قال وكيل الأزهر الشريف فضيلة الدكتور محمد الضويني، إن تخرج أبنائنا الوافدين اليوم يمثل مرحلة عظيمة في مسيرة العلم والعطاء، فهو ثمرة جهد وسهر ومثابرة في رحاب الأزهر الشريف، الذي ظل عبر تاريخه الطويل منبعًا لتخريج العلماء العاملين الذين يجمعون بين علوم النقل والعقل، ويكرسون جهودهم لترسيخ قيم الحق والعدل والسلام في العالم.
وأكد الدكتور الضويني - في كلمته خلال احتفالية الأزهر بتخريج دفعة جديدة من الطلاب الوافدين لعام 2025 - أن الأزهر الشريف يفخر باستقبال أبنائه الوافدين من شتى دول العالم، ويوفر لهم كل سبل الدعم والتيسير، ويحرص على تأهيلهم بالعلوم الشرعية والعقلية ليكونوا خير سفراء في بلادهم ينشرون رسالة الإسلام السمحة، وفق المنهج الأزهري الوسطي المعتدل.
وأوضح أن الأزهر أولى طلابه الوافدين اهتمامًا بالغًا، وشهدت منظومة رعايتهم تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة من خلال الخدمات التعليمية والثقافية والاجتماعية التي تسهم في تخريج علماء مستنيرين قادرين على حمل رسالة الأزهر للعالم، مشيرًا إلى أن الأزهر سخر كل إمكاناته لتوفير بيئة علمية وتربوية تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وترعى الطلاب من الجوانب العلمية والنفسية والاجتماعية.
وأضاف فضيلته أن الأزهر يهتم برعاية طلابه الوافدين نفسيًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا، حيث ينظم لهم المخيمات الثقافية والمنتديات الحوارية والمسابقات القرآنية والفنية والرحلات الترفيهية، لتكون حياتهم في مصر مزيجًا بين العلم والمعرفة والثقافة والرفاهية الهادفة، كما يشاركهم في العديد من الفعاليات الدعوية والعلمية داخل مصر وخارجها ليكونوا جزءًا فاعلًا من رسالته العالمية في تصحيح المفاهيم ومواجهة الغلو والتطرف.
وأشار إلى أن الأزهر يعمل على دمج طلابه الوافدين في النسيج الثقافي المصري من خلال الأنشطة والبرامج المتنوعة التي ينظمها قطاع الوافدين، ليكونوا رسل تواصل ثقافي بين الشعوب، ينقلون صورة الإسلام الصحيحة إلى العالم بلغات متعددة، ويُسهمون في تعزيز قيم التفاهم والتعايش والسلام، مؤكدا أن خريجي الأزهر يمثلون الجسر الذي تعبر عليه الأمة نحو النهضة والاستقرار، إذ يعودون إلى أوطانهم مزودين بنور العلم والمعرفة، يسهمون في تأسيس الأنظمة التعليمية والدعوية على أسس علمية راسخة، وينشرون الوعي والاعتدال، ويعززون الوحدة الوطنية والفكر الوسطي في مجتمعاتهم، فيكون لهم دور كبير في تقوية بنيان أوطانهم ومواجهة التطرف والفتن.
ودعا فضيلته أبناء الأزهر الخريجين إلى أن يكونوا ورثة للأنبياء بحقٍّ، يجمعون بين العلم والإصلاح والعمل المخلص، ويواصلوا طريق طلب العلم ونشر الجماليات الإنسانية في الدين الإسلامي، ويبرزوا رحمته وسماحته وعدله، موضحًا أن وراثة العلماء للأنبياء لا تقتصر على العلم فحسب، بل تمتد إلى حمل رسالتهم في التغيير والإصلاح وإنقاذ الأمة من أزماتها الأخلاقية والفكرية.
واختتم وكيل الأزهر كلمته بالتأكيد على أن الأزهر سيظل منارة علم وبيتًا جامعًا لأبناء الأمة الإسلامية من شتى بقاع الأرض، يهيئهم ليكونوا دعاة سلام وحملة رسالة الأزهر في الاعتدال والوسطية، مشددًا على أن تخرجهم اليوم ليس نهاية الطريق، بل بداية رحلة جديدة في الدعوة والإصلاح، داعيًا إياهم إلى أن يكونوا سفراء للأزهر ولمصر، يحملون علمهم وقيمهم إلى العالم بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يظلوا أوفياء للأزهر وأساتذته الذين غرسوا فيهم العلم والإيمان.
وفي السياق ذاته، أكدت مستشار شيخ الأزهر للطلاب الوافدين الدكتورة نهلة الصعيدي أن الأزهر الشريف، برعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أولى الطلاب الوافدين اهتمامًا خاصًّا باعتبارهم قوة ناعمة ورسالة عالمية للأزهر، مشيرة إلى أن الأزهر ظل عبر تاريخه الطويل منارةً للعلم والوسطية وموئلًا للطلاب من شتى بقاع الأرض.
وأوضحت الدكتورة نهلة الصعيدي - في كلمتها خلال حفل تخرج الطلاب الوافدين - أن الأزهر فتح أبوابه منذ أكثر من ألف عام أمام طلاب العلم من مختلف الجنسيات واللغات والثقافات، فصار نموذجًا فريدًا للتعايش الإنساني والوحدة الروحية؛ حيث تذوب الفوارق في محراب العلم، وتتوحد القلوب على المحبة والإخاء، مؤكدة أن هذا التنوع هو سرّ تميز الأزهر وخلوده.
وأضافت الدكتورة نهلة أن الأزهر الشريف عمل في السنوات الأخيرة على تطوير البرامج التعليمية والرعاية المقدمة للوافدين، من خلال مراكز متخصصة لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وبرامج تدريبية قيادية ودعوية، إلى جانب إطلاق منصات رقمية ومشروعات ذكية تتيح للطلاب متابعة دراستهم من أي مكان في العالم.
كما أشادت بما قدمه الوافدون خلال دراستهم من نماذج مشرقة في الجد والاجتهاد والالتزام، مؤكدة أن رحلتهم لم تكن طريقًا مفروشًا بالورود، بل مليئة بالتحديات التي تغلبوا عليها بالصبر والعزيمة، حتى استحقوا هذا اليوم المشهود الذي يُتوج سنواتٍ من السعي والمثابرة في طلب العلم وخدمة الرسالة.
وأشارت إلى أن هذه الجهود تنطلق من رؤية أزهرية عميقة تؤمن بأن رسالة الأزهر لا تتوقف عند حدود الوطن، بل تمتد لتشمل العالم كله، مشيدة بما حققه الطلاب الوافدون من إنجازات علمية وفكرية وبحثية متميزة في مجالات متعددة، منها قضايا البيئة والمناخ، وتوظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في خدمة التعليم والقيم الإنسانية.
واختتمت كلمتها بتهنئة الخريجين والخريجات على ما حققوه من نجاح وتميّز، مؤكدة أن شهادة الأزهر ليست ورقةً فحسب، بل وسام شرف ومسؤولية، داعية أبناء الأزهر إلى أن يكونوا دعاة للسلام والتسامح، وسفراء للنور والعلم في أوطانهم، يحملون رسالة الأزهر في الاعتدال، والعقل، والرحمة، والعمل الصادق.