ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أنه بعد شهور من الجمود، يبدو أن مسار التفاوض بشأن الحرب الروسية الأوكرانية يشهد تحركا جديدا ، فوفق تقارير إعلامية أمريكية، تعمل واشنطن وموسكو سرا على صياغة خطة سلام جديدة تتضمن 28 بندا، وسط تفاؤل من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإمكانية التوصل لاتفاق قريب، ربما خلال أيام.
وأوضحت المجلة الأمريكية أن مفاوضات السلام كانت قد تعثرت منذ القمة البارزة التي جمعت ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ولاية ألاسكا خلال أغسطس الماضي غير أن مؤشرات جديدة تكشف عن إعادة إحياء المحادثات، وأن الإدارة الأمريكية ترى في هذه المرحلة "فرصة واعدة لاختراق تفاوضي كبير".
وأشارت إلى أنه رغم قلة التفاصيل حول مضمون الخطة، إلا أن التقارير تشير إلى أن صياغتها استُلهمت من "خطة غزة" التي وضعها ترامب وتتألف من 20 بندا ، ولكن غياب المعلومات الدقيقة عن بنودها، يجعل من الصعب توقع أي جانب قد يثير اعتراضا أو يتحول إلى عقبة لاحقة في المفاوضات.
ورأت المجلة أنه رغم ما سبق، تعد الخطة المنتظرة أبرز بوادر التقدم في مسار السلام منذ أسابيع. ووفقا لموقع "أكسيوس" الأمريكي، يتركز جوهر الخطة على أربعة محاور: تحقيق السلام في أوكرانيا، ترتيبات الضمانات الأمنية، مستقبل الأمن الأوروبي، وأخيرا مستقبل العلاقات الأمريكية مع كييف وموسكو.
ولفتت "فورين بوليسي" إلى أنه طوال السنوات الماضية، طالبت روسيا بتنازلات واسعة من أوكرانيا، شملت فرض قيود على تحالفاتها العسكرية، ومنح موسكو دورا في تحديد حجم جيشها وتسليحه، فضلا عن قبول تنازلات إقليمية..كما سبق وطرحت موسكو مطالب تتعلق بالوجود العسكري لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في أوروبا الشرقية، بما في ذلك الانسحاب الضمني لقواته من دول البلطيق..ويرجح محللون أن روسيا لن تقدم أي تغيير جذري لمطالبها، نظرا لمكانة هذه المطالب الاستراتيجية في حسابات الكرملين.
جدير بالذكر أن الخطة الجديدة تبلورت -وفقا للمجلة- خلال لقاءات سرية في مدينة ميامي الأمريكية استمرت ثلاثة أيام في أواخر أكتوبر، جمعت المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، والمبعوث الروسي كيريل ديمترييف أحد المقربين من بوتين الذي أبدى تفاؤله بفرص نجاح الخطة.. قائلا :"إن الموقف الروسي يسمع أخيرا".
ووفقا لمراقبين، فإن حضور ديمترييف المعروف بتوجهاته الاقتصادية، قد يشير إلى أن جزءا من الخطة يتعلق بإحياء التعاون الاقتصادي بين واشنطن وموسكو.
ورغم هذا التفاؤل، أكد الكرملين أن موقفه لم يتغير فيما لايزال موقف كييف من الخطة غامضا..ووفقا لموقع "أكسيوس"، فقد ناقش ويتكوف تفاصيل المبادرة مع مستشار الأمن القومي الأوكراني رستم أوميروف في ميامي هذا الأسبوع، لكن من غير الواضح ما إذا كانت أوكرانيا على استعداد لتبنيها، حيث أكدت كييف مرارا أنها لن تقبل بأي اتفاق سلام لا تكون طرفا أساسيا في صياغته.
وتأتي هذه التطورات في توقيت حرج بالنسبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي يواجه أزمة فساد متصاعدة تضعف موقفه داخليا إلى جانب الضغوط الميدانية مع التقدم الروسي الأخير في منطقة دونباس، وخاصة في مدينة باكروفسك. ويرى مسؤولون في إدارة ترامب أن هذه الظروف قد تمنح خطة السلام زخما إضافيا، سيتم تعزيزها خلال زيارة وفد عسكري أمريكي رفيع بقيادة وزير الجيش دان دريسكول إلى كييف.
وحول مواقف الحلفاء الأوروبيين .. قالت المجلة إن هذه المواقف غير واضحة، مع إصرار معظم القادة الأوروبيين على ضرورة التوصل إلى سلام "لا يقدم تنازلات كبيرة لروسيا".
وأخيرا، وبينما يتذبذب ترامب بين دعم أوكرانيا أو الدفع نحو تسوية مع موسكو، لا تزال هوة الخلاف حول شروط إنهاء الحرب واسعة، خاصة منذ انهيار القمة المقترحة في بودابست الشهر الماضي، ما يشير إلى أن أي آمال معقودة على تسوية هذا الملف سيكون عليها الانتظار لحين تحول الخطة "السرية" إلى واقع ملموس.