي كوسيلة للتطوير لذات المنطقة
لينتفع بها المواطنون المقيمون فيها جميعًا نفعًا عامًا مشتركًا بمن فيهم الطاعن.
وأضافت المحكمة، أن ثمة
قاعدة أصولية باتت مسلمة في مجال الفقه الإسلامي، وهو أحد روافد استقاء مبادئ الشريعة
الإسلامية المنبثقة من الكتاب الكريم والسنة النبوية الشريفة – ومبادئ الشريعة الإسلامية
المصدر الرئيسي للتشريع وفقا للمادة الثانية من الدستور المعدل - تتمثل في أن
" الضرر يزال " لأن الضرر هو ظلم وعدوان والواجب عدم إيقاعه، لذا يجب إزالة
الضرر الفاحش دفعًا له "مشار إليه بمجلة الأحكام العدلية"، وعلى الجانب الآخر
وفقًا للقاعدة الأصولية في الفقه الإسلامي - الواردة في ذات مجلة الأحكام العدلية
- فإن الضرر يجوز إزالته بضرر يكون أخف منه، ولا يجوز أن يزال بمثله أو بأشد منه، وما
من ريب أن طلب الطاعن بإزالة شبكة الصرف الصحي التي تم إدخالها لتطوير المنقطة التي
تقع فيها أرضه، لتحقيق منافع مشتركة للناس، وأن إزالتها تنال من هذا الانتفاع المشترك،
ويعطل وجوده بما يمس صحة المواطنين، وهو الضرر الأشد، وأن بقاء تلك الشبكة حال مزاحمة
الطاعن مع باقي المواطنين بدمنهور للانتفاع بها هو الضرر الأخف، ومن ثم فإن الضرر الأشد
يزال بالضرر الأخف، ما يكون معه طلب الطاعن في هذا الشق قائم على غير أساس سليم من
الواقع أو القانون، مما يتعين معه رفض هذا الطلب .
وأضافت المحكمة، أنه عن
موضوع الطلب الثاني للطاعن المتعلق بالتعويض عما لحقته من جراء وضع خطوط الصرف الصحي
في باطن أرضه، فإن الثابت من تقرير الخبير المودع ملف الطعن الذي تطمئن إليه المحكمة
أنه من المعاينة على الطبيعة وجد خط صرف صحي مار في باطن الأرض في المساحة المتروكة
من الأرض بالدور الأرضي ملك الطاعن وعمق هذا الخط من الجهة الغربية من أعلى بيارة الصرف
الصحي 1.8م ومن الجهة الشرقية من أعلي بيارة الصوف الصحي 2.5م وأن خط الصرف المسار
في الأرض أثر على الانتفاع بالأرض، حيث تم بناء الدور الأرضي فقط بمسطح أقل من المسطح
المرخص به، كما استبان من المعاينة على الطبيعة وجود شبكة صرف صحي بالمنطقة الواقع
بها الأرض، وكان يمكن مد المواسير وتغيير مسارها، بحيث لا تمر من أرض الطاعن، إلا أنها
لم تقم باختيار أفضل البدائل المطروحة أمامها، والتي إن استخدمتها الاستخدام الأمثل
لما طغت على حق الطاعن في الحد من الانتفاع بملكه على النحو السابق، مما أثر على انتفاع
الطاعن بالأرض، حيث تم بناء الدور الأرضي فقط بمسطح أقل من المسطح المرخص به، وهو لا
شك ضرر يؤدي إلى الانتقاص من انتفاعه بحق الملكية بصورة خالصة، مما يستنهض عدل هذه
المحكمة للحيلولة دون إرهاقه من أمره عسرا، بعد أن نال منه خطأ الإدارة شيئا نُكرًا،
وأضحي في ميزان الحق يقينًا خسرًا .
وأشارت المحكمة إلى أن
شركة المياه والصرف الصحي قد حلت حلولًا بقوة القانون محل رئيس هيئة الصرف الصحي بالبحيرة،
ما يتعين معه بأن يؤدي بالتضامن مع محافظ البحيرة إلى الطاعن تعويضًا مقداره مائة ألف
جنيه عن الأضرار المادية وحدها – دون الأدبية منها - التي حاقت به من جراء وضع خطوط
الصرف الصحي في باطن أرضه على نحو أدى إلى الانتقاص من حقه بالانتفاع بأرضه حال كونه
ليس أفضل البدائل التي كان في مكنة الإدارة اتباعها لتلافي تلك الأضرار، وهو ما يتعين
معه القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضدهما متضامنين
بأن يؤديا للطاعن مائة ألف جنيه كتعويض جبرًا لتلك الأضرار .