يحتفل اليوم 8 نوفمبر الفنان محيي إسماعيل، بعيد ميلاده الذي يعد أحد الذين تجاوزوا حدود الأداء التقليدي، فحول الجنون إلى فن، والتعقيد إلى متعة بصرية وفكرية جعلت الجمهور يراه كـ"حالة" أكثر منه مجرد ممثل، وما زال اسمه حاضرًا بقوة في ذاكرة الفن المصري بفضل أدواره الجريئة وشخصيته الفلسفية التي صنعت منه أسطورة مختلفة.
وُلد محيي إسماعيل في محافظة البحيرة لأسرة تهتم بالتعليم، حيث كان والده من رواد التربية بالمحافظة، ودرس الفلسفة قبل أن يقرر دخول عالم التمثيل، ليصبح لاحقًا أحد أبرز من جسّدوا الأدوار المركبة والنفسية الصعبة التي حفرت اسمه في وجدان الجمهور.
بدأت رحلة إسماعيل مع أدوار لا يستطيع كثيرون خوضها، فتميّز في أفلام مثل "الأخوة الأعداء" أمام نور الشريف ومحمود مرسي وحسين فهمي، ليقدم أداءً استثنائيًا جعل النقاد يصفونه بأنه "ممثل من طراز خاص".
وفي "الرصاصة لا تزال في جيبي"، تألق في دور القائد الإسرائيلي الأسير، وهو الأداء الذي نال إعجاب الفريق الجمسي نفسه، لما حمله من واقعية واحتراف، كما تألق في فيلم "دموع الشيطان" عام 1986، حين جسّد شخصية شاب مضطرب نفسيًا يتحول إلى قاتل متسلسل، مؤكّدًا قدرته على الغوص في أعماق النفس البشرية بجرأة وذكاء.
لم يكن محيي إسماعيل مجرد فنان، بل فيلسوف في الحياة، فقد تحدث في لقاءات سابقة عن إصابته بالاكتئاب ونظرته الفلسفية للعالم، قائلاً: "تعلمت فلسفة ولا حاجة، لأني اكتشفت أن كل شيء زائل."
كما عبر عن احترامه للمرأة قائلاً: "المرأة أقوى من الرجل بمراحل، والحياة أنثى لا ذكر"، أما عن شغفه المميز فقال: "أنا بحب الأكل وأحترمه، أول ما أسافر أي بلد بروح آكل."
بعيدًا عن عمق شخصياته، عُرف محيي إسماعيل بروحه الساخرة وتصريحاته العفوية التي تحولت إلى "إفيهات خالدة"، من بينها: "أنا مش ممثل.. أنا عبقري"، "عملت عيد ميلاد بخيارة، مفيش قواعد للتورتة"، "أنا بطاوي النزعة"، "عندي فائض حوار في بوقي"، "مرة واحد مؤدب بص في الساعة لقاها واحدة، اتكسف أوي".
يظل محيي إسماعيل واحدًا من أكثر الفنانين تفردًا في تاريخ السينما المصرية، جمع بين الفلسفة والجنون، العمق والمرح، فكان مرآة لزمن كامل من الإبداع المختلف.
وفي عيد ميلاده السابع والسبعين، يحتفي جمهوره برجل لم يُمثل فحسب، بل عاش الفن بكل تفاصيله، فاستحق أن يُقال عنه: “ظاهرة لا تتكرر.”