الأحد 5 مايو 2024

«كنز الملح المفقود».. المعوقات أمام صناعته محليًا ترفع فاتورة الاستيراد لـ 3.7 مليار جنيه سنويًا

تحقيقات9-1-2018 | 17:27

تصدرت أزمة شركات أنتاج الملح علي مدي الأيام القليلة الماضية  بين القائمين علي صناعته وبين المستوردين من الخارج  خاصة بعد اعلان استيراد البلاد لملح كلوريد الصوديوم خلال عامين بمبلغ 3,7 مليار دولار، مما أثار حفيظة الكثير خاصة وان مصر لديها شواطئ كثيرة ممتدة من بين البحر الأبيض والأحمر.

وللوقوف علي حقيقة الأمر توجهت «الهلال اليوم» إلي غرفة البترول والتعدين، من خلال المسئولين عن الأمر.

لا نستورد ملح طعام

في البداية أوضح تامر أبو بكر، رئيس غرفة البترول و التعدين باتحاد الصناعات، انه غير صحيح علي الإطلاق استيراد ملح الطعام الخاص بالاستهلاك المحلي، مؤكداً أن الاستيراد ينصب فقط  علي المنتج النهائي الذي يحتوي علي المنتجات الكيماوية التي تدخل في صناعة البويات والمصنوعات الجلدية  والخزف  والمبيدات الحشرية والكثير من الصناعات.

وقال أبو بكر إن مصر لا تستهلك من ملح الطعام إلا 3% فقط من إجمالي الإنتاج، مشيراً إلى أن السبب وراء  ارتفاع فاتورة استيراد «ملح كلوريد الصوديوم»، هو تصدير كميات الملح المصري كمادة خام ثم إعادة استيرادها في شكل منتجات كيماوية بأسعار مرتفعة.

وأكد رئيس الغرفة، أن مصر من الدول التي تنتج ملح يتم تصديره للعديد من دول أوروبا التي تستخدمه كملح صناعي لإذابة الجليد، موضحاً أن الغرفة تعكف حالياً على دراسة طرق تصنيع المنتج الكيماوي من الملح بدلاً من تصديره خام لتعظيم القيمة المضافة، وتحويل الخام إلي منتج نهائي يصلح لأي استخدام في الصناعات المختلفة.

يدخل فيها 14 ألف عملية صناعية

وعلي الجانب الأخر  يري دكتور عبد اللطيف الكردي، وكيل غرفة البترول والتعدين باتحاد الصناعات، أن الملح ثروة قومية لم تستغل كما ينبغي، بالإضافة إلي أن صناعة الملح ركيزة أساسية في أغلب الاستخدامات الصناعية بطريقة مباشرة وغير مباشرة.

وأضاف الكردي أن صناعة الملح يدخل فيها 14 ألف عملية صناعية في مجال الصناعات الكيماوية ويمثل الاستهلاك الأكبر من «الملح كلوريد الصوديوم».

أبرز استخدامات ملح «كلوريد الصوديوم»

وأشار وكيل غرفة البترول والتعدين، إلى أن «ملح كلوريد الصوديوم» يدخل في إنتاج العديد من المنتجات منها الصودا الكاوية, والكلور, وكربونات الصوديوم, وصناعة الزجاج، والصابون ودباغة الجلود، وصباغة النسيج، وصناعة الورق، بالإضافة إلي صناعة السيراميك, والبلاستيك, وسوائل التنظيف, والأسمدة, والحرير الصناعي، كما يستخدم في  الصناعات الغذائية الجبن واللحوم المعالجة، والمخلات، والخبز بالإضافة إلي صناعة الأغذية المحفوظة والحلويات .

4 مليون طن إنتاج مصر للملح

وتابع الكردي، أن للملح  استخدامات أخري في صناعة البتروكيماويات، والحديد والصلب، والخزف، وتغذية المواشي، والطب الوقائي وتكرير الزيوت، وصناعة الأدوية والمبيدات الحشرية، موضحاً أن إنتاج مصر من الملح 2011 بلغ 3 مليون ونصف المليون طن تقريباً كما بلغ الإنتاج في عام 2016 نحو 4 ملايين و800 ألف طن بنسبة 2% من الإنتاج العالمي للملح.

ويبلغ الإنتاج العالمي للملح 255 مليون طن، وتبلغ قيمة وإرادات مصر من منتجات الملح المختلفة خلال الأعوام من 2014 إلي 2016  3 مليار و697 مليون دولار.

نتوسع في إنشاء محطات تحليه

وأكد انه يتم حالياً  التوسع في إنشاء محطات تحليه مياه البحر بالمناطق البعيدة والمنتشرة علي طول سواحل البحرين الأبيض والأحمر، باستخدام التكنولوجيا الحديثة سوف ينتج عنها  كميات هائلة من المحاليل الملحية الناتجة من تحليه مياه البحار الأمر الذي سيودى إلي إنشاء العديد من مشروعات إنتاج الملح عالي النقاوة.

