كتبت: إيمان النجار
حبس الطبيب محمود ناصر، نائب قسم العظام بطب الزقازيق، وإخلاء سبيله الأسبوع الماضي، كان الخبر الأكثر إزعاجا فى الأوساط الطبية، الإزعاج الذى سينتقل خلال الفترات المقبلة - بحسب الأطباء - للمرضى أيضا، فإذا كان الأطباء يتخوفون الآن - وبعد حبس الطبيب لهذا السبب - من توجيه المريض أو أهله لتوفير أى دواء أو مستلزمات طبية على نفقته لعدم توافرها فى المستشفي، فسيبقى المريض بين أمرين، الأول أن يتوجه بلشكوى إلى إدارات المستشفيات - وهى على علم بعدم توفر العديد من المستلزمات -، والثانى أن يظل دون تلقى الخدمة الطبية فى المستشفى.
فعلى الرغم أن واقعة حبس الطبيب كانت هى الأولى من نوعها لطلبه من مريض دفع ثمن خدمة طبية أو فارق تكلفة، لكنها ليست الأولى أن يشترى المرضى أو يدفعوا فرق تكلفة خدمة طبية لدرجة أصبح معها أمرا طبيعيا.
الأزمة تبعتها تداعيات عدة منها، لجوء نقابة أطباء أسوان لتوجيه تنبيه للأطباء بعدم كتابة أى أدوية أو مستلزمات لا تتوفر بالمستشفيات؛ إلا بأمر من مدير المستشفى، حتى لا يتعرض الأطباء للمسئولية القانونية.. أيضا لجأ قسم الجراحة العامة بقصر العينى بإصدار منشور للتنبيه بمنع دخول أى مناظير أو غيارات أو دباسات من خارج المستشفى للمرضى وللعمليات ولا يتم شراء أى مستهلكات بواسطة الأطباء أو المرضى داخل المستشفى فى أقسام الجراحة العامة.. وكان المنشور الأكثر ترجمة لواقع العديد من المستشفيات، لمستشفى أمراض وجراحات القلب والأوعية الدموية بجامعة عين شمس، حيث نص على « نظرا لنفاد الكميات الموجودة بالمخازن من الكانيولات؛ فقد تقرر عدم دخول أى مريض للعمليات اعتبارا من ١٧ ديسمبر لحين توفير المستلزمات من المناقصة القادمة، والتى أوشكت على إنهاء إجراءاتها، ويجرم تعقيم أى كانيولات أو خيوط جراحية أو قساطر قلبية أو مخية».
الدكتورة منى مينا، الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء، قالت «تعود قضية طبيب مستشفى طب الزقازيق لتوقف بعض الشركات عن توريد مستلزمات عمليات العظام بالمستشفى، لأن سعر المناقصة غير متوافق مع الأسعار الجديدة، وأصبح النظام المعمول به أن يدفع المريض فارق السعر للشركة الموردة، إذا كان قادرا، ولو غير قادر تتم مخاطبة إحدى لجان رعاية المرضى للدفع، ولأن القسم به منظار ركبة واحد يعمل، مما تسبب فى قوائم انتظار، لجأت المستشفى لتأجير منظارين ولم يتم التعاقد رسميا من قبل المستشفى، لأنها لا تستطيع دفع إيجار المنظارين، واستمر الوضع بدفع المرضى للشركة، إلى أن اعترض أحد المرضى على دفع المقابل وله الحق، وأبلغ الجهات الرقابية وتم التسجيل وألقى القبض على الطبيب وتم إخلاء سبيله بضمان وظيفته.. وما حدث أظهر الدكتور ككبش فداء لمنظومة تعانى من ضعف الإمكانات والتمويل والميزانية ونقص المستلزمات والأدوية.
أما الدكتور خالد سمير، أستاذ جراحة القلب بجامعة عين شمس، فقال «لا يوجد طبيب يعمل فى مستشفى حكومي؛ إلا وطلب من مريض شراء دواء ناقص أو مستلزم طبى غير متوفر، وما فعله طبيب الزقازيق يفعله جموع الأطباء، لدرجة أنه أصبح أساس العمل حاليا مع نقص المستلزمات والأدوية.. وبعد حبس الدكتور محمود ناصر سيمتنع الأطباء عن إرسال المرضى لشراء النواقص، وهنا ستتفجر حجم المشكلة الحقيقي، فالأطباء وجدوا أنهم معرضون للسجن بسبب أنهم يحاولون تسيير العمل، مع العلم أن القوانين تمنعنا من استخدام أى أدوية أو مستلزمات يتم شراؤها بغير إدارة المستشفي، ويعرض الطبيب لعدة اتهامات منها، التربح من وراء ذلك مثلما حدث مع طبيب الزقازيق، أو استخدام أدوية غير مطابقة للمواصفات الفنية المحددة، أو استخدام مستهلكات ومستلزمات غير معروفة المصدر، وتعريض المريض للخطر.. والموضوع ظهر للبعض أنه فساد رغم أن الموقف بعيد كل البعد عن هذا، فتم تضخيم الموضوع والإساءة للأطباء دون التعريف بمشكلة حقيقية وهى نواقص المستلزمات والأدوية فى المستشفيات.. وسيكون رد فعل الأطباء فى حال عدم توفر المستلزمات أو الأدوية مستثبلا، إما توجيه المرضى لإدارة المستشفى، أو البحث عن الخدمة فى مكان آخر.