الأسباب وراء الاستيراد

يري الكردي أن عملية الاستيراد ترجع إلي معوقات وتحديات تواجه صناعة وتصدير الملح، و تتضمن تأخر الحصول علي تصريح التصدير من وزارة الصحة والتضرر من الموافقات التصديرية القصيرة لمدة 3 شهور، واشتراط هيئة الثروة المعدنية لتحديد جهة التصدير، بالإضافة إلي انتشار المنتجات الرديئة والمقلدة، وضعف رقابة الدولة علي سوق الملح الداخلي، بالإضافة إلي التشريعات والقوانين المتضاربة، وفرض الضرائب العقارية علي أراضي الملاحات بقيمة جزافية وارتفاع أسعار الكهرباء والغاز .

كما تشمل المعوقات تصدير الملح وتأخر إصدار موافقة وزارة الصحة للإفراج عن شحنات الملح المصدرة للخارج، مما يتسبب في تأخير عملية التصدير، كما تعد بيروقراطية التصاريح وتعطيل نتائج تحليل العينات وسرعة الموافقة التصديرية أهم أسباب تقدم صناعة الملح

وأشار إلى أن مصدري الملح  يتضرروا من قصر مدة الموافقة التصديرية بـ3 شهور فقط مع تحديد جهة واحدة للتصدير الدول المستوردة مسبقاً وهو ما يضيف أعباء مالية وإدارية جديدة علي التصدير.

العراقيل في صناعة الملح

 وأوضح وكيل الغرفة، أن أحد أسباب عرقله صناعة الملح، هي اكتشاف الملح الصخري بمنخفض القطارة، وقيام شركات غير متخصصة لقلة  تكلفة الاستخراج مما افقد الملح المنتج قيمته، بالإضافة إلي وفرة المعروض مما تسبب في انخفاض السعر وإهدار الثروة الطبيعية للبلاد.

كما ظهرت في الآونة الأخيرة المصانع غير القانونية التي تقوم بإعادة التعبئة للملح وطحنه وتجهيزه للاستهلاك الآدمي وطرحة في عبوات بأسماء تجارية تتشابه في الاسم وشكل العبوة مع المنتجات الأصلية للشركات المنتجة بهدف إحداث لبس مستغلة  ثقة المستهلك في إنتاج الشركات المعتمدة .

التصدير العشوائي

 كما يأتي عملية إصدار الترخيص للملاحات العشوائية من خلال الأجهزة المحلية بالمحافظات بدون تطبيق شروط إنتاج الملح بالإضافة إلي غياب الرقابة علي أسواق الملح.

متطلبات الغرفة

وطالب وكيل غرفة البترول والتعدين بمراجعة التشريعات الخاصة باستخراج الملح وعملية تصنيعه وتشديد الرقابة علي الأسواق والملاحات، وضرورة تنشيط قرار وزير التجارة والصناعة، بإلزام مطابع مواد التعبئة والتغليف بالتسجيل بمصلحة الرقابة الصناعية بالإضافة إلى طبع الرقم التسجيلي علي المطبوعات للرجوع إليه.

بالإضافة إلى حظر عرض أي منتجات غير مدون علي أغلفتها من الخارج  عنوان المصنع ورقم التسجيل لحماية المستهلك.

تشجيع المستثمرين

كما يري وكيل الغرفة ضرورة تشجيع المستثمرين للدخول في مجال صناعة وتصدير الملح المصري  بشكل كامل  لزيادة القيمة المضافة، وإقامة ملاحات صناعية متكاملة وفقاً لأحدث التقنيات في أماكن الملاحات الطبيعية  مع  منح التراخيص للشركات أو الأفراد ذات الخبرة.

وطالب وكيل الغرفة بحظر نقل الملح من مناطق الملاحات للقطاع الخاص إلا في عبوات سليمة ومدون عليها كل ما يخص المنتج وأحكام السيطرة علي تداول الملح  غير المطابق للشروط والمواصفات بالأسواق، وتشديد العقوبات علي المخالفين  من الصناع أو التجار.

 وطالب وكيل الغرفة بمراجعة التقديرات الجزافية لقيمة الضريبة العقارية علي الملاحات المنتجة للملح التي تصل لملايين الجنيهات ومنع  تقدير  إيجارات جزافية للملاحات عن طريق المحليات بالمحافظات والتصدي لعمليات التعدي  علي أراضي الملاحات.

كما اكد وكيل الغرفة علي مراجعة  ارتفاع أسعار الطاقة حيث تعتمد صناعة الملح علي الطاقة وخلال الـ10 سنوات الأخيرة تم تحرير أسعار الطاقة مما أدي إلى زيادة  تكاليف الإنتاج.

وأخيراً تشديد العقوبة علي الغش التجاري للملح لتصل للسجن وغلق المنشاة وإصدار موافقات تصديرية لمدة سنة لجميع دول العالم، وسرعة موافقة وزارة الصحة علي شحنة التصدير، وتشكيل لجنة متخصصة لوضع ضوابط التصدير للحفاظ علي سمعة الملح المصري